ثمة عبارة وردت في وثيقة رسمية أمريكية واستفزت واشنطن بشدة.. العبارة تقول من انتم ايها الأمريكيون لتطلبوا منا ومن باقي العالم ألا نتعامل مع الايرانيين. أما العبارة فجاءت علي لسان مدير تنفيذي في بنك ستاندرد تشارترد قبل ستة اعوام, واما الوثيقة فهي عبارة عن واحدة من اشرس عرائض الاتهام الأمريكية ضد بنك اجنبي. السلطات الأمريكية اعتبرت تلك العبارة بمثابة احد الادلة الدامغة علي ازدراء بنك ستاندرد تشارترد البريطاني المقر بالقواعد التنظيمية الأمريكية وهو ما قد يبرر اتهامات رسمية أخري اكثر خطورة لهذا البنك الذي تبلغ قيمة اصوله أكثر من نصف تريليون دولار. فقد اتهمت إدارة الخدمات المالية في نيويورك البنك بالتواطؤ مع إيران لاخفاء نحو ستين ألف معاملة مصرفية علي مدار نحو عشر سنوات. وذكرت الإدارة ان قيمة هذه الصفقات بلغت مائتين وخمسين مليار دولار, واتهمت البنك بانه مؤسسة مارقة انتهكت القوانين الأمريكية لمكافحة غسيل الأموال. وذكرت الإدارة ان ستاندرد تشارترد حقق ارباحا خيالية من هذه الصفقات وصلت قيمتها إلي مئات الملايين من الدولارات. اكثر من ذلك فقد انتقدت إدارة الخدمات المالية في نيويورك بشدة البنك لتركه النظام المالي الأمريكي عرضة لما وصفتهم بالإرهابيين وتجار السلاح والمخدرات والانظمة السياسية الفاسدة. نظرية المؤامرة الا ان ستاندرد تشارترد رفض هذه الاتهامات التي تسببت في خسارته نحو سبعة عشر مليار دولار من قيمته السوقية في يوم واحد. اصحاب نظرية المؤامرة يقولون ان هذه هو ثالث بنك بريطاني المقر يتورط في تحقيقات تجريها سلطات أمريكية بعد مصرفي باركليز واتش.اس.بي.سي وكانت ثمة حملة أمريكية متعمدة لتشويه صورة القطاع المصرفي البريطاني. لكن مما قد يدحض الاتهامات الموجهة إليهما وهو ما قد يلهب مجددا الجدل المثار بشأن اداء القطاع المصرفي البريطاني برمته.. جدل ما فتيء مشتعلا منذ اندلاع الشرارة الكبري للازمة المالية العالمية قبول نحو اربعة أعوام. صدمة عالمية فها هو الكونجرس الأمريكي قد صدم خلال العام الحالي القطاع المصرفي العالمي باتهام أكبر بنك أوروبي علي الاطلاق وثاني أكبر بنوك العالم بأنه تحول من حيث لايدري إلي نفق لعبور جانب من الأموال القذرة للقطاع المصرفي الأمريكي. فقد خلص تحقيق اجراه مجلس الشيوخ إلي اتهام بنك اتش.اس.بي.سي البالغ اجمالي قيمته اصوله أكثر من تريليونين ونصف التريليون دولار بالتراخي الاداري علي نحو جعل هذه المؤسسة المصرفية عرضة للاستغلال في عمليات غسيل اموال قذرة من شتي انحاء العالم. وكشف التحقيق عن انه في حكم المؤكد تقريبا ان عصابات تهريب المخدرات في المكسيك استغلت هذا البنك في تبييض اموال طائلة علي حد تعبيره. كما اتهم اتش.اس.بي.سي بأنه كان معبرا ايضا لاموال مشبوهة من سوريا وإيران, أكثر من ذلك انتهت نتائج هذا التحقيق إلي ادانة السلطات المصرفية الأمريكية ذاتها بالعجز عن مراقبة اعمال اتش.اس.بي.سي علي الوجه المطلوب. هذه الاتهامات جاءت بعد تحقيق استغرق نحو عام جرت خلاله مراجعة مايقرب من مليون ونصف المليون وثيقة كما اجرت السلطات المعنية به مقابلات مع خمسة وسبعين مسئولا امام الكونجرس. فضيحة اتش.اس.بي.سي جاءت فيما القطاع المصرفي البريطاني لم يتعاف بعد من تداعيات فضيحة تلاعب بنك باركليز في أسعار الفائدة ومن مواطن الخلل في الاداء التي كشفتها الازمة المالية ليتساءل الشارع البريطاني الآن عن مصير مليارات الدولارات التي دفعها من قوت يومه لدعم هذا القطاع الذي كان يظن يوما ما انه مضرب الأمثال في النزاهة وصرامة الاداء. القصة الكاملة ولكن ماهي القصة الكاملة لفضيحة بنك ستاندرد تشارترد؟ تقول القصة انه في خطوة نادرة هددت إدارة الرقابة المصرفية في ولاية نيويورك يوم الاثنين الماضي بإلغاء رخصة العمل المصرفي في الولاية لبنك ستاندرد تشارترد البريطاني, واصفة اياه بانه مؤسسة مارقة اخفت معاملات تتصل بإيران تزيد قيمتها علي250 مليار دولار منتهكة القوانين الأمريكية. وكشف بنجامين لاوسكي المشرف علي إدارة الخدمات المالية في الولاية عن ان بنك ستاندرد تشارترد جني رسوما بمئات الملايين من الدولارات عن طريق التواطؤ مع حكومة إيران لاخفاء نحو60 الف معاملة جرت في الفترة بين عامي2001 و2010 بالرغم من العقوبات الاقتصادية الأمريكية. واضاف ان شركة ديلويت اندتوش وهي مستشار للبنك ساعدته فيما يبدو علي اخفاء تفاصيل عن الجهات الرقابية وقال إن المخالفات وقعت بالرغم من خضوع البنك لرقابة رسمية من عدة جهات من بينها بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك لعدم التزامه بقوانين اخري,. وإذا تقرر إلغاء رخصة عمل ستاندرد تشارترد في الولاية فسوف يكون ذلك ضربة مدمرة لبنك اجنبي اذ انه سيحول دون وصوله المباشر إلي السوق المصرفية الأمريكية, صفقات ضخمة وكشفت إدارة الخدمات المالية في ولاية نيويورك عن ان ستاندرد تشارترد يقوم بمباشرة تعاملات بقيمة190 مليار دولار يوميا لحساب عملاء في العالم. وأوضح بنك ستاندرد تشارترد في بيان له انه لا يعتقد ان الأمر الذي اصدرته إدارة الخدمات المالية يعبر عن صورة كاملة ودقيقة للحقائق علي حد تعبيره. وكشف متحدث باسم ستاندرد تشارترد عن ان البنك يجري مراجعة لالتزامه التاريخي بالعقوبات الأمريكية ويناقش هذه المراجعة مع وكالات انفاذ القانون والجهات الرقابية الأمريكية ولايمكن للمجموعة ان تتنبأ متي ستكتمل هذه المراجعة وهذه المناقشات اوبما ستسفر عنه! وأكد البنك انه اطلع الهيئات الأمريكية المختصة علي تحليل اظهر انه حرص علي الاذعان واذعن إلي حد كبير للقوانين الأمريكية وذهب ستاندرد تشارترد إلي تقدير ان المعاملات التي لم تلتزم بتلك القوانين تقل قيمتها عن14 مليون دولار. ويعد ستاندرد تشارترد سادس بنك اجنبي منذ عام2008 يكون محل اتهام بالتورط في معاملات مع بلدان تخضع لعقوبات مثل إيران في تحقيقات قادها مسئولون اتحاديون وفي ولاية نيويورك في مجال انقاذ القانون. وقد وافقت اربعة بنوك هي باركليز ومجموعة كريدي سويس وبنك اي ان جي ولويدز علي غرامات وتسويات تبلغ قيمتها اجمالا1.8 مليار دولار. سباب الأمريكيين وكشفت مصادر مطلعة عن ان ريتشارد ميدنجز مدير التمويل في بنك ستاندرد تشارترد سب الأمريكيين في محادثة استشهدت بها هيئة رقابية بولاية نيويورك في قضية غسيل اموال تباشرها ضد البنك البريطاني. غير ان رأي فيرجسون المدير في ستاندرد تشارترد والذي حضر الاجتماع الذي جرت فيه تلك المحادثات عام2006 قال إن كلمة مدينجز التي قالت الهيئة انها كانت أيها الأمريكان الملاعين لم يعقبها تبرم من مدير التمويل بشأن العقوبات المالية الأمريكية علي إيران كما زعمت الهيئة. ونقل عن بيتر ساندز الرئيس التنفيذي لستاندرد تشارتر قوله للصحفيين لانعتقد ان الاقتباس كان دقيقا. وكشف الرئيس التنفيذي لبنك ستاندرد تشارترد عن ان اتهام هيئة رقابية امريكية للبنك باخفاء تعاملات مع إيران قيمتها250 مليار دولار جاء مفاجأة للبنك وان هذه الاتهامات تحدث ضررا شديدا. وأكد بيتر ساندز الرئيس التنفيذي في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحفيين ان الأمر الذي نشرته هيئة الخدمات المالية بولاية نيويورك جاء كالمفاجأة تماما. واضاف ان الهيئة لم تعط اشعارا مسبقا وتابع قائلا ان رقم250 مليار دولار الذي ذكرته الهيئة هو تقدير لمجموع التعاملات المرتبطة بايران التي باشرها البنك في الفترة بين2001 و.2007 وذكر ساندز ان تحليل البنك اظهر ان300 معاملة فقط من المعالملات التي جرت في تلك الفترة لم تكن موافقة للقواعد المعمول بها انذاك وان قيمتها14 مليون دولار. صدمة وغضب وذكرت مصادر مطلعة ان وزارة الخزانة الأمريكية ومجلس الاحتياطي الاتحادي صدما وغضبا من قرار هيئة الخدمات المالية في نيويورك بشن هجوم ناري علي بنك ستاندرد تشارترد وتهديدها له بسحب رخصته بالولاية فيما يتعلق باخفاء مزعوم لتعاملات مرتبطة بايران بقيمة250 مليار دولار. وكشفت عدة مصادر ان بنجامين لوسكي رئيس الهيئة تسبب في تعقيد المحادثات بين وزارة الخزانة والبنك لتسوية ادعاءات خاصة بالصفقات من خلال تحركه المنفرد يوم الاثنين الماضي. وتحرك لوسكي المفاجئ الذي شمل الكشف عن مراسلات محرجة وتفاصيل بشأن تحدي البنك المزعوم للعقوبات ضد إيران يعيد كتابة قواعد تسوية قضايا مرتبطة ببنوك اجنبية وتتعلق باموال مرتبطة بدول تخضع لعقوبات, وفي الماضي كانت مثل هذه القضايا تسوي من خلال المفاوضات مع الحرص علي ألا تسبب حرجا علنيا بقدر الامكان. استياء رسمي لكن الاستياء الذي ابداه بعض المسئولين الاتحاديين الذين لم يتم اخطارهم فعليا بتحرك الهيئة ربما يعطي فرصة لستاندرد تشارترد لتصوير المزاعم بأنها تأتي من جهة رقابية جديدة تبدي حماسا زائدا غير انه في ضوء مضمون الأمر الذي وصف ستاندرد تشارترد بأنه مؤسسة مارقة وانه تواطأ مع الحكومة الايرانية واخفي عن مسئولي تنفيذ القانون60 الف معاملة علي مدار نحو عشرة اعوام ربما يحتاج البنك معه إلي تقديم دفاع قوي. وكشف متحدث باسم مجلس الاحتياطي الاتحادي عن انه يعمل عن كثب مع عدة مكاتب ادعاء بشأن الأمور المتعلقة بايران وكيانات اخري تخضع لعقوبات لكن لايمكنه التعليق بشأن تحقيق جار. وكشف جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين عن ان الحكومة الأمريكية تأخذ مزاعم انتهاك العقوبات بجدية شديدة وان وزارة الخزانة علي اتصال وثيق بالسلطات الاتحادية وسلطات الولايات بشأن هذه القضية. وادي هجوم سلطات نيويورك علي نزاهة البنك وتهديدها بالغاء ترخيص عمله في الولاية لفقد البنك17 مليار دولار من قيمته السوقية في يوم واحد. وكشفت مصادر عن ان بنك ستاندرد تشارترد الذي استعان بواحدة من اكبر شركات المحاماة في نيويورك كان يأمل ان يساعده كشف الحقائق وتسليم السجلات الداخلية للجهات التنظيمية الاتحادية علي التوصل لتسوية وسلمت السجلات ايضا للجهة المنظمة للبنوك في نيويورك التي اندمجت العام الماضي مع وكالة تأمين لتشكيل كيان جديد للرقابة المالية في نيويورك برئاسة لوسكي الذي كان مدعيا في نيويورك ومساعدا لحاكمها اندرو كومو. وتقول مصادر ان هدف لوسكي هو إلقاء مزيد من الضوء علي الانتهاكات المزعومة للبنك, وتقول المصادر ان الهيئة التي يرأسها ليست مهتمة بالتوصل لتسوية هادئة مثل التي ابرمتها السلطات الاتحادية في السنوات الماضية. ففي عام2010 علي سبيل المثال دفع بنك باركليز298 مليون دولار في تسوية وذكر البنك في وثائق التسوية انه تعاون مع التحقيق ومثل باركليز استعان ستاندرد تشارترد بمكتب سوليفان اند كرومويل وهو معروف في نيويورك بشركة المحاماة التي تلجأ إليها البنوك التي تواجه مشاكل تنظيمية. وإحدي نقاط الخلاف الحادة بين لوسكي وستاندر تشارترد هي حجم الصفقات المالية غير القانونية ويقدر البنك قيمة الصفقات التي لها صلة بإيران وتنطوي علي مخالفات للقواعد التنظيمية بنحو14 مليون دولار في حين يقدر لوسكي قيمتها بنحو250 مليارا. شكوك البنك وشكك بنك ستاندرد تشارترد ومستثمرون في الاتهامات التي وجهتها هيئة الخدمات المالية في نيويورك إلي البنك بشأن اخفاء تعاملات مرتبطة بايران والتي جعلته يخسر17 مليار دولار من قيمته السوقية في يوم واحد. وهذه ليست المرة الأولي التي يشارك فيها لوسكي في تحقيق لسلطات الولاية في مسائل تحقق فيها عادة السلطات الاتحادية فحين كان يعمل في مكتب المدعي العام لنيويورك ساعد لوسكي في ترتيب دعوي قضائية لم تحل بعد ضد بنك أوف امريكا عام2010 بشأن استحواذه علي بنك ميريل لينش بالرغم من ان البنك كان يسوي قضية مماثلة مع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية. وقال مستثمر باحدي المؤسسات: اللغة المستخدمة مقلقة للغاية قد يكون الأمريكيون يبالغون بالطبع لكن الوضع هناك لايبدو كذلك. وارتفعت تكلفة التأمين علي ديون بنك ستاندرد تشارترد البريطاني من خطر التخلف عن السداد لمدة خمس سنوات20 نقطة اساس لتسجل أعلي مستوياتها في ستة أشهر ونصف الشهر بعد ان هددت هيئة الخدمات المالية لولاية نيويورك بسحب رخصة البنك للعمل في الولايات. واظهرت بيانات من مؤسسة ماركت ان تكلفة التأمين علي ديون البنك بلغت165 نقطة اساس وهو اعلي مستوي لها منذ منتصف يناير من عام2012