الذي يتابع حوارات وأحاديث من يسمون أنفسهم برموز النخبة وممثلي القوي والتيارات السياسية حول الدستور الجديد يتأكد من الوهلة الأولي أن مص تعيش ما يمكن تسميته بديمقراطية الدراع. وهذا النوع من الديمقراطية المزعومة تستحل فيه كل الأسلحة ويحق لمن يفضلها أن يخالف النظام ويتجاهل الآخر وتخوينه وإقصائه وإهدار دمه, ويفضل محترفو هذه اللعبة طريقة اللي تغلب بيه إلعب بيه. ولم يكن تعاملنا مع تسريبات ما تم الاتفاق عليه من الدستور بمعزل عن حرب الاتهامات التي تكاد تكون الوجبة الرئيسية لتسالي ومقبلات الفضائيات وبرامج التوك شو التي يفاخر مقدموها بقدرتهم علي إجبار الضيف علي إطلاق قذائف الشتائم للآخرين واستخدام ألفاظ جارحة انتقلت بمردديها ومن وجهت اليهم إلي ساحات التقاضي. المهم أن معارك ديمقراطية الدراع الخاصة بالدستور تستخدم الكلمات الكيماوية من عينة ردة غير مسبوقة وانبطاح لسلطات في مواجهة أخري والسيطرة المؤدلجة علي مستقبل الشعب وكأن المصريين في طريقهم لإعداد قاموس وليس دستورا اتفق الفقهاء علي أنه سيكون قابلا للإختلاف الذي ينتهي إلي الاتفاق بالمشرع. علي هامش تلك المعركة يقف الليراليون في مواجهة الإسلامين وعن الشمال يسار وعن اليمين قوي وائتلافات ما أنزل الله بها من سلطان أما الشعب فإن النخبة تنظر إليه وكأنه السحابة السوداء التي تزكم أنوفهم عن التمتع بروائح الصيد الوهمي المنتظر. وقد أعجبتني رسالة حركة6 ابريل التي طالبت فيها الرئيس محمد مرسي بأن يمد يده إلي جميع القوي الوطنية من مختلف التيارات السياسية من أجل لم الشمل والقضاء علي الاستقطاب في الشارع. نعم نحن في حاجة إلي لم الشمل بعد أن أصبح الكل ضد الكل والكل يدفع الثمن ليس في الاختلاف علي مواد الدستور فحسب وإنما الاكتواء بنيران ديمقراطية الدراع التي تراها في الغرف المغلقة وفي المؤتمرات وعلي الفضائيات وفي التاكسي والميكروباص والمترو. نريد ألا تقودنا اختلافاتنا إلي أن نكون جماعات في تصادم بلا هدف وقد قلتها وأكررها: اختلافنا لا ينتهي حتي لو قلت لمن يحدثك أنك توافقه رأيه إذ أنه سيبادرك بقوله: طبعا أمال يعني كنت عايزني آخد برايك انت. واتحدي من يقل لي ماذا نريد من حالة الاختلاف والخلاف التي تسيطر علي كل شئ في حياتنا!