في كتابه روائع القصص النبوي والصادر قبل أيام في أربعة أجزاء يقدم الناقد والمفكر الإسلامي د. حلمي القاعود للأجيال الشابة التي خضعت عقودا طويلة لسيطرة الفكر العلماني رؤية نقدية أصيلة تكشف قيمة القصة النبوية في مسيرة الدعوة الإسلامية, وما تحلي به البيان النبوي من إعجاز في معناه ومبناه. وقد عرفت د. حلمي القاعود منذ4 عقود كاتبا صادقا مع نفسه والآخرين, مخلصا لربه ودينه, لهذا كانت معاناته من التهميش في عصر ديكتاتورية المخلوع, وجرت محاصرته مثل غيره من الكتاب المنتمين للتيار الإسلامي, فلم يهتز ولم يتراجع عما يؤمن به, وظل قلمه شامخا ميسرا لخدمة فكر الإسلاميين والحركة الثقافية في مصر والعالم العربي. ويأتي هذا الإصدار المهم في سلسلة المؤلفات المتنوعة التي يقدمها د. حلمي في مجالي النقد الأدبي والفكر الإسلامي, ويملأ بها فراغات ثقافية في واقعنا المعاصر, وكعادته حرص المؤلف علي تقديم الجديد في المجال الذي يعالجه, وهو في كتابه المشار اليه يتناول القصة النبوية في الحديث الشريف وما تؤديه من دور أساسي في التشريع أو السلوك أو الاعتقاد ويحسب للمؤلف حرصه علي ايضاح قيمة القصة النبوية في مسيرة الدعوة الإسلامية والبيان النبوي, إلي جانب القصة القرآنية التي أفرد لها فصلا مهما في كتابه عن البلاغة القرآنية. ولأن المؤلف ناقد أدبي, فقد استطاع أن يضع يده علي القيم الجمالية التي حفلت بها القصة النبوية ووردت في كتب الصحاح الموثقة, وأن يتناولها بأسلوبه البياني المشرق الذي يجعل منها نصا أدبيا حيا ومتميزا استمده من البيان النبوي العظيم المتفرد. يستطيع القارئ أن يطالع في الأجزاء الأربعة عشرات القصص النبوية, ويري فيها تنوعا مدهشا, وثراء غير محدود, فلا غرو أن قائلها هو أفصح العرب صلي الله عليه وسلم بيدأنه من قريش. إن الكتاب لا يدلنا فقط علي بلاغة القص النبوي, ولكنه أيضا يصحبنا في رحلة قلمية ممتعة, مع كاتب متمكن ملم بعناصر الجمال في اللغة العربية, لا يكتفي بتقديم المعرفة لقارئه, وإنما أيضا يحقق له متعة القراءة الهادفة. [email protected]