في صباح اليوم جرت محاولة لاغتيال أول رئيس مصري مدني منتخب بطلقات عشوائية كثيفة اتت إليه من كل اتجاه وصوب.. وأعلنت منذ قليل مجموعات مصرية كثيرة مسئوليتها عن الحادث. ومنهم: الليبراليون.. واليساريون.. والمستقلون.. والمثقفون.. والسياسيون.. والحزبيون... والإعلاميون.. ومجموعة اخري من الإسلاميين.. وذلك علي خلفية مرور مائة يوم علي توليه الرئاسة دون تنفيذ أو تحقيق مشروع انتقال مصر الي مصاف الدول الكبري المتقدمة.. وأنها لم تستطع في المائة يوم أن تنافس أمريكا واليابان وغيرها من الدول. والحق أقول: ما هذا العبث؟ هل من المعقول أن ما تم هدمه في سنوات طويلة وما سرق.. وما بدد.. وما جرف من عقول.. وما اصابنا من أمراض ووهن.. هل نستطيع في المائة يوم أن نقضي عليه وإن كان هذا متاحا ولم يتحقق.. فلماذا لم نساعد علي تحقيقه مادمنا شركاء في هذا الوطن.. لأن الأمر يحتاج الي العمل الجماعي وإلي تكاتف الجهود من أجل البناء والإصلاح ولا داعي لأن نقف كالمتفرجين.. ينتظرون الرئيس السوبرمان الذي يخلص البلاد والعباد من مشاكلها المزمنة والمتراكمة عبر سنوات طويلة وأن يخرج مصر من كبوتها.. فإذا ما نجح سرنا خلفه نهتف له.. وإذا فشل اقمنا عليه الحد وقطعناه اربا.. اربا. أن بلدا بحجم مصر يحتاج الي سنوات طويلة لحل مشاكله المزمنة.. وما علينا الا أن نوحد الصفوف ونخلص النوايا.. ونعمل كثيرا من اجل ان نخرج بعيدا عن اجواء تصفية الحسابات والكراهية والخلاف والاقتتال علي جثة هذا الوطن. فالموضوع ليس رئيس دولة يدير بلدا بحجم مصر بمفرده أننا لن نعود للوراء لن نعيد الحكم الديكتاتوري بل نحن شركاء له في المسئولية وشركاء في اصلاح هذا البلد والرقي به.. أن الذين يحاربون الدكتور محمد مرسي اليوم هم نفس الاشخاص والوجوه التي تحارب أي نجاح.. وأي تقدم.. وأي اصلاح ويفعلون ذلك مع سبق الاصرار والترصد. وللمزايدين أقول: انني لست اخوانيا.. ولم انتخب الرئيس مرسي.. لكن عندما اصبح رئيسا شرعيا منتخبا للبلاد بإرادة شعبية نزيهه اصبح واجبا علينا جميعا ان نحترم هذه الارادة الشعبية وأن نقف خلفه ندعمه ونساعده من اجل العمل والاصلاح والارتقاء بهذا الوطن.. ونزيل من أمامه العراقيل ولا نتصيد له الاخطاء.. ولن نستغل اجواء الحرية والانفتاح من اجل الهدم او الاهانة.. ونحاسبه في نهاية فترته علي ما قدم و علي ما اخفق. فعندما تسلم مرسي السلطة كانت مصر مليئة بالغيوم والعواصف.. كان الوطن تائها في خريف الغضب.. وانقسام النخب.. ورعونة الاعلام المفرطة.. وضربات الخارج الموجعة والقاسية.. ومعاناة المواطن المصري البسيط المتزايده.. وانكسارات الاقتصاد وانهياراته المتواليه.. كانت لفحة نيران الخلاف والتفتت تحرق كل شيء حتي اجساد الثائرين الشرفاء الذين دفع شهداؤهم ثمن الحرية مقدما.. وينتظر الآخرون ثمار نضالهم. كان الوطن مقهورا يبحث عن طوق النجاة.. عن بقعة ضوء.. يحاول ابناؤه استرجاعه ممن سرقوه ونهبوه وشردو رجاله وأطفأوا عقول شبابه. كان وطنا لا يحلم.. ولا يقوي علي الحلم.. وطن عجوز.. اعيته سنوات الجفاف والانكسار ويقتات اليأس بالأمل.. وينتظر عوده الروح للجسد بلا ألم. كان الخلاف والاختلاف والانقسام والرغبة في السيطرة والملاسنات والمشاحنات لها ما يبررها بين الذين يريدون رئيسا بخلفية مدنية.. أو بين من يري استمرار الحكم العسكري بأي صورة من الصور.. أما الآن وقد تم حسم القضية لصالح مدنية الدولة.. وعاد العسكر الي ثكناتهم.. وجلس الجنرالات في منازلهم وهرب منافس الرئيس في الانتخابات خارج البلاد.. فاعتقد أننا نحتاج هدوءا وعملا.. انتاجا ورغبة صادقة في خدمة الوطن والوقوف صفا واحدا خلف رئيسه المنتخب بصرف النظر عن اختلاف الانتماءات والتوجهات. لكن ما يحدث الآن يتوالي بسرعة مريبة.. ويتخذ لنفسه اسبابا قد تختلف بواعثها لكنها تصل في نهاية الأمر الي عمليات تخريب حقيقية علي أرض الواقع ورغبة متعمدة في عرقلة اي تقدم.. وتكشف الأيام الغطاء عن حالة من الاحتقان تتوالد في مناخ فاسد اسود تفجره نوازع غريبة وأخطاء كثيرة تتسع دائرتها عبر استمرار مسبباتها لتتحول الي ظاهرة مجتمعية مخيفة.. لو لم نتداركها فإنها تهدد مصر بخطر وخيم وانهيار قادم لا محالة.. والامر لا يتطلب سوي مصالحة شعبية وتوافق وطني.. وممارسات حقيقية شريفة تلقي بظلالها علي حاضر الوطن ومستقبله. وللأسف النخب لا تفكر الا في مصالحها الخاصة ورغبتها الحقيقية في التملك وسعيها المستمر نحو تشويه الاخر بصرف النظر عن اي اعتبارات وطنية وسوف تستغل عدم تحقيق كل وعود الرئيس لتنصب له المشانق بدلا من أن تساعده في ايجاد حلول لها. فالاحزاب تري في رئيس الدولة عدوا ينتمي الي حزب آخر منافس لابد من العمل ضده وبكل قوة كي يفشل حزبه قبل أن يفشل هو نفسه. والسياسيون.. تائهون يبحثون عن مجد شخصي ودور أو عمل أو بطولة زائفة.. وثرثرة لا طائلة من ورائها في المؤتمرات ووسائل الإعلام دون تقديم مشروع واحد للبناء واصبح النقد للهدم فقط واظهار عجز الآخر.. والبعض منهم انتهازيون لا نأخذ منهم الا كلام فهم ضجيج بلا طحين. ومثقفون طغي كرههم للإخوان المسلمين والهجوم عليهم ليل نهار.. علي العمل لصالح الدولة ومستقبلها فلم يقدموا رؤية أو يعرضوا حل أو يفسروا ظاهرة. واعلاميون.. تفوح من قنواتهم وصحفهم رائحة الكراهية والتمويل المشبوه.. يلعبون علي المتناقضات والاتهامات ونشر الشائعات.. ويلهثون نحو الفرقعات الاعلامية الهشة والكاذبة.. ونسوا انهم امناء علي مصالح البلد.. وأنهم مراقبون لها محافظون عليها.. داعمون لتقدمها.. نسوا ان الاعلام يقيم ممالك.. ويزيل امما.. بصدقه وموضوعيته وامانته وحياديته ونزاهته. ومواطنون.. يدفعون ثمن حروب لا علاقة لهم بها وشعارات لا تثمن ولا تغني من جوع.. ولا تحمي اجسادهم من بروده الشتاء الذي يطرق الابواب. ومسئولون.. بعضهم ملوث بخطايا النظام السابق الذي يحاول الالتفاف علي كل شئ ويجهض اي نجاح.. والبعض الآخر يصطدم بقوانين وأنظمة مازالت سائدة تحتاج الي تعديل.. مع ضعف امكانيات كبير.. وانهيار في البنية التحتية لمعظم مؤسسات الدولة. والشعب.. والوطن.. بينهم ثوار قدموا حياتهم من أجل حرية هذا البلد.. يريدون أن يروا نجاحا أو تقدما من أي نوع.. وللأسف وقعوا ضحية للانتهازيين واللصوص والمرتشين والمدعيين والفلول والحالمين بالعودة للحكم.. والكارهين للاخوان.. والذين يفضلون مصالحهم الخاصة علي مصالح البلد.. والمستعرضين لقوتهم الزائفة.. والمنافقين والفاسدين الذين يحاولون ايقاف السفينة وهدم اي نجاح. والمشكلة اننا لا نسمع.. لا نري.. لا نتعلم.. لكننا نتكلم كثيرا.. لقد وصلنا الي منتصف السلم ثم توقفنا عن الصعود.. ونخشي من العودة للمربع الأول.. وسط مخاوف من انهيار اقتصادي كبير علي وشك الحدوث قد يؤدي الي ثورة جياع تأكل الأخضر واليابس. فالجميع بلا استثناء يبحث عن السلطة.. ولا أحد يبحث عن الوطن.. الجميع مدان الكل يتحمل مسئوليه اي انهيار قادم. فحل مشاكل الامن والمرور والنظافة والخبز والوقود لوطن بحجم مصر وشعب يصل تعداد سكانه الي ما يقر ب من90 مليون يحتاج الي مائه عام وليس الي مائه يوم.. المهم من ذلك كله أن ندرس ماذا حدث وان نكمل علي ما تم.. هكذا ترتقي الأمم لا تهدم ما سبق لكن تبني عليه.. والأهم هو تطهير النفوس قبل الشوارع وتنظيف النوايا قبل الحواري وتزويد العقول بوقود العلم قبل السيارات والمصانع. فلم يكن الفساد.. فساد نظام فقط.. بل كان فساد قطاعات كثيرة استشري في طول البلاد وعرضها فأصبح كالسرطان لابد من انتزاعه من جسد مصر.. وأول خطوة هي العمل والانتاج.. وأن ترفعوا ايديكم ولا تظلموا البلد.. ولا تغتالوا الرئيس المنتخب بل التفوا حوله الي حين وانسوا خلافاتكم.. حتي لا يضيع الوطن. [email protected] رابط دائم :