أرفض حديث دعاة مشايخ السياسة عن الإعلام وأرفض تصنيفاتهم للمحايد منه وغير المحايد لأنهم ببساطة أكثر من يخترقون حاجز الحياد بتصنيفهم للإعلاميين علي أساس من ليس معنا فهو ضدنا. وأري أن الغالبية العظمي من الإعلاميين في مصر لا يتعاملون بالحياد ليس من وجهة نظري ولا وجهة نظر هؤلاء المشايخ فحسب ولكن من منظور الدراسات الإعلامية وأساتذتها الذين يرونه المهمة الصعبة التي تحتاج إلي مهارات خاصة وقدرات غير محدودة من جانب الإعلامي في التعامل مع الحقيقة المجردة وتهيئة متلقي الرسالة الإعلامية حتي يكون قادرا علي التعامل الإيجابي مع الرأي الآخر. ومثلما انقسمت مصر سياسيا فقد طالها الانقسام الإعلامي ويجد أي باحث عن تلك الحقيقة نفسه في حيرة أمام رفض أو قبول أي رسالة إعلامية, فصحفيا تضيع الحقيقة بين ثلاثة أنماط أولها الصحف القومية التي تتعامل مع الحقيقة من منظور الخبر علي دين رئيسه وحكومته, والمستقلة والخاصة والحزبية التي تتعامل معه ب عدسة المالك ورؤية الحزب وتوجه رأس المال وهناك الصحف التي تجمع بين السياسة والدين وهي التي تتعامل من منظور لا هو دعوي ولا سياسي. وتضيع الحقيقة أيضا بين قنوات تليفزيون الدولة و الخاصة وثالثتهما القنوات الدينية وتتحرك بين الأفرع الثلاثة مجموعات من الميليشيات والمهووسين بكل فرع عبر شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني تتبادل السهام والرصاص والطلقات والاتهامات. لقد فشلنا يا سادة في التعامل مع الحقيقة المجردة مثلما فشلنا في التوافق السياسي وفي كيفية التعامل مع الآخر فأصبحنا جميعا متآمرين ومأجورين وذوي أهداف خاصة ومثلما بات رجال الدين يكفرون ويضللون ويقيمون الحدود علي من يخالفهم في السياسة ويشهرون سلاح الدين في وجه من لا يشارك في جهادهم بالخبر والمقال. وعلي سبيل المثال والأمثلة كثيرة ما نسبه موقع( اليوم السابع)أمس للشيخ ياسر برهامي بأن الإعلام في زماننا يمارس سحر البيان وأن القائمين عليه يوحون إلي بعضهم البعض زخرف القول غرورا وهم أشد خطرا علي الأمة من سحرة الحبال والعصي, وتجاهل الشيخ الإعلام الذي يوجه له كلامه لأنه يقصد أعداء الله والدين ورافضي الدستور والرئيس ولا أدري لماذا لم يوجه كلامه أيضا إلي من يدمنون الإفتاء بالسياسة ويمارسون السياسة بالدعوة في القنوات الدينية التي تغيرت لغة شيوخها الرقراقة وتبدلت حكمة دعوتهم وحسن موعظتهم بحروب وغزوات أتباعهم فيها من الكرام البررة ورافضوهم من الشياطين والسحرة. يا سادة أنتم تتحملون الكثير من عدم حياد الإعلام الذي كان من علامات الفساد في عصر المخلوع وتريدون إصلاحه في عهدكم بمفهوم أكثر فسادا بأن يكون معكم وبكم ولا ينقل غير رأيكم بحيادكم الذي يري المعارضة من الكبائر والتأييد أقصر الطرق للجنة! [email protected] رابط دائم :