أكد خبراء الاقتصاد أن وصول بعثة صندوق النقد الدولي للقاهرة اليوم لإجراء المباحثات الخاصة بحصول مصر علي قرض قيمته4.8 مليار دولار, ستعكس آثارا إيجابية علي المدي القريب. خاصة وأن تلك الزيارة ستتضمن عرض ملامح برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر, وحول أهم ملامح البرنامج أرجع الخبراء أن هناك عدة معايير لا يمكن أن يخلو منها برنامج الإصلاح منها إعادة النظر في سعر صرف الجنيه أمام سلة العملات, وترشيد النفقات وإعادة النظر في الإنفاق علي المشروعات القومية الكبري, وأضاف الخبراء أن البعثة ستقدم تساؤلات للحكومة يجب أن تقدم الأخيرة إجابات شافية لها وهي تقرير معدل البطالة وإعادة هيكلة الدين العام وكيفية السيطرة علي عجز الموازنة بالإضافة إلي حث الدولة علي بيع حصص من مساهمتها في الشركات العامة الكبري علاوة علي السيطرة علي تفاقم أزمة ميزان المدفوعات. وتوقع الخبراء ان تستمر المفاوضات مع الصندوق لنحو شهرين سيتخللها أكثر من زيارة للبعثة علي أن تتضمن اشتراطات الصندوق إيجاد توافق مجتمعي علي برنامج الإصلاح الإقتصادي قبل الحصول علي الموافقة. قال الدكتور كمال القزاز استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن الغرض من الحصول علي قرض الصندوق هو تخفيف الضغط علي موازنة الدولة وإعادة هيكلة الاقتصاد المصري بما يحقق معدل النمو المرجو, موضحا أن مصر تتمتع بعدد من المزايا الرئيسية من وجهة نظر صندوق النقد الدولي أهمها أن لديها سوقا محلية كبيرة, تتسع لاستيعاب سلع متنوعة, يمكن إنتاجها محليا, للاستفادة من وفورات النطاق التي تتيحها الأسواق الكبيرة في الغالب. كما أن مصر تتمتع بقوة بشرية تمثل طاقة عظيمة كقوة عمل في مجال الإنتاج, وسوقا كبيرة ومتنامية في مجال الاستهلاك. كما تتميز مصر بموقعها الجغرافي الفريد ومداخلها السهلة والقريبة إلي أهم الأسواق العالمية, بما في ذلك الأسواق المتقدمة مثل أسواق الاتحاد الأوروبي, والأسواق النامية مثل أسواق الدول الإفريقية, التي ترتبط بها مصر باتفاقيات تجارية مثل الكوميسا. وحذر القزاز من الإنجراف خلف إشتراطات الصندوق وأهمها إستئناف ملف الخصخصة من خلال بيع حصص الدولة في بعض المصانع والشركات الكبري, لافتا إلي ضرورة عدم الإنسياق وراء متطلبات الصندوق وإمعان النظر فيما يتوافق مع الوضع الاقتصادي في مصر حتي لا تحدث إحتجاجات ومظاهرات من شأنها التأثير علي المناخ الإستثماري في مصر ومن ثم إمتناع الصندوق عن إقراض مصر. من جانبه قال الدكتور فخري الفقي المساعد السابق للمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي أنه منذ بداية الثمانينيات وحتي الآن شارك صندوق النقد الدولي في مساندة أربعة برامج للإصلاح الاقتصادي في مصر. وتضمنت اتفاقيات مصر مع الصندوق تخصيص موارد تبلغ قيمتها الإجمالية1850 مليون دولار لدعم هذه البرامج, إلا أن ما تم سحبه من تمويل فعلي من الصندوق بلغ421 مليون دولار وانتهت ترتيبات البرنامج الرابع للإصلاح الاقتصادي عمليا في نهاية1998 وقد تم الانتهاء من سداد مستحقات الصندوق. بدأ البرنامج الأول في الفترة من1987 1988 بقيمة400.2 مليون دولارStand- بغرض مساندة ميزان المدفوعات والضغوط التضخمية الناجمة عن العجز التجاري. وقد سحبت مصر من هذا المبلغ ما قيمته185.7 مليون دولار فقط, أي بنسبة46% من إجمالي قيمة الاتفاق التمويلي, تلاه البرنامج الثاني في الفترة من1991-1993 بقيمة375.2 مليون دولار بغرض مساندة ميزان المدفوعات لتعويض النقص في تدفقات رأس المال الأجنبي وزيادة العجز في الحساب الجاري وصعوبات تمويل واردات الغذاء وسداد أقساط الديون الخارجية. وبسبب استمرار الصعوبات الناتجة عن العجز في ميزان المدفوعات اتفقت الإدارة الاقتصادية المصرية مع الصندوق علي توسيع نطاق هذا البرنامج وإتاحة تمويل إضافي بقيمة640.3 مليون دولار ليرتفع التمويل الإجمالي لهذا البرنامج إلي1015 مليون دولار سحبت مصر منه فعليا235.6 مليون دولار فقط, أي بنسبة23% من إجمالي المخصصات. وجاء البرنامج الثالث في الفترة من1996 1998 بقيمة434.4 مليون دولار بغرض مساندة ميزان المدفوعات إلا أن مصر لم تقم بالسحب من هذا التمويل, غير أن توقيع الاتفاق مع الصندوق كان جزءا من عملية أوسع نطاقا لمساندة الاقتصاد المصري وشطب50% من الديون المستحقة علي مصر للدول الدائنة الأعضاء في نادي باريس. ومنذ ذلك الحين لم تلجأ مصر إلي التمويل من صندوق النقد الدولي. وأوضح الفقي أن اشتراط الصندوق لتقديم برنامج إصلاحي ماهو إلا بمثابة الضمان لقدرة الدولة علي السداد في ظل التسهيلات الممنوحة للدولة خاصة وأن الحكومة إتجهت للصندوق حتي لا تنافس القطاع الخاص في الاقتراض علاوة علي تدني قيمة الفائدة وتمتعها بفترة سماح39 شهرا وجميع تلك العوامل يجعل البرنامج الإصلاحي أمرا حتميا للصندوق. وحول الملامح المتوقعة لبرنامج الإصلاح الإقتصادي أكد الفقي أن جميع الشروط التي يتطلبها الصندوق تتشابه بين أغلب الدول وأهمها كيفية السيطرة علي عجز الموازنة وإعادة النظر في ترشيد الدعم بصفة عامة ودعم المحروقات بصفة خاصة بالإضافة إلي إعادة النظر في سعر الصرف وترشيد النفقات وإعادة النظر في الإنفاق علي المشروعات القومية الكبري, وأكد الفقي أن الصندوق سيتمسك بإعادة النظر في الحصص التي تمتلكها الدولة في القطاع العام.