طال صبرنا, وعجزت عقولنا عن تحمل ذلك الهراء والعبث الذي نعيش فيه منذ أن أعلنت جبهة تدمير مصر عن الاحتفال بالذكري الثانية لثورة25 يناير, التي تحولت إلي كابوس مزعج وطوق معاناة, وجبال من الهموم, تجسم فوق صدور المصريين الغلابة, الذين انخدعوا بالثورة والثوار, والذين خانتهم الزعامات الوهمية, التي تاجرت ولا تزال تتاجر بأوجاعهم وأحلامهم, وتجعل من أولادهم وبناتهم حطبا ووقودا لحرق الوطن. وصل الأمر بملايين المصريين أن كفروا بتلك الثورة التي كانوا يفتخرون أن شبابهم كان مشاركا فيها, وأنهم ساعدوا علي استمرارها, واشتعال لهيبها حتي أحرق عرش الطاغية, بعد أن كنا جميعا قد ركبنا حصان الثورة, وحلقنا معه في سماء الأحلام, نبني قصور الآمال علي رمال الواقع الذي أصبح بحرا من الرمال المتحركة, تغوص فيه مصر يوما بعد يوم, حتي كادت تغرق سفينة الوطن, التي لم تعد قادرة علي مواجهة تلك الأمواج المتلاطمة من فتن الليل المظلم, التي تحركها رموز لا تنتمي إلي مصر أو المصريين, وإنما هم استؤجروا حتي يخربوها ويشعلوا النيران في كل ربوعها. حال المواطن المصري البسيط الفقير الذي انكوي بنيران المعاناة طويلا وصل به الأمر إلي أن يقول ولا يوم من أيام اللامبارك وهذا هو ما خطط وما دبر له أعداء مصر, الذين كانوا أسرع في الحركة وتجميع الصفوف من الثوار, الذين أخفتهم حركة المد والجذر, وتشرنقوا داخل قفص الحلم, فتاهت بهم الطريق, وسلبهم من سرق الثورة كل قدرة علي الفعل, فاكتفوا بالكلام والشعارات, وساروا في ظل من يسعي إلي السلطة, ولا يسعي لتحقيق أهداف الثورة فتفرقت بهم السبل. تاه بنا الطريق وسط إعلام فاسد مأجور جمل من صورة الباطل, وأزهق روح الحق, بسياط الكذب التي ألهب بها عقول الناس ليل نهار, والتي يجيد استخدامها من تدربوا علي التلون والتخفي الذين يتقاضون الملايين, وهم يعذبون الجماهير في كل ثانية يطلون عليهم فيها, تزداد أرصدتهم في بنوك الغرب, بينما يزيدون الناس حيرة وبلبلة, وترتفع أسوار الفتنة في عقولهم وقلوبهم, ويدفعونهم دفعا للحرق والتدمير والتخريب. من كانوا يناصرون مبارك بالأمس ويهللون لابنه جمال ويبشرون بالجنة الموعودة للمصريين في عهده, راحوا في وصلة نفاق فج يتغنون بالثوار, بعد أن كانوا يصفونهم بأحط الأوصاف, بل صاروا هم ثوارا, وها هم الآن ينقلبون علي الرئيس, ويدمرون مصر علي رؤوس الثوار والفقراء, لأنهم يتقاضون أموالهم من جيوب المتاجرين بالأنقاض, وأكياس الدم, وتهريب الأسلحة, وكل ذلك يمكن أن يتوقف لو نجحت الثورة حقيقة, ولو تحققت أهدافها علي يد أصحاب الأغلبية الذين صورهم الإعلام المأجور بالخونة واللصوص, وللأسف انطلت الخدعة علي الجميع وصدقوا زعماء جبهة التدمير, وانتشر الخراب, واشتعلت الحرائق, وكفر الناس بالثورة, فهي لم تأت لهم لا بالحرية ولا بالعدالة الاجتماعية, وإنما جاءتهم بتعطيل الأحوال, وازدياد الفقر والمعاناة, وتدهور الاقتصاد, حتي أصبح الناس يخشون علي غدهم في ظل فوضي أمنية, وضياع هيبة الدولة, وانتشار البلطجة, التي أصبحت هي التي تحكم كل الأمور. وهنا لابد أن نسأل أين الحكومة من كل ما يحدث؟ لماذا أصبحت بهذا الضعف المخزي؟ وما هو دورها في مصر حاليا؟ ولماذا لا تحمي الناس؟ والاجابة تأتي أيضا علي لسان الناس, وهو كيف تحمينا الحكومة وهي عاجزة عن أن تحمي نفسها, حتي قصر الرئيس وصلت إليه الحرائق, فهل هذه حكومة؟ والحق كل الحق عند الناس, فما يحدث يؤكد بالدليل القاطع ما يقولونه, فالحكومة تنام في العسل, أو بمعني آخر أدمنت الصمت, وارتضت أن يكون دور الشرطة هو مواجهة الشغب, وإطلاق قنابل الغاز علي المتظاهرين, وإلقاء القبض علي بعضهم, دون مواجهة حقيقية, لاحتياجات الناس وتحقيق أهداف ثورتهم, ولا هي كشفت عن تلك الأطراف التي تدمر وتخرب وتحرق في مصر حتي كره الناس الثورة وكرهوا كل الرموز التي تتصارع علي السلطة. لا أريد أن أقولها رغم أن الكثيرين قالوها, ما كان أغنانا عن تلك الثورة التي أوقفت حالنا, ومنهم لله من يتاجرون بأحلامنا وأوجاعنا. رابط دائم :