يشهد الوسط السينمائي اليوم أزمة كبيرة بين السينمائيين المصريين والمركز الثقافي الفرنسي أحد ممثلي الثقافة الفرنسية الرسمية في مصر, فقد قام المخرج والزميل أحمد عاطف بالانسحاب من لجنة تحكيم مهرجان الصورة. و الذي ينظمه المركز الثقافي الفرنسي, من بعد أن أخبره الصحفي محمد الروبي بأن هناك فيلما مشاركا في فعاليات المهرجان للمخرجة كارين بن رافيل وهي إسرائيلية الجنسية وخدمت في الجيش الإسرائيلي بالرغم من أن الفيلم فرنسي الجنسية من إنتاج معهد الفيميس لتعليم الصوتيات والمرئيات بالعاصمة الفرنسية. وقام أحمد عاطف بإصدار بيان يعلن فيه انسحابه من لجنة التحكيم مرفق به بحث قام به عن أحاديث المخرجة الإسرائيلية مع راديو جيش الدفاع الصهيوني ليؤكد أسباب انسحابه. قامت إدارة المركز متمثلة في السيدة لطيفة فهمي بسحب الفيلم من برنامج العروض وادعائها بأنها لم تكن تعرف بالرغم من تأكيد الصحفي محمد الروبي أنها أعلنت له تليفونيا معرفتها بجنسية المخرجة, وتم استبدال أحمد عاطف في لجنة التحكيم بالمخرجة كاملة أبو ذكري. لكن بدأت وسائل الاعلام الفرنسية في الهجوم علي المخرج أحمد عاطف واتهامه بالعنصرية( صحيفة الليبراسيون) ومورست ضغوط علي الخارجية الفرنسية لتتم اعادة برمجة الفيلم من أجل عرضه ضمن فعاليات المهرجان بالرغم من أنف الجميع. وهنا قامت الجهات المعنية بالسينما مثل نقابة السينمائيين والمعهد العالي للسينما برفض هذا السلوك والنهج من قبل مؤسسة ثقافية تتبع الحكومة الفرنسية وتمارس نشاطها علي أرضها دون أي احترام لرغبات المثقفين والسينمائيين المصريين, وصدر بيان من المثقفين المصريين يشجب هذا السلوك بل أن الخارجية المصرية اتخذت موقفا مساندا للمثقفين والسينمائيين المصريين المناهض لأي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني. لا يعكس موقف المركز الثقافي الفرنسي تأثير اللوبي الصهيوني علي السياسة الخارجية الفرنسية فقط, بل هو في الأساس انعاكس لوجهة النظر الاستعمارية التي مازالت تسود الكثير من الكيانات الثقافية الفرنسية في تعاملها مع البلدان التي تمارس نشاطاتها فيها. فالبرغم من نهاية الكيانات الاستعمارية القديمة من الوجود وعلي رأسها الاستعمار الفرنسي الذي سقط في فيتنام أولا قبل أن يموت ويدفن في الجزائر من بعد الصراع البطولي للشعب الجزائري, مع ظهور شخصية مثل الجنرال ديجول ومنهجه المساند نوعا لحقوق الشعوب في تحرير مصيرها, الا أن هناك الكثير من أصحاب العقليات الاستعمارية مازالت تسيطر علي الموظفين الرسميين الفرنسيين, وللأسف فإن الثقافة الفرنسية وممثليها أحد أقطاب هذا التيار. فالبرغم من وجود تيارات متحررة ومساندة لحرية الشعوب وسط المثقفين والفنانين الفرنسيين ومواقفهم من العنصرية وكراهية الأخر أمثال المخرج جان أوديار والمؤيدون لحقوق الشعب الفلسطيني والمنددين بوحشية العدو الصهيوني أمثال المخرج الكبير جان لوك جودار( سويسري الجنسية ولكنه رمز من رموز الثقافة الفرنسية) ألا أن من يصل لمصر من الموظفين الرسميين الفرنسيين( وكأنهم يتم انتقاؤهم بعناية) يعكسون في قراراتهم وسلوكياتهم هذا التيار الاستعماري المتعالي, والذي يجعلهم يسلكون منهجا لا يضع في اعتباره لا ثقافة البلد العاملين فيه ولا مثقفيه, ويتمثلون روح الاوائل من المستعمرين الاوائل الهابطين لبلدان يرون أنها متخلفة وأن دورهم الحضاري يتمثل في فرض ثقافتهم ورؤاهم الواردة قسرا علي أبناء هذا البلد, ولعل الموقف السابق لتلك الكيانات مع المثقفين المصريين عند تنظيم احتفالية بحملة نابليون علي مصر لخير دليل علي تلك الروح. وقفة المثقفين والسينمائيين تلك تعكس شجاعة النخبة المصرية وموقفها الموحد ضد كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني. فالمخرج أحمد عاطف الذي ينتج أفلامه بمساندة من صناديق الدعم الأوروبية لم يخش من أن يكون لموقفه هذا من تأثير مستقبلي علي طلب تمويل لأفلامه من الكيانات الأوروبية, ولا كل مثقف من المثقفين الذين وقعوا علي بيان التنديد يخشي أن يحرم من دعوات السفارة الفرنسية أو طرده من جنة الدعم الفرنسي للثقافة. علينا كلنا من صحفيين ومثقفين وسينمائيين مقاطعة كل نشاطات المركز الثقافي الفرنسي وأخص بالذات مهرجان القاهرة والإسكندرية الذي نري ملصق المركز علي كل مطبوعاتهم ليعلم أنصار النهج الاستعماري أن مثقفي هذا البلد المتخلف لا يريدون منهم بضاعتهم الحضارية الاستعمارية. [email protected]