الصراع السياسي في مصر خلق جوا من الارتباك وعدم التمييز بين ماهو منطقي وغير منطقي لدي المواطنين الذي دفعهم الاعلام المشوش الي عدم التمييز بين الصواب والخطا لانه يسعي الي قلب الحقائق. ويستخدم المنطق المغلوط بل كسر كل قواعد المنطق, ليظل العبث هو الذي يحكم حياتنا اليومية, وما دفعني الي كتابة هذه السطور هو التوجه الي صناديق الاقتراع دون أن يكلف أحد نفسه قراءة مشروع الدستور, وكونت مفاهيمها حول بنوده من خلال الفضائيات, وللاسف الشديد فأثناء حواري مع عدد المثقفين اكدوا انهم لم يقرأوا الدستور ولان من انتقد الدستور اساتذة كانوا ضيوفا علي الفضائيات ولو فعل ذلك المواطن الامي فلاعيب عليه لانه لايجيد القراءة والكتابة ولكن الله سبحانه وتعالي حبا هذا المواطن البسيط بحاسة يعلم من خلالها الصح والخطأ, وهي للاسف لم تتوفر في المتعلمين والمثقفين لأن هؤلاء البسطاء يستفتون قلوبهم في امور دنياهم فيفتونهم, إن ما يحدث من القنوات الفضائية في تضليل المواطنين فاق كل حدود المنطق خاصة بعد الاعلانات المدفوعة لدفع المواطن لبقول( لا) ومشاريع الدساتير المزورة التي ناقشوا فيها مواد لاتوجد علي ارض الواقع فاخافوا الناس من الدستور الي جانب الحرب غير الشريفة بطبع دستور مزور وتوزيعه داخل محطات المترو وامام المنازل وما كنت انتظر ذلك من نخبة وثق المواطن فيها وما كنت اتمني ان يشاركوا في حرب غير شريفة من اجل الكراسي أو السلطة علي حساب استقرار البلد. إن منطق القنوات الفضائية المغلوط ذكرني بمنطق جحا في مدينة العلماء التي هي في حقيقة الامر مدينة للجهلاء وكان العلم والمعرفة لم يعودا في هذه المدينة ملكا للباحثين واصبحت ملكا لحمار جحا الذي لايملك شيئا من ذكاء او حكمة او معرفة, وبدأت قصة جحا وحماره في مدينة العلماء عندما زار ثلاثة علماء المدينة ونزلوا ضيوفا علي الامير وطلبوا مناقشة علماء المدينة فاحتار الامير, فاشار اليه وزيره ان يطلب جحا لمناقشتهم ولبي جحا الدعوة وجاء راكبا حماره, وعندما اجتمع مع العلماء وعرف مقصدهم استعد لهم بالحيل, فسأل العالم الاول اين وسط المدينة فاشار جحا الي قدم حماره اليمني والثاني سأله عن عدد نجوم السماء, فقال جحا بعدد شعر حماري فرد العالم قائلا كيف نعرف ذلك فطلب منه ان يعدها, وسأل العالم الثالث كم شعرة في لحيتي هذه؟ فقال جحا بانها بعدد شعر ذيل حماري فقال العالم كيف ؟قال جحا نقلع شعرة من ذقنك مقابل واحدة من ذيل حماري وهنا ضحك الجميع وتعجبوا لبداهة جحا وطرافة اجوبته فحمار جحا هنا يتسم بحكمة لامثيل لها فهو قادر علي قلب الحقائق كما يشاء مثل فضائيات الفلول وارباك العلماء باستخدام المنطق المغلوط, ليظل العبث هو الذي يحكم حياتنا وان هذه الحكاية نستشف منها ان هناك اشياء كثيرة تتشابه معها في حياتنا المعاصرة في ظل اعلام يفتقد لاقل شروط الحيادية والموضوعية والبحث عن الاثارة واشعال الفتن خوفا من الاستقرار وفتح ملفات الفساد التي يمكن ان تطول اصحاب هذه القنوات وكان عليهم من الافضل ان يلتزموا الحيادية من اجل الحفاظ علي جماهيرية هذه القنوات التي بدأ المشاهد يهجرها لإحساسه بعدم الحيادية واللجوء الي المنطق المغلوط. [email protected] رابط دائم :