لم يعد رصيف مجلس الشعب يكفي للاحتجاجات. الرصيف ضيق ولا يحتمل الاحتجاجات اليومية التي انتقلت من رصيف نقابة الصحفيين بوسط البلد. بصراحة تامة. لقد اصبح رصيف مجلسي الشعب والشوري تعبيرا جميلا عن حرية التعبير. كل من لدية مشكلة سواء من العمال او قبلهم موظفو الضرائب العقارية او المعاقون يتجهون رأسا الي الرصيف. لا أحد يضايق المتظاهرين من الأمن.. وإنما العكس هو الذي يحدث.. ضباط البوليس يحرسون المتظاهرين.. هذا معني جديد لم يكن موجودا في مصر من قبل. لا أنسي ذلك التعبير الذي قاله أحد ضباط الشرطة لصحفية: لماذا لا تكتبون عن متاعبنا.. إحنا كمان بنعاني ومشفناش ولادنا وبنبات برة بيوتنا. المعني واضح ليس فقط المتظاهرون الذين يضحون براحتهم من أجل ان يحصلوا علي مطالبهم.. تلك علاقة متبادلة بين جميع أطراف المجتمع تحتاج الي ساحة واسعة مثل هايد بارك في لندن بدون ان تتعطل أحوال العباد في مصر المحروسة. شارع القصر العيني حيث يقع مجلسا الشعب والشوري ومقر الحكومة أصبح لا يحتمل.. الزحام أصبح ظاهرة يومية. منذ ان أصبح الشارع اتجاها واحد تحول الي غابة مرورية كان الله في عون من يقطنه. هذا الشارع ارتبط بمدرسة روز اليوسف الصحفية. عدد كبير من نجوم الصحف الجديدة استوطنوا مقاهي الشارع سنوات طويلة.. لم يذهبوا الي مقاهي وسط البلد وانما أستوطنوا الشارع.. لا غرو في انهم يحفظون تضاريس الشارع عن ظهر قلب. أصبح قصر العيني عنوانا لحرية التعبير بعد ان كان عنوانا للطب. لقد حمل الشارع اسم أحد عناوين النهضة في مصر الحديثة: مدرسة قصر العيني حيث نشأت مدرسة الطب الحديث في مصر. لم يعد الشارع يحتمل.. هو يئن الآن من السيارات والبشر. لدينا أحد حلين: أما أن ينقلوا الحكومة والبرلمان إلي مكان آخر أو ينقلوا المتظاهرين الي مكان أرحب. وأهلا بالديمقراطية. [email protected]