منذ أيام سافرت إلي الريف لقضاء بعض الأيام هناك, وكالعادة التف حولي أهل القرية يتحدثون في السياسة, وكان الموضوع الذي استحوذ علي المناقشة الإخوان المسلمين, مع العلم أنني دقهلاوي, والدقهلية للأسف كانت من المحافظات التي انحازت بدون مبرر للفريق الهارب أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة, أي أنهم معادون للرئيس مرسي ولجماعة الإخوان المسلمين, خاصة أن معظمهم من الذين يكونون وجهات نظرهم متأثرين بالإعلام, ومعظمهم من جمهور توفيق عكاشة, والذين تأثروا بخزعبلاته, وتهجمه علي جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة, وعلي الرئيس محمد مرسي. للأسف كان هجومهم مبنيا علي السماع وبناء علي كلام الإعلام, من خلال برامج التوك شو, التي كان هم مقدميها وشاغلهم منذ قيام الثورة وبعد الانتخابات البرلمانية بوجه خاص الهجوم علي الإخوان المسلمين, وعلي التيارات الإسلامية, وإلصاق التهم بهم, وتصويرهم علي أنهم لاهدف لهم سوي التكويش والاستحواذ علي السلطة, وعلي كل شيء, وراحوا يرسمون صورة سيئة وقبيحة لهم, وكأنهم الإخوان اليهود, فهم الذين خانوا الثوار, وهم الذين تآمروا مع المجلس العسكري, وهم الذين يساعدون حماس, وهم الذين فتحوا السجون, وهم بطبيعتهم كاذبون, وغيرها من الاتهامات التي روجتها أجهزة الإعلام التي يسيطر عليها الإعلاميون المتحولون, الذين كانوا من رجال نظام اللامبارك ثم انقلبوا ضده بعد الثورة, وما أن اختلفت القوي السياسية وتوارت القوي الثورية حتي عادوا إلي طبيعتهم وأجروا أنفسهم للعمل مع قوي الثورة المضادة, وقد وضح ذلك بشكل كبير مع بداية ترشح شفيق في انتخابات الرئاسة, فقد رأوا فيه الفارس الذي سيعيد عقارب الساعة إلي الوراء, فروجوا اتهاماته لمرسي وجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة, وراحوا يكيدون لرموزها ويسيئون إليهم, وللأسف تأثر بهم البسطاء والغلابة في الريف الذين يكونون آراءهم من خلال ما يسمعونه ويشاهدونه علي الفضائيات. رحت أناقشهم بعقلانية وبهدوء,فوجدتهم متشبعين بكلام إعلاميي السوء, متأثرين أيضا ببعض النماذج السيئة من الذين لم تحسن جماعة الإخوان اختيارهم, فكانوا أمثلة سيئة أكدت اتهامات الإعلام في أذهان البسطاء, ناهيك عن بعض بهلوانات السياسة الذين تحركهم الأهواء والمطامع الشخصية, والمدفوعين من قوي الثورة المضادة لوقف مسيرة مصرإلي الأمام. وللأسف هذه الأفكار المغلوطة التي سكنت في عقول أهلنا المغرر بهم في الريف,زاد منها إصرار متحولي الإعلام علي المضي في مخططهم لهدم مصر تحت غطاء الهجوم علي الإخوان المسلمين, وقد تجلي ذلك في أحط صوره بالإدعاء بأن شفيق هو الرئيس الفائز في الانتخابات وأن د. مرسي جامله العسكر وزورا له الانتخابات, وهذا ما كرره الناس وقالوه خلال وجودي معهم, وعبثا حاولت أن أفهمهم حقيقة ما يحدث, ولكن للأسف كانت أفكارهم قد شوهت وتلوثت بالفعل, والفضل للإعلام الفاسد الذي يتحكم للأسف في تكوين عقول الناس, في غيبة الإعلام الرسمي, الذي أعتقد أنه لايزال يعيش في الغيبوبة, وأن أمامه مشوارا طويلا حتي يستيقظ منها. ووصل التزيد الإعلامي الفاسد إلي حد المتاجرة بشهداء الوطن في عملية رفح الإرهابية وراح الفسدة المأجورون من خلال الفضائيات والصحف السوداء يتهمون الإخوان المسلمين والرئيس مرسي بأنهم هم السبب في هذه الجريمة, وراحوا بدلا من أن يتناولوا ما حدث بموضوعية يتاجرون بدماء أبناء مصر,محاولين هدم الوطن, وإشعال نيران الفتنة بين فئات الشعب, ووصل الصلف بهم إلي حد استعداء الناس في جنازة الشهداء ضد رئيس الوزراء ومهاجمته, والتحريض علي اغتيال رئيس الجمهورية, وللأسف صدق البعض من البسطاء أكاذيب هؤلاء الفسدة ومن جري في فلكهم. حتي بعد أن أصدر الرئيس حركة التغييرات بالقوات المسلحة, في ثورة حقيقية ناعمة, صححت الأوضاع في مصر, وأعادت الهيبة إلي منصب الرئيس, لايزال الأهل في الريف في حاجة إلي إعلام حقيقي ينير العقول, ويصحح المفاهيم, ويتناول ما يحدث بموضوعية, لأن دعاة الإفك السياسي لايزالون يمارسون رذيلة تشويه العقول وتلويث الأفكار, وحتي نقضي علي ذلك التلوث الفكري, لابد من إعلام يرجم هذا الفكر الظلامي, الذي يحاول المتحولون المأجورون, اللاهثون وراء المادة أن ينشروا عتمته في عقول المصريين البسطاء, وهذا لن يحدث إلا بوجود منظومة إعلامية متكاملة هدفها تنوير الرأي العام والتفسير والتحليل الموضوعي لما يدور في مصر, وصنع حالة من التكاتف واللحمة والوحدة الوطنية بين جميع القوي السياسية المحبة لمصر, حتي نتفرغ جميعا للعمل والبناء واستعادة مصر لدورها الريادي والحقيقي في المنطقة العربية, وحتي نستعيد سيناء ونبسط عليها سيادتنا الحقيقية, وليست السيادة الوهمية, التي كانت طوال عصر اللامبارك والتي كشفت زيفها عملية رفح, التي أزالت وأسقطت الأقنعة. وأشك أن التليفزيون الرسمي رغم تعيين الزميل صلاح عبد المقصود وزيرا للإعلام قادر علي هذه المهمة في الوقت الحالي, والمطلوب إعلام مؤسسي قوي بعيد عن سيطرة الدولة, ولايمت بصلة إلي أصحاب غسل الأموال, الذين أفسدوا الأفكار ونشروا ستار الباطل محاولين به أن يحجبوا نور الحقيقة.