أجمع المشاركون في منتدي الأهرام المسائي علي نبذ العنف والتمييز الطائفي بين عنصري الأمة, مؤكدين أنه علي مر التاريخ المصري لم يكن هناك فصل بين نسيجي الأمة.. مسلمين وأقباط. وحملوا الأنظمة السياسية مسئولية تصاعد حدة العنف الطائفي التي شهدتها الفترة السابقة, رافضين في الوقت نفسه إنشاء أحزاب علي أساس ديني. كما أكد المشاركون أيضا رفضهم الخروج الآمن لأعضاء المجلس العسكري, وأن عدم محاسبة المسئولين عن أحداث ماسبيرو وكنيسة صول وغيرهما لا يعطيهم ثقة في النظام الحالي. ورد المشاركون علي العديد من التساؤلات الخاصة بمشكلات الأقباط وعدم مشاركتهم في الحياة السياسية, وأسباب عدم اختيارهم بشكل فاعل في المناصب الوزارية والحكومة, خاصة في مواقع المحافظين ورؤساء الجامعات ومشاركتهم المحدودة في الانتخابات البرلمانية, وحول مطالبهم من النظام السياسي الجديد في مصر, ورؤيتهم حول إنشاء حزب قبطي. وتحدث المشاركون عن دور الكنيسة وعما إذا كانت تمنعهم من المشاركة في الحياة السياسية وغيررها من القضايا الأخري, وفيما يلي تفاصيل المنتدي: * الأهرام المسائي: مطالب الأقباط مازالت قائمة, والمواقع القيادية بعيدة عنهم, لدرجة أن هناك اتهامات للأقباط بأنهم لا يريدون المشاركة.. نريد معرفة رؤيتهم, وكم عدد الأقباط في مصر؟ * في البداية يؤكد القمص متياس نصر راعي كنيسة السيدة العذراء بعزبة النخل, أن الكنيسة لا تمنع أولادها من ممارس العمل السياسي, لأنها بذلك ستمنع حقا للمواطن المسيحي, وهو حق من الحقوق الأساسية, قائلا: لست مواطنا ما لم تشارك سياسيا, والكنيسة لا تفضل أن تصطبغ بالصبغة السياسية حيث لا توجه الرأي المسيحي, لكنها تصنعه كمواطن صالح محب للوطن بهدف إخراج مواطن حر في رأيه السياسي. وتابع: والحقيقة أنه عندما حدث التضييق علي الأقباط في المشاركة السياسية والمجتمعية, اضطرت الكنيسة آسفة لعمل ناد بداخلها, وعمل مستوصف وخدمات لسنا مطالبين بها, علي الرغم من أنه دور الدولة. ومن جانيه يقول رامي كامل: إن الأقباط غير مسئولين مسئولية مباشرة عن تردي نسبة مشاركتهم في الحياة السياسية, مبررا ذلك بأنه عندما يتحدث الرئيس مرسي قائلا: أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة, فماذا يفعل الأقباط إذن؟ وهو ما اتفق معه في الرأي إيهاب رمزي عضو مجلس الشعب السابق قائلا: إن إقصاء الأقباط من الحياة السياسية والاجتماعية في مصر بدأ منذ عهد السادات بعد تغيير المادة2 من الدستور لإرضاء التيار الإسلامي, خاصة أن جمال عبدالناصر وأنور كانا من شباب ضباط الإخوان في الجيش علي حد قوله موضحا أن هذا الإقصاء أدي إلي مشاركة الأقباط في مؤسسات الدولة بنسبة بسيطة جدا لا تتعدي2%. * الأهرام المسائي: الأقباط عضو فاعل فهل سيكون لهم وجود قوي في الانتخابات المقبلة؟ * القمس متياس: لا ينكر أحد أن لقبط مصر قوة, لكن لابد من تحديد تلك القوة, وهل لها تأثير علي صانعي القرار, فالمسيحي يستمد قوته من كونه مواطن, وليس المهم ديني.. ومن هم جدودي, ومدي قدرتي علي الحشد, أنا أحتمي بوطنيتي. من جانبه قال رامي كامل عضو المكتب التنفيذي لاتحاد شباب ماسبيرو: إن العرس الانتخابي الذي شهدته مصر بعد الثورة لم يكن يكتمل إلا بوجود كتلة تصويتية للأقباط الذين حرصوا علي المشاركة, فالمسيحيين وطنيون وقادرين علي إحداث التغيير, ولكن التضييق الذي يمارس عليهم الآن علي حد قوله سيوجد نوعا من الانفجار. وتساءل: كيف الوضع إذا ما تحالف الأقباط مع بقايا الوطني في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ بالتأكيد سيتغير المشهد السياسي, لذا يجب عدم تجاهل مطالب أي فصيل سياسي وطني إذا كنا ننشد فعلا التغيير والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الشعب الواحد. * الأهرام المسائي: تمثيل الأقباط في المناصب العليا للدولة كان محدودا.. تري ما هي الأسباب من وجهة نظركم؟ وهل الوضع تغير بعد ثورة يناير؟ * القمص متياس: دعنا نكون منصفين.. هذه القصة حدثت بشكل تراكمي منذ ثورة يوليو, حيث كان ضمن مجلس قيادة الثورة أقباطا ولم يسمع عنهم الشعب, أمثال اللواء فريد عبدالله جورجي, وواصف لطفي حنين الذي كان مسئولا عن قشلاق اللواء السابع, وهذا الكلام للمرة الأولي التي سيسمع عنها الناس, وكان له دور في إنجاح يوسف صديق في دخول مبني رئاسة الأركان. وأضاف: إن الحركة مصبوغة, والعضوية مرهونة أنك تحلف علي المصحف والمسدس, وبما أن حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين كان له دور في الجيش آنذاك, لذلك لم يكن للأقباط ذكر في حينها حتي الآن بعد الصبغة الإخوانية التي اصطبغ بها التوجه في ذلك الحين. ويزيد رامي كامل قائلا: إن الأقباط عانوا الأمرين في عهد النظام السابق من عدم التحاقهم بكليات ووظائف بعينها مثل أمن الدولة, وهو ما دفعهم إلي العمل في مجال البيزنس. * هل وضع الأقباط قبل ثورة25 يناير أفضل أم بعدها؟ * الدكتور عماد جاد عضو مجلس الشعب السابق: الوضع أيام حكم جمال عبدالناصر كان قائم علي المواطنة, أنا تعلمت وعشت في الصعيد المشكلة الطائفية بدأت في سبعينيات القرن ا لماضي منذ أيام السادات مع بداية نشاط الجماعات الإسلامية, وبلغت حالة التطرف والاضطهاد ذروتها عام1977 عندما أراد صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب الأسبق السعي لتطبيق الشريعة الإسلامية, وفي عهد الرئيس المخلوع مبارك تحول التميز الطائفي إلي ثقافة, ومن فضل ربنا أن الشعب المصري يكره الفوضي ويخاف منها, ولو كان غير ذلك لكانت الأمور أكثر سوء. إيهاب رمزي عضو مجلس الشعب السابق يري أن النظام السابق زاد من حدة الاحتقان بين المسلمين والأقباط في الشارع المصري, خاصة أنه كان يكسب تعاطف الشعب بعبارات دينية منها: فلا يمكن أن يعلوا صوت الكنيسة علي الجامع, وعرض أي مشكلة تحدث بين المسلمين والأقباط حتي إذا كانوا أطفالا علي أمن الدولة؟ وقال رمزي: إن الكنائس لم تهدم منذ عصر الصحابة إلا بعد الثورة, فحتي مع دخول عمرو بن العاص لمصر لم يهدم كنيسة واحدة, لكن في الحقبة الناصرية والساداتية أصبح بناء دور العبادة المسيحية غير مسموح به, وبعد الثورة أصبحت أي حادثة أو مشكلة بين مسلم ومسيحي يتم تحويلها إلي قضية رأي عام ونقلها إلي ساحات الفيس بوك ليتواصل الطرفان ويتبادلان الاتهامات لتتحول المشكلة بين فردين إلي خلاف بين جمهور من المسلمين والمسيحيين, * هل هناك هجرة بالفعل للأقباط بعد الثورة؟ وما حجمها؟ * عماد جاد: في الحقيقة أعداد كبيرة من المسيحيين المصريين هجروا مصر بعد الثورة إلي الدول الأوروبية, لكن لا توجد إحصائيات رسمية بعددهم, فأكثر من هاجروا هم أبناء الطبقة الوسطي, لأن الأغنياء لا يستطيع أحد ممارسة أي تمييز ضدهم, كما أن الفقراء لا يستطيعون الهجرة للخارج. * ما دلالاتك علي وجود تمييز في معاملة الأقباط؟ * جاد: التمييز الطائفي بعد الثورة أصبح ثقافة مجمعية, خاصة مع صعود تيار الإسلام السياسي, لدرجة أنه لو حدثت خناقة بين مسلم ومسيحي لأي سبب وأصيب أو توفي الطرف الأول, يقوم كل أبناء القرية التي حدثت بها المشكلة من المسلمين بالهجوم علي أقرب كنيسة موجودة ويحاولون هدمها أو إحراقها, وحدث ذلك بعد الثورة مثل أحداث كنيسة صول و المقطم. وأضاف جاد قائلا: فضلا عن ذلك فإن الدولة نفسها تمارس التمييز ضد الأقباط, حيث تمنع عمل الأقباط في أجهزة سيادية مثل أمن الدولة والمخابرات, فالدولة أسهمت أيضا في تكريس ثقافة التمييز الطائفي بأنها تركت تطبيق القانون ولجأت إلي الجلسات العرفية لحل المشكلات الطائفية, من جانبه قال أنطوان عادل المتحدث الرسمي باسم اتحاد شباب ماسبيرو: إن هناك فرق كبير بين التمييز الطبقي الذي يحدث بين طبقات المجتمع والتمييز الديني الذي يماري ضد الأقليات الدينية في مصر, خاصة ما يتعرض له الأقباط, ونظرا لغضب شباب الأقباط من موقف الكنيسة الرسمي في العديد من الأحداث الطائفية, قام الشباب القبطي بتأسيس اتحاد خاص لهم لكي يعبرون عن مواقفهم السياسية بعيدا عن القيادة الدينية الكنيسة, والتميز ضد الأقباط أصبح يأتي من السلطة. ويتفق مه في الرأي إيهاب رمزي ويقول: إن حالة الاحتقان الشديدة التي يعيشها الأقباط حاليا دفعت بعضهم إلي الهجرة خارج البلاد. * الأهرام المسائي: الكنيسة هي العباءة التي يحتمي تحتها الأقباط, فهل الكنيسة مازالت قادرة علي السيطرة علي الأمر, خاصة بعد تشكيل ائتلافات قبطية تعبر عن مطالبهم؟ * جاد: الشباب القبطي خرج بعد الثورة عن عباءة الكنيسة حيث كون كيانات شبابية تمارس العمل السياسي, وتدافع عن حقوق الأقباط بالتظاهر السلمي والاعتصام, مثلما قام به اتحاد شباب ماسبيرو بعد الأحداث الطائفية التي شهدتها مصر خلال العام ونصف العام الأخيرة من جانبه قال عماد جاد: إننا أصبحنا في خطر حقيقي يهدد الدولة بالتقسيم, لأن تقسيم الأرض يبدأ بالفكر, وإذا وافقت الجمعية التأسيسية للدستور علي السماح للأحزاب السياسية علي أساس ديني, كما كان منشورا في جريدة الأهرام المسائي منذ عدة أيام, فسوف نجد أحزابا تقوم علي أساس ديني, ومنها أحزاب مسيحية, وبذلك القرار سوف يدخل رجل الدين في العمل السياسي وتتحول مصر إلي دولة دينية, وتنتهي الأحزاب المدنية للأبد, فمثلا الكنيسة سوف تشكل حزبا سياسيا طبقا للدستور سيكون رجال الدين هم المسيطرون عليه, وبذلك سوف تشهد مصر عملية التقسيم الحقيقي علي الأرض, وليس التقسيم الفكري فقط, وذلك مخطط من زمان. شارك فيه: محمود عبدالكريم- حفني وافي - هشام السيد- عبدالله الصبيحي- كريم المصري أعدها للنشر: أحمد ياسين أحمد كارم