لمدة عام ونصف تقريبا يلازمه ويلاحقه ويراوده بتواصل دون انقطاع داخل عقله الباطن, لم يفارقه ليلة واحدة, كل مساء في ميعاد نومه المعتاد يهرع لفراشه وهو مرغم كاره وهو يتقدم خطوة ويتراجع خطوات. ينتابه خوف وهلع شديدان بسبب كابوسه المزعج, تبدأ أحداثه المكررة كل ليلة وكأنه شريط فيلم سينمائي تدور أحداثه المزعجة المتلاحقة بدون تغيير أو تعديل, يري في منامه طائره الأبيض بريشه ناصع البياض يحلق مغردا في سماء بيته وموطنه, عاشره, لازمه اعتاد علي تحليقه كل يوم لمدة ثلاثين عاما قضاها معه, شعاره التفاني والاخلاص والصدق, تسود بينهم روح الود والتعاون من أجل مصالح وطنهم المشترك, فجأة وبدون مقدمات تظهر فغوق سطح وطنهم ومنزلهم أسراب من النسور والغربان والبوم الجارحة بوجهها القبيح القمئ وريشهم الأسود القاني المقبض المنثور حولهم ووجوههم المخلوطة بملامح الغل والحقد والرغبة في التشفي والرغبة الجامحة في السيطرة والتحكم والاستيلاء علي عش طائره الأبيض الناصع الذي حاول لمدة ثلاثين عاما من تحطيم عشه وعش صغاره المحيطين به بكل تفان وأمانة واخلاص من الاقتراب من عشه بأفكارهم الرجعية التي تعود للعصر الجاهلي, لكنهم بعد أن استعانوا بكل وسائل القذارة من صفقات مشبوهة وتحالفات منكرة مع العديد من الطيور الجارحة المختلفة حتي تمكنوا من الوصول لعشه والسيطرة عليه عنوة واقتدار, ساعدهم في ذلك خيانة بعض المقربين منه بعد تخاذلهم وتهاونهم في الوقوف بجانبه لمساعدته في صدهم من سيطرتهم علي عشه الكبير واختاروا نسرهم الجارح بوجهه القبيح قائدا للعش وهو مغلف بكل مشاعر الحقد والغل والغيظ والرغبة في التشفي, استيقظ من نومه علي نغمات وايقاعات وأحداث كابوسه المزعج ومحاولات أسراب الطيور والنسور والغربان الجارحة المحظورة المكروهة النيل من طائره الأبيض بريشه ناصع البياض مستغلين مرضه وضعفه ووهن جسده وكبر سنه, مغلفين بمشاعر الحقد والغل والغيظ والتشفي للنيل منه, لكنه يبقي شامخا بإصراره وارادته وعناده داخل عشه برجولة واصرار وعناد دون أن يفر أو يهرب من عشه. نادر المغيني القاهرة