لم تكن صورة مصر الغاضبة في25 يناير2011 تختلف كثيرا عن حالتها الآن وأكاد أري بين تفاصيل الصورة كثيرا من ملامح الثورة حتي ولو استمر شعارها عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية, فالمواطن يستعد لقضاء يومه ب3 أرغفة دون جودة, والحرية ما تزال تبحث عن طريقها, أما العدالة فلا تجدها إلا للأهل والعشيرة وما دون ذلك فليس من حقهم الحلم بها. قبل عامين وبالتحديد يوم26 يناير رأت المصري اليوم أن ما حدث في اليوم الأول للغضب ضد نظام مبارك كان بمثابة إنذار, في حين اكتفت الشروق بتأكيد أن مصر الغاضبة في الشارع وقدمت الوفد صورة لأنس الفقي وزير إعلام النظام يتأمل ثورة الشارع من مكتبه بماسبيرو, وقالت الدستور: إن2000 شخص يستحوذون علي ربع الدخل القومي, وتصدرت الأهرام الصحف القومية باهتمامها بأحداث الغضب في لبنان وليس مصر, واتفقت مع تلك الصحف التي تعيش في أحضان أي نظام حاكم بأن المواطنين ورجال الأمن تسابقوا في تبادل الشيكولاتة والورود في احتفالات الشرطة بأعيادها تقديرا لدورها, ثم نقلت عن حبيب العادلي أن الأمن قادر علي ردع أي مساس بالوطن, وبين تلك الصور المتداخلة تواصل الغضب. أمس كانت الصحف ترصد ملامح جديدة لمصر الغاضبة وتكاد الملامح تتجمع خلف تجاعيد حلم ضائع ونجد المصري اليوم تقارن بين الذين زرعوا والذين حكموا, وترصد الوطن السلطة في قبضة72 رجل أعمال إخوانيا, وأن مصر ستغضب من جديد بشعار: مرسي باطل, وتتحدث الشروق عن أول أيام غضب الألتراس, وتدخل الوفد المعركة بعنوان كبير: اتسرقنا.. ارحل, وكالعادة تصدرت الأهرام- من بين نفس الأحضان مع تغير الوجوه الحاكمة والمحكومة- الصحف القومية بعنوانها الألتراس يشل حركة القاهرة في غياب الدولة مع تنويه عن حوار مع المرشد العام للإخوان المسلمين وإبراز احتفالات المولد النبوي. ما أشبه الليلة بالبارحة أحداث تتشابه. ووقائع تتقارب, وسيناريوهات تتكرر, وغضب يشتد مع اختلافات يلمسها البعض, ولا يشعر بها آخرون, ومزايا تصب في صالح قوم وتنتزع قيمتها من جيوب غيرهم, وغنائم وعطايا تذهب إلي الأهل والذين تحملوا ورفعوا راية جهاد العشيرة طوال80 عاما, وينظر إليها بحسرة من شاءت ظروفهم أن يكونوا خارج كادر الجماعة ولم يقدموا فروض السمع والطاعة فأصبحوا بحسرتهم يدفعون ثمنا باهظا وباتهامات تجعلهم ضد الشرعية والشريعة. تتأزم المواقف, ويتهاوي الاقتصاد, ويتلاشي التوافق, وتتسع فجوة الانقسام بين قوم سرقوا الفرح فحكموا وتحكموا وحولوا مكاسب الثورة بالصفقات والتربيطات إلي غنيمة لهم ولذويهم, وقوم ما يزالون يغضبون وتغضب معهم مصر اليوم في كل الميادين لعل العيش يصل إلي الجوعي, والحرية لا تضل طريقها, والعدالة تتحقق مع نظام ينظر للأمام ولا يعيش سجين الماضي وبينهما يري مصر وليس الجماعة فقط!!