أحدث قرار وزير الصحة رقم499 لسنة2012 والذي يقضي بتحرير سعر الدواء جدلا واسعا وتسبب في هجوم داخل اوساط الاطباء وغرفة صناعة الدواء والشركات الأجنبية وايضا بعض السياسيين والمهتمين بأحوال المجتمع المصري فوصفته غرفة صناعة الأدوية بالقرار الخاطئ والمضر بصناعة الدواء في مصر ويعرقل تجارتها كما أن الشركات الأجنبية قررت رفع دعوي قضائية لوقف القرار وإلغائه, بخلاف البيان الذي اصدره حزب التجمع المصري والذي يجرم القرار ويعتبره إبادة للمواطن المصري, وأما الصيادلة فرحبوا ترحيبا واسعا به باعتباره قرارا في مصلحة المريض وسيؤدي إلي خفض سعر الدواء طبقا لأقل سعر عالمي! في البداية يقول دكتور محمد البهي نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية إن صيغة قرار وزارة الصحة رقم499 لسنة2012 غير واضحة لانها لا تعبر عن المضمون. حيث ان القرار يقضي بتسعير الأدوية الاصلية وفقا لأقل سعر من متوسط40 دولة نامية وليست غنية وتتشابه في الدخول المعيشية لمواطنيها مع مصر حتي يكون في صالح المريض المصري, لافتا إلي أن وزير الصحة السابق حاتم الجبلي سبق وان اصدر قرارا يقضي بتسعير الدواء وفقا لاسعار تتداول ب34 دولة حسب أقل سعر بناقص10% مما اضر بالشركات وجعلها تتوقف عن تسجيل الدواء في مصر لأن تنفيذه علي الأرض صعب ويضر بالمريض المصري علي عكس قرار.499 وأوضح أن الدكتور محسن عبدالعليم رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيادلة واضع القرار راعي فيه مصلحة المريض والذي يقضي بمراجعة اسعار الدواء كل ثلاث سنوات, مما سينتج عنه خفض سعر الدواء بالمعدل العالمي. حيث تقل أسعار الأدوية المثيلة بعد انتهاء فترة حمايته في العالم لأن سعر المادة الخام ينخفض وبالتالي تنخفض أسعاره. وأشار إلي أن القرار499 نص علي زيادة خصم السداد النقدي للصيدلي من20% إلي25% وزاد من نسبة الموزع من7% إلي10% مما رفع نسبة الخصم علي الأدوية الاصلية أو مرتفعة الثمن التي يتعدي سعرها ال1000 جنيه. حيث إن الأدوية التي كانت تنتجها الشركات العالمية تعطي خصما للصيدلي بنسبة12% وهي نسبة متعارف عليها عالميا والقرار رفعها إلي15% مما يعتبر تعديا علي مهام الغرفة لأن الوزارة منوطة فقط بالمراقبة علي أمان المنتج وفاعليته, وليست المعاملات التجارية التي تكون بالاتفاق مع غرفة صناعة الأدوية والشركات. وعلق الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع بأنه أصدر بيانا يجرم فيه قرار وزير الصحة لتحرير أسعار الدواء, مشيرا إلي أنه يستوجب رفع دخول المواطنين المصريين حتي تتوافق مع دخول الأوروبيين إذا كنا نريد تحرير سعر الدواء تبعا للأسعار العالمية, حيث ان80% من سكان مصر لن يقدروا علي شراء الدواء بهذه الأسعار مما يضر بحقهم في العلاج والصحة وهو ما لا يحق لأحد أن يحرم منه خاصة وان العلاج اصبح قاصرا علي نسبة ضئيلة من الشعب ومصير الباقين هو الجحيم في نظر الحكام المصريين وان مصر البلد الوحيد الذي تزيد فيها نسبة الوفيات سنويا مما يعد كارثة صحية لاتحتمل المزيد. كما أشار إلي ان قرار وزير الصحة يعد جريمة يستحق المحاكمة عليها لانها تعتبر جريمة ضد المواطنين وليس من المعقول ان تأتي ثورة25 من يناير بمثل هذه القرارات الظالمة والمواطن المصري ينتظر ان تحقق له العدالة الاجتماعية وان هذا القرار يذكرنا بمضمونه بقرار تحرير سعر القطن في السابق والذي أدي بالبلاد إلي كارثة تجارية وكذلك تدمير صناعة الغزل والنسيج. بينما رحب الدكتور محمد عبدالجواد نقيب الصيادلة في مصر بقرار وزير الصحة قائلا: إن الصيادلة لم يتغير هامش ربحهم منذ36 عاما مقارنة بربح الأطباء وأن نقابة الصيادلة مكثت علي دراسة القرار ووجدت انه قرار صائب في مصلحة المريض وان القرار يقضي بتحديد سعر الدواء وليس تحريره لان تحرير السعر يعني تسعير الشركات المصنعة للدواء قبل توزيعه بالأسواق وهو أمر يستحيل تنفيذه علي ارض الواقع ولا يقدر عليه المواطن المصري. فيما أوضح ان القرار في مضمونه يحدد سعر الدواء وفقا لأقل سعر عالميا مما سيؤدي إلي عدم ارتفاع أسعاره, موضحا أن القرار ليس بجديد وانه موجود منذ عام2009 لكن وزير الصحة السابق حاتم الجبلي وضع36 دولة أوروبية لا تتناسب الأسعار فيها مع المستوي المعيشي للشعب المصري اما القرار الحالي أدخل دولا نامية مثل غينيا والهند حتي تتماشي مع الأسعار بالسوق المصرية. ورفض الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة القرار قائلا: إنه يقضي بتغيير أساس تسعير الأدوية من الاساس الحالي التكلفة بالاضافة إلي هامش الربح إلي اتخاذ السعر العالمي اساسا للتسعير لكي يرفع بشدة من أسعار معظم الأدوية ويزيد عبء المواطن المصري المطحون وان كل هذا من أجل ارضاء البنك الدولي واحتكارات شركات الأدوية العالمية وزيادة أرباح شركات الأدوية المصرية, مشيرا إلي أن سعر الأدوية في مصر يعد من أرخص الأسعار في العالم, ويعود ذلك إلي قلة كلفة الأيدي العاملة المصرية ورخص السعر العالمي للكيماويات الدوائية في كل الأدوية التقليدية القديمة وارتفاع هامش ربح شركات الأدوية الأجنبية, وكذب ما يقال انه في صالح المريض لانه سيضر بالشركات المصنعة, مما سيضطرها إلي رفع سعر الدواء لتعويض خسارتها وسيدفع ثمنه المواطن المصري. وأوضح أن جميع شركات الدواء العاملة في مصر تحقق ارباحا كبيرة ولم تطالب بتغيير أساس التسعير, وان البنك الدولي يضغط بشدة منذ سنوات من أجل ما يسميه بتقليص الفجوة بين سعر الدواء العالمي وبين سعره في مصر دون أن يتحدث بالطبع عن أن الحد الأدني للاجور في مصر يساوي2% من الحد الأدني للاجور في أمريكا, مما يهدف إلي حرمان مصر من انخفاض أسعار الدواء كميزة لها في تصدير الدواء, كما يسهل علي شركات الدواء الأجنبية منافسة الشركات المحلية في سوقنا الداخلية والبنك الدولي عندما يطالب بتقليص الفجوة المزعومة إنما يخون حتي دعايته الدائمة حول ان حرية التجارة تسمح بإعادة توزيع الموارد بحيث يتمكن المنتج الأفضل من المنافسة في السوق العالمية, والبنك الدولي علي هذا النحو يفضح نفسه كمدافع عن الاحتكارات العالمية للأدوية.