يبدو أن أعضاء الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد لم يشغلهم كثيرا المال العام وأحوال الفقراء والمحرومين, وكذلك لم يقرأوا أسباب ثورة يناير المجيدة جيدا التي قامت بسبب الفساد المالي والاعتداء الجسيم علي الملكية العامة. وهذا يتضح من النصوص التي شملتها المسودة الصادرة من الجمعية التأسيسية والمنشورة علي الموقع الرسمي للجمعية بتاريخ2012/10/15 م و التساؤلات التي تطرح نفسها, كيف يقوم أعضاء الجمعية التأسيسية بإهمال الملكية العامة وحماة الحقوق والأموال العامة علي النحو الذي وصل إلينا بالمسودة؟ وكيف يذكرون نصا واحدا لحماية الأموال العامة دون أن يوكلوا للقانون الكيفية الواجبة لحماية الملكية العامة فقد نصت المادة رقم'19':' للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب وطني علي كل من الدولة والمجتمع', وكان من باب أولي أن يسطر' للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب وطني علي كل من الدولة والمجتمع وينظم القانون استقلال المحامين القائمين بالدفاع عنها'. وذلك أن نصوص دستور1971 كانت توجب علي الدولة والمواطنين حماية الملكية العامة ولكنها فشلت فشلا ذريعا لأن الفاسدين قد استغلوا التشريع القانوني كحائط صد وسد منيع للاقتراب منهم فقاموا بعزل الحماة المستقلين عن حماية المال العام كعدم اختصاص وولاية النيابة الإدارية الهيئة القضائية المستقلة عن التحقيق في المخالفات المالية والإدارية بشركات قطاع الأعمال العام وكذلك عدم امتداد سلطان واختصاصات هيئة قضايا الدولة الهيئة القضائية الأخري المستقلة إلي الهيئات والبنوك والشركات العامة, بالرغم أن معظم وغالبية الأموال العامة بالدولة بتلك الجهات الحكومية والذي يدخل في نطاق اختصاص النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة لا يزيد علي العشر من المال العام للشعب. ولنا أن نتساءل لماذا أصر السفهاء الفاسدون بالنظام البائد ان يكون حماة الحقوق والأموال العامة بالهيئات والشركات والبنوك العامة وشركات قطاع الأعمال العام محامين ملاكي وتابعين لرؤساء مجالس الإدارات وفي أيدي السلطة التنفيذية تعيينهم وترقيتهم وإعطاؤهم البدلات والمكافآت لهم كما يشاءون كطريقة للسيطرة والإذلال حتي ينصاعوا لأوامرهم وأغراضهم السيئة الدنيئة فمثلا يتم التجديد سنويا للمديرين العموم وبدل تفرغ المحاماة يبدأ بأربعة عشر جنيها حتي تصل إلي تسعة وعشرين جنيها شهريا ليتفرغوا للدفاع عن مليارات الجنيهات الخاصة بالملكية العامة للشعب وبالطبع يؤدي ذلك إلي قيام الكثيرين من المحامين هؤلاء بمخالفة الضمير والقانون ونفضل عدم الخوض في هذه المخالفات. والذي يعنينا عبر كلمات هذا المقال لماذا لا يمتد سلطان واختصاص النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة للأموال العامة كلها بالدولة أينما كانت طالما اكتسب الأعضاء بهما الصفة القضائية والاستقلالية التامة عن السلطة التنفيذية؟ ولماذا يحرم الدستور الجديد الاستقلال للمحامين بالجهات التي بها حقوق وأموال عامة مثل هؤلاء الأعضاء؟ ولماذا يريد أعضاء هيئة قضايا الدولة العمل بالنيابة المدنية بالقضاء تاركين الدفاع عن الحقوق والأموال العامة لأعضاء إدارات القانونية باحثين قانونيين وليسوا محامين ولم يدخل أحد منهم أي محكمة ولم يباشروا أي دعاوي ولم يقوموا بالتحقيق مطلقا في أي مخالفات مالية؟ وهل سمعتم من أصحاب الشعارات الذين يدعون أنهم يريدون أن يقضوا علي تراكم آلاف القضايا وتحقيق العدالة الناجزة عن طلباتهم لأعضاء الإدارات القانونية بنفس الضمانات التي يتمتع بها أعضاء النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة؟ وما جدوي الأجهزة الرقابية بعد وقوع الفساد مع وجود نص فاسد كالمادة55 من القانون رقم203 لسنة1991 لا يجوز لأي جهة رقابية بالدولة عدا الجهاز المركزي للمحاسبات أن تباشر أي أعمال من اعمال الرقابة داخل المقر الرئيسي أو المقار الفرعية لأي شركة من الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد الحصول علي إذن لذلك من الوزير المختص أو رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة. يا سادة كفانا تمييزا بين حماة الحقوق والأموال العامة لتحقيق رغبات ومصالح شخصية لفئة محدودة بالدولة تريد أن تدخل سلك القضاء الجالس علي المنصة وفئة أخري تريد أن تملأ بطونها بمليارات الفقراء والمساكين من الأموال العامة