ماعجزت فيه السياسة حققته الثقافة.. فالثقافة لغة التواصل التي تتوحد من خلالها الشعوب سواء كانت فنا أو فكرا.. ولهذا تعد المنظومة الثقافية هي قاطرة تحملك إلي الآخر وتجعلك تتواصل معه. وهي أيضا تمنحك الاحترام مع العالم المحيط بك.. ومن هنا أصبح لزاما علي الشعوب المتحضرة أن تهتم اهتماما بالغا بكل مفردات ومنظومة العمل الثقافي والابداعي بدءا بالقائمين عليه وانتهاء بالمشاركيين في تلك المنظومة.. والوقت الراهن في مصر يفرض علي القائمين علي مقاليد هذا البلد ضرورة مراجعة كل مفردات العمل الثقافي ولايهمني هنا حدودنا الداخلية بل نحن في حاجة إلي إعادة ترسيخ ثوابتنا الثقافية للعالم الخارجي وخاصة في ظل الصورة القاتمة التي يعكسها الاعلام ويصدرها للخارج والتي جعلتنا في حاجة ملحة إلي مراجعة شاملة لهذه المنظومة واجندتنا الثقافية.. وإذا كنا جادين في إعادة مصر لمكانتها الحقيقية التي تستحقها فعلينا أن نبدأ بالقائمين علي العمل الثقافي بالخارج بأساليب وضوابط اختيار المستشارين الثقافيين بسفارتنا.. فلم يعد من المنطق أن يكون معظم المستشاريين علاقتهم بالعمل الثقافي علاقة سمعية وهامشية وأنا لا ألومهم علي هذا لكونهم مؤهلين علميا وفكريا في تخصصات بعيدة كل البعد بل تكاد لاتقترب من طبيعة هذا العمل الذي يحتاج إلي طبيعة خاصة واسخاص منغمسين فيه ومؤهلين له.. ولا أدري من الذي أرسي هذا النظام الغريب الشاذ لاختيار هؤلاء المستشارين والذين يتم اختيارهم من خلال وزارة التعليم العالي وهي وزارة مكلفة بالعمل الاكاديمي والبحث العلمي وهو الأمر الذي يجعل اختيار المستشارين الثقافيين مقصورا علي فئة تحمل درجات علمية في علوم الفيزياء والكيمياء وقواعد المحاسبة وجميعها علوم تندرج تحت طائلة البحث العلمي المجرد ولي الفعل الإبداعي ولهذا يصبح من الصعب عليهم الالمام بحرفية هذا العمل المتفرع والحيوي وهو مايتسبب في إحداث العديد من المشاكل التي تواجه الوفود الثقافية والفرق الفنية المشاركة في أي من الفاعليات الثقافية والفنية بالخارج. وأكاد أجزم بأن معظمهم يكون عاملا سلبيا في انجاح مهمة تلك الوفود لقلة الخبرة أو لجهل قيمة الفن وتسويقه.. بل الأدهي أن في كثير من الأحيان في ظل غياب هذا الوعي يقوم المستشار بطلب بعض الفرق والفنون المصرية لمهرجانات متناقضة مع طبيعة الفن الذي تقدمه تلك الفرق.. فعلي سبيل المثال تمت مشاركة فرقة الموسيقي العربية( الاساتذة) في مهرجان لموسيقي الجاز وهو ماجعل أعضاء الفرقة يشعرون بالخجل أمام الفرق الاخري للدول المشاركة مما جعلهم خارج المنافسة في وقت تحملت فيه مصر اعباء مالية كبيرة.. أما الطامة الكبري فهي قيام بعض المستشارين بطلب بعض الفرق المسرحية لمهرجانات تبعيتها لأفراد وليست مؤسسات حيث تم ايفاد فرقة الجراب المسرحية لمدينة شفشاون بالمغرب لمهرجان الربيع للاطفال وهو مهرجان يديره وينظمه احد الافراد ويستغل اسم هذا المهرجان بشكل دعائي في انتخابات بلدية المدينة ومازاد الطين بلة إنه قام بالشحاتة علي الفرقة لتوفير اعاشتها والتجول علي مالكي الفنادق من أجل استعطافهم لاستضافة الفرقة والمؤسف ان كل ذلك كان أمام المستشار الثقافي د. محمد بركات الذي لم يحرك ساكنا لحفظ كرامة مصر وهو معذور حيث إنه غير مؤهل لكونه استاذا/ بكلية زراعة الفيوم ولذلك فالخضروات والفاكهة لاتختلف لديه عن الفنون أما المثال الأخير والصارخ فهو تكرار ذات الأسلوب مع فرقة أخري للفنون الشعبية من حيث ايفادها إلي مهرجان في أثينا يديره شخص بصفته صاحب مدرسة للرقص الحديث وتم ايضا ذات السيناريو وهو اهانة الفرقة تحت مرأي ومسمع من المستشار الثقافي في اثينا.. هذه أمثله لبعض النماذج البسيطة لقد أصبح من الضروري إعادة الأمور إلي نصابها الطبيعي بتكليف وزارة الثقافة بمهمة اختيار المستشارين الثقافيين وهي الجهة الوحيدة المؤهلة لاختيار العناصر ذات الكفاءة وطبقا لمعايير حقيقية تتناسب وحجم ومسئولية هذا العمل الوطني حماية لسمعة مصر وتواصلا مع جميع الثقافات والحضارات الأخري.. فهل سيبادر رئيس الوزراء بالتصحيح.. نتمني!; [email protected] رابط دائم :