جلس نابليون بونابرت ذات مرة في أحد المقاهي, وبجانبه شخص لايعرفه يتثاءب حتي اقتربت يده من المساس بأنف نابليون, فغضب نابليون ونظر إلي الرجل باستغراب وطالبه بعدم تكرار ذلك.. ولكن الرجل لم يكترث وقال مخاطبا نابليون هذا ليس من شأنك, وأنا حر وفي بلد الحرية, فأجابه نابليون نعم أنت حر, ولكن بشرط ألا تصل حريتك إلي أنوف الآخرين! ربما عبر نابليون منذ عشرات السنيين علي وضعنا الحالي لفهمنا الحرية خطأ فبعد ثورة25 يناير فرح الشعب المصري وتنفس الصعداء بأنه أخيرا نال حريته كاملة وتحرر من البطش والظلم والاستبداد, لكن البعض تمادي في حريته بمفهومه الخطأ لها فأضر حريته وحرية الآخرين!! لإن الحرية مسئولية يمكن ممارستها كيفما شئت فيما لا تضر. لكن في مصر ودول الربيع العربي هناك سيولة في المظاهرات والإضرابات والاعتصامات بعد الثورات يمكن أن تهدد بإسقاط الدولة بعد إسقاط النظام الفائت والبائد وممارسة حرية عبثية فلا أحد يقول أن قطع الطرق, وتعطيل القطارات وأتوبيسات النقل العام وحركة الطيران والاعتصام أمام مكتب المسئولين ومنعهم من أداء عملهم والتطاول علي كبار السن, وغير ذلك من الممارسات التي نراها بكثرة حاليا يدخل في بند الحرية!, ولو أن الذين اعتدوا علي الأبرياء في محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو والتحرير والعباسية, وحرق ذاكرة مصر المجمع العلمي نالوا عقابا شديدا طبقا للقانون ما تمادي هؤلاء وغيرهم في الاعتداء مرة أخري, كل هذا فوضي لاخلاقة في مرحلة انتقالية في غاية الحساسية يمكنها أن تسقط الدولة, وهذا ما لايمكن السماح به بأي شكل من الأشكال. وربما نتفق أن الغرب يطبق مفهومه للحرية بمكيالين فهو يمارس حرية التعبير ضد الإسلام والمسلمين بوضاعة ووقاحة لانه يري أن اهانة الرسل والأنبياء حرية تعبير, ووفقا لهذا المفهوم فانه بحق أي انسان اهانة جميع رموز الغرب من الرؤساء والقديسين ونعتهم بأسماء الحيوانات وبالوضاعة لذا لابد ان يعي الغرب أن ما يفعله الآن سيكون ضده غدا وسيعاني مما سيحدث. إن ما تفعله أمريكا وحلفاؤها من الغرب تجاه الاسلام اخرها اعتقال منال الطحاوي الصحفية والناشطة المصرية بسبب رشها للوحة تصف اليهود بالمثقفين وأعداؤهم العرب بالهمج في ولاية نيويورك. يؤكد التعصب الأمريكي الأعمي وينشر الكراهية والإساءة للآخر تحت دعوي حرية التعبير في الوقت الذي تمنع فيه الاحتجاج السلمي علي تلك الإساءة بالمخالفة الصريحة لقواعد الديمقراطية التي تنادي بها, وهو تناقض فج حول كون الإساءة لأي يهودي جريمة كبري وجناية تقع تحت طائلة معاداة للسامية في الوقت الذي يتم تصوير فيه الإساءة للمسلم كمجرد فعل غير مبرر ناتج عن الإسلاموفوبيا, أهذه عدالتكم يا مدعو الحرية والديمقراطية. وعلينا كاعلام وصحافة ومنتديات فيسبوك وتويتر شن حملات مضادة للاساءة لنا تركز علي3 أشياء الأولي السخرية من أكذوبة محرقة النازي وانكارها, وفضح عدم وجود أدلة عليها, وبيان كيف تم استخدام تلك الأكذوبة في ابتزاز الدول الغربية, والثانية فضائح سجن أبو غريب وشذوذ السياسات الأمريكية التي تبيح للمثليين الزواج, وتقلد الوظائف والالتحاق بالجيش, وهي كلها ضد الدين والأخلاق, والثالثة حملة ضد انتهاكات حقوق الانسان في معتقل جوانتنامو وتكثيف تلك الحملات أيضا بوضع بوسترات عملاقة أمام سفارات الغرب, فلا يفل كيدهم إلا ب الاكيد منه. إن تأصيل العدالة ومباديء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في نفوس الشعوب العربية والاسلامية ضرورة لعلاج كل المشاكل الخطيرة التي نعاني منها, وكفانا إشغالا الناس في صراعات عقائدية ودينية وقبلية لأنها لا تخدم إلا مصلحة قلة قليلة من المجتمع هم في النهاية من ستحترق أيديهم بنارها, وسيكون الجميع خاسرا لا محالة.