تشارك مصر بالفيلمين الوثائقيين الطويلين جنة علي, للمخرجة فيولا شفيق, وفي ظل رجل, للمخرجة حنان عبد الله, في قسم نظرة علي سينما العالم التسجيلية بالدورة السادسة والثلاثين من مهرجان مونتريال السينمائي الدولي, والتي تختتم في الرابع من سبتمبر المقبل. يكتسب فيلم جنة علي وهو إنتاج مشترك مع ألمانيا- أهميته من بحثه في العلاقة الشائكة بين ثقافتي الغرب والشرق من خلال العلاقة التي ربطت بين المخرج السينمائي الألماني الشهير راينر فاسبندر والممثل المغربي الهادي بن سالم, بطل فيلم علي: الخوف يلتهم الروح, الذي أخرجه فاسبندر في السبعينيات حول علاقة مستحيلة بين سيدة ألمانية مسنة وشاب مغربي من العمالة المهاجرة آنذاك في ألمانيا. الفيلم ليس سيرة ذاتية للهادي بن سالم أو غيره, رغم أن قصته درامية للغاية( مات منتحرا في سجن بفرنسا), بل يمكن القول- كما صرحت فيولا شفيق نفسها- بأنه مضاد للسيرة الذاتية, ولا يعني تركيزه علي الأشخاص أنه يتبني هذا المفهوم علي الإطلاق, بل أن الفيلم يفكك الشخصيات ويحللها, حيث يفكك شخصية الهادي بن سالم ويطرح الرؤي المختلفة حوله من خلال الوسط الذي كان يتعامل معه ويعيش فيه, فالجميع عندهم رؤي مختلفة عنه, سواء في المغرب أو ألمانيا.. لذلك حرص الفيلم علي تسجيل آراء كل الذين كانوا يحيطون بالهادي بن سالم ومحاولة كشف ماذا كان يدور في ذهنه؟ وأين كانت تكمن مخاوفه؟ وفي هذا السياق خلصت المخرجة إلي أن آراء الذين رافقوا مسيرة الهادي بن سالم في ألمانيا عكست بشكل ما علاقة الألمان بالآخر, خاصة أن أحدا لم يحاول أن يعرف أو يفهم هذا الرجل وكيف كان يفكر. عن الفكرة وبداية عمل الفيلم, قالت فيولا شفيق في تصريحات صحفية: أنا باحثة في تاريخ السينما, وقد قرأت بالصدفة بحثا عن أفلام فاسبندر لكاتبة أمريكية تطرقت فيه للعلاقة التي ربطته بالممثل الهادي بن سالم, وركز البحث علي تراجيديا العلاقة التي انتهت بانتحار بن سالم في سجن بفرنسا.. ولأنني مهتمة أصلا بعلاقة الشرق بالغرب, فإن ذلك أثار فضولي كثيرا وبحثت في الأمر فلم أجد معلومات موثقة عن موت بن سالم, وكان هناك تضارب كبير في الآراء حول انتحاره, والوثائق التي وجدتها عن فاسبندر كانت تكشف عن تضارب, وكان كل شيء يلفه الغموض, خاصة أن بن سالم كان بطل فيلم( علي.. الخوف يأكل الروح), أحد أهم الأفلام التي كانت تناهض العنصرية في السبعينيات. وتضيف: استطعت الحصول علي فرصة دعم لإنتاج الفيلم ولكن الشركة التي تملك كل حقوق فاسبندر لم تعط لي فرصة رؤية إنتاجه أو التحقق من وثائقه, لكن كان لدي إصرار علي كشف تلك القضية الشائكة, ووصلت إلي كل أصحاب فاسبندر, وذهبت إلي السجن الذي مات فيه بن سالم في نيم بفرنسا, وقرأت ملفه وكان ذلك مغامرة كبيرة, إذ أنني عن طريق محام كان فاسبندر وكله للدفاع عن ابن الهادي بن سالم الذي كان يقيم في ألمانيا بشكل غير شرعي, استطعت الوصول إلي القاضي الذي حاكمه في فرنسا, وعن طريق ابن الهادي بن سالم نفسهوصلت إلي الأسرة الموزعة بين المغرب والجزائر, وهنا حدث الترابط وأصبح سيناريو الفيلم كاملا وحصلت علي أصل القصة غير منقوص. وفي فيلمها الوثائقي الأول في ظل رجل, قدمت المخرجة الشابة حنان عبد الله صورة خاصة عن الواقع اليومي الذي تعيشه النساء في مصر, من خلال سرد حكايات حميمة لأربع منهن, تشابهت قصصهن رغم تباين خلفياتهن الاجتماعية والاقتصادية. واستمدت المخرجة اسم الفيلم من المثل الشعبي الشهير ضل راجل ولا ضل حيطة لتعبر عن المعني العميق للمجتمع الذكوري الشرقي. الفيلم تم إنتاجه بتكليف من هيئة الأممالمتحدة للمرأة, وتم عرضه للمرة الأولي في مهرجان برلين السينمائي الدولي, ثم شارك في الدورة الأخيرة لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة, وفاز بجائزة مركز وسائل الاتصال للتنمية, وهو يدور حول تجارب أربع سيدات مصريات مع الزواج والطلاق والمجتمع الذي يعشن فيه. وعن فيلمها قالت حنان: الفيلم يدور حول أربع سيدات من مصر من أجيال وطبقات مختلفة ولكل حكايتها, ولكن بصفة عامة الفيلم عن معني الحرية بالنسبة للمرأة المصرية ومساحة الحرية, وما الذي تريد فعله ولا تستطيع وما الذي تقاوم من أجل تحقيقه. الفكرة الأساسية هي أن هناك نضالا شخصيا لكل امرأة موجودة بالفيلم, هذا الإحساس بالنضال والمقاومة موجود في كل بيت وعند كل امرأة مصرية.