لقد أمرت وأوجبت الشرائع السماوية الحكام والمحكومين بحماية المال العام والحفاظ عليه لما له من دور كبير في قضاء الحاجات الأساسية لجميع فئات الشعب علي اختلاف انتماءاته السياسية والدينية والاجتماعية. ولقد أشارت الايات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والنصوص الدستورية والقانونية الي حرمة المساس بالمال العام أو إساءة استعماله أو إهداره بأي صورة من الصور بمعني أن يكون استخدامه لمصلحة بلدنا الحبيب وكافة المواطنين لكون المال العام مملوك للعامة وليس لأفراد بعينهم, ويكفينا قول ربنا بالقرآن الكريم:( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظيكم به إن الله كان سميعا بصيرا). ونص المادة السادسة من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ1102/3/03 م( للملكية العامة حرمة وحمايتها ودعمها واجب علي كل مواطن وفقا للقانون). ولعل الأسباب الرئيسية لقيام ثورة يناير المجيدة لخلع النظام السابق ذلك لفساده الذي غطي جميع جوانب الحياة وبخاصة اعتداء الفاسدين علي المال العام بكافة صوره من أراضي وسرقة وتهريب الأموال العامة بسبب ضعف الوازع الديني أو تشريع نصوص قانونية فاسدة لتسهيل الاعتداء علي المال العام أو تعطيل القانون وعدم معاقبة المسئولين عن إهدار المال العام. والذي يعنينا في عرضنا هذا هو كيفية حماية المال العام من خلال إلغاء وتعديل النصوص التشريعية الفاسدة التي استغلها الفاسدون من ناحية ومن ناحية أخري ضرورة استقلال حماة الحقوق والأموال العامة بالدولة عن السلطة التنفيذية حتي يقوموا بالدفاع اللازم عنها علي خير وجه وتتم محاسبتهم ومساءلتهم علي النحو الذي يجعل الجميع لا يتعلل أو يختلق أية مبررات يستند عليها لبراءته من الاعتداء علي المال العام وسوف أسوق بعض النصوص التشريعية الفاسدة والتي يجب نسفها: أولا: قانون قطاع الأعمال العام رقم302 لسنة1991 والذي قننه المفسدون ليبيعوا أموال الأجيال الحاضرة والقادمة. مادة83: ( إذا بلغت خسائر الشركة نصف رأس المال المصدر وجب علي مجلس الإدارة أن يبادر الي دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في حل الشركة أو استمرارها). وهل يستقيم أن ننتظر حتي تصل الخسائر الي نصف رأس المال المصدر. مادة55: ( مع عدم الإخلال بحكم المادة السابقة لا يجوز لأية جهة رقابية بالدولة عدا الجهاز المركزي للمحاسبات أن تباشر أي عمل من أعمال الرقابة داخل المقر الرئيسي أو المقار الفرعية لأي شركة من الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد الحصول علي إذن بذلك من الوزير المختص أو رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة) بالله عليكم هل شاهدتم رغبة في الاعتداء علي المال العام كهذا؟! ثانيا: قانون الإدارات القانونية رقم74 لسنة3791: مادة1: ( الإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية أجهزة معاونة للجهات المنشأة فيهاوتقوم بأداء الأعمال القانونية اللازمة لحسن سير الإنتاج والخدمات والمحافظة علي الملكية العامة للشعب.... الخ). وكيف يقوم المحامون بالإدارات القانونية بأعمالهم علي خير وجه وهم تابعون للسلطة التنفيذية ولا يتمتعون بالاستقلال الكافي واللازم مثل زملائهم محامي هيئة قضايا الدولة؟! مادة6: (... ولا يخل ذلك بسلطة رئيس مجلس إدارة الجهة المنشأة فيها الإدارة القانونية في الإشراف والمتابعة لسرعة انجاز الأعمال المحالة إليها وفي تقرير استمرار السير في الدعاوي والصلح فيها أو التنازل عنها وممارسة اختصاصاته الأخري طبقا للقواعد المقررة في هذا القانون). وكيف نطمئن علي أموالنا العامة وهي تحت إمرة رئيس مجلس الإدارة الذي يأمر هو بإقامة الدعاوي والصلح فيهاوالتنازل عنها بالرغم من عدم اختصاصه في الأمور القانونية؟ وأخيرا... لماذا لا يمتد سلطان اختصاص هيئة قضايا الدولة الهيئة القضائية المستقلة للدفاع عن كافة الحقوق والأموال العامة بالدولة وفقا لاختصاصها بالمادة السادسة من قانونها؟ بدلا من طلبها حاليا حل هيئة قضايا الدولة ودمجها في القضاء العادي والنيابة العامة بحجة إنشاء النيابة المدنية وكأن الادعاء المدني لا يقام إلا بالاندماج في القضاء العادي. ياسادة لبيان المصداقية والشفافية ضرورة الشريع لمحامي الهيئات والمؤسسات العامة والبنوك والشركات العامة التمتع بالصفة القضائية والاستقلالية اللازمة عن السلطة التنفيذية للقيام بالدفاع عن الحقوق والأموال العامة علي خير وجه, خاصة أنه يعد حاليا دستور جديد للبلاد فيسطر به( يتمتع المحامون بالشخصيات الاعتبارية العامة بالصفة القضائية والاستقلالية اللازمة للدفاع عن الحقوق والأموال العامة) مثل زملائهم المحامين بهيئة قضايا الدولة. المحامي بالنقض