نحن نعيش نموذجا عصريا للتعلم من خلال نظام التعليم عن بعد, وهو نظام يعتمد فيه المتعلم علي ذاته بوصفه متعلما يوجه ذاته في خبرات تعلمه التي يدرسها ويستوعبها ويطبقها اعتمادا علي ماسوف يتعلمه من معرفة وماتتدرب عليه من مهارات, وحيث تتوافر مواد كالكتب والمصادر والمواد المساندة والأدلة الإرشادية والمعومات التنظيمية والتعليمية والتي يحصل عليها بشكل مباشر أو عن طريق البريد أو الإنترنت, كما يتواصل مع معلمين في لقاءات مجدولة بمراكز التعليم عن بعد ومن خلال وسائط تكنولوجيا المعلومات, وغير ذلك من تيسيرات للتعلم. لهذا, فإن هذا التعلم يساعد في إتقان التعلم عن بعد والتزود بالمعرفة والمهارات التي تؤلف وسائطها وأدواتها أساسا في أن يعلم نفسه بنفسه. إن المتعلم المعلم يثق في ذاته ويعتمد علي إرادة التعلم في سعيه الي التعلم ودافعيته المتأصلة في ذاته, كي يتواصل تعلمه وتقدمه بوصفه نهجا شخصيا وأسلوب حياة مميزة في إدارة الحياة تطلعا الي تحسين نوعية الحياة. إن ما سوف يتعلمه من معرفة ومهارات وعمليات, وفسوف يخبرها, نظرا وتطبيقا فكرا وعملا,في وحدة تتكشف فيها ذاته وما يكمن فيها من إمكانات ومصادر وطاقات للنمو,هي في الحقيقة بلا حدود وبلا قيود, ليثق فيها بوصفها ركائز لتقدمه في دراسته وفي حياته ومستقبله..التعلم عن بعد للتنمية.. تنمية الذات,وتنمية مهاراتنا في حسن إدارة الذات وإيجابية توجهها صوب حياة كريمة مقتدرة مستحقة. ويأتي التعلم الذاتي ومهاراته قوة مصدرية منبعثة من ذاتنا من أجل التعلم. فهو ذلك الكنز المكنون فينا كما يذهب تقرير الأممالمتحدة عن التعليم للقرن الحادي والعشرين, تلك ذخائر كامنة فينا وهبنا إياها الله سبحانه وتعالي, ومن ثم علينا صيانتها وتنميتها وحسن استثمارها في حياتنا قوة لكل تقدم وخير وبناء, وضمانا أكيدا لتواصل تقدم حضارة الإنسان والرفاهية. ولكن مايتفتح أمامنا ويتوافر حولنا من فرص وآفاق جد هائلة في مجتمعاتنا للعلم والتعلم والتقدم, وفي هذا العصر بعالميته الموسومة بعصر المعلومات ومجتمع المعرفة ومجتمع التعلم لايتأتي لنا حسن الاستفادة منها مالم تكن بدافع وتوجه من ذاتنا وعن إرادة وشوق وتفتح نقبل علي تلك الفرص, بل وأن نخلق الفرص, من أجل استيعاب لغة العصر واقتداراته, فسمة العصر هي إيغاله في دنيا العقل التي هي دنيا العلم والمعرفة والتعلم.. أفلا نتدبر هنا فيما ينبهنا إليه الإمام مالك: إن العلم لايعطيك شيئا من نفسه, مالم تعطه كل نفسك. إن هذه المقولة هي في الحقيقة تعبير يسبق به عصره عن جوهر التعليم الذاتي, وينتمي مقرر مهارات التعلم الذاتي الي تلك الفئة والأنشطة الأكاديمية والتعليمية التي تعرف ببرامج ومقررات التنمية كما تؤكد عليها الجامعات في هذا العصر خاصة, وهي برامج ومقررات تنشد تنمية المعرفة والمهارات والخبرات التي تسهم بشكل فعال في تحقيق النمو الشخصي للمتعلم وفي استمرار نموه بوصفه منظومة مفتوحة للتغير والتقدم مدي الحياة. وغاية هذا المقرر أن تصير تلك المعرفة والمهارات والخبرات مصادر شخصية للمتعلم يرتكز عليها توجهه في الحياة علي أنها منهج شخصي وأسلوب حياة لتعلمه وتعامله, ولنموه وارتقائه. ومن هنا يرتكز هذا المقرر الي رؤية تؤكد المدخل الكلي, وهو الشخص الكلي أو المتعلم الكلي, وحيث يكون التعلم وإتقان مهارات التعلم الذاتي مصادر ووسائط فعالة للتنمية الذاتية في شمولها لجوانب الشخصية وتوظيفها في مجالات الحياة المختلفة, لذا فإن مهارات التعلم الذاتي لاتقتصر علي الدراسة والتحصيل فحسب, ولاتنحصر في تعلم معرفي فقط ولكنها تتسع أيضا لتشمل الفاعليات الشخصية ككل, وحيث يكون التعلم الذاتي أسلوب حياة لتنمية الذات, وتكون مهارات التعلم الذاتي وسائط نموها وأعمدة ينهض عليها صرح الشخصية في تنمية مستدامة للذات ومن أجل جودة الحياة. إنه يتوجب علي المدارس والجامعات السعي نحو تفعيل التعلم الذاتي, وذلك من خلال: تعلم أهمية التعلم الذاتي في مجتمع المعرفة الذي هو مجتمع تعلم,وتعرف نماذج التعلم ذات العلاقة بالتعلم الذاتي, وتقدير العلاقة بين نماذج التعلم الفعال والتعلم الذاتي, والوعي بثقافة المجتمع المعاصر, وهو ثقافة التعلم, ومتطلباتها من المتعلم في اعتياده التعلم علي أنه أسلوب حياة,وإدراك الصلة الوثيقة بين التعلم الذاتي وتوجيهات التنظيم الذاتي وإدارة الذات في شخصية الفرد,والتمكن من مهارات واستراتيجيات التفكير اللازمة للتعلم الذاتي,والتمكن من مهارات معالجة المعلومات.