قبل أن نواصل تناول قضية التعليم باعتبارها واحدة من المداخل المحورية والأساسية لقيام الدولة المدنية والفاعل الرئيسي في حماية المجتمع من التطرف بكل صوره ومجالاته. , نتوقف اليوم مع معركة وزير التعليم الدكتور احمد زكي بدر مع خفافيش الظلام الساعين لفرض سيطرتهم علي منظومة التعليم, وهي معركة بدأت مع اليوم الأول لدخوله الوزارة الثلاثاء5 يناير2010 بعد أن استشعرو ا بإن تصريحاته في ذلك اليوم تحمل توجها مختلفا يتعارض مع سعيهم وربما مصالحهم. وفي تصريحاته بحسب ما نشر في الصحف قال: من أول يوم دخلت فيه الوزارة وأنا عارف إني لازم هييجي يوم أخرج منها, في رسالة تحمل اشارات تقطع الطريق علي مروجي شائعات الخروج كنوع من الترهيب, وأضاف إنه يستهدف من خلال منصبه رفع المستوي المادي والمهني للمعلمين والإداريين وتحسين مستوي المنتج الذي تقدمه الوزارة وهو الطالب, كاشفا نيته الاهتمام سريعا بقطاع التعليم الفني,' لأن البلد يشهد تطورا هائلا في قطاع الاستثمار والصناعة يحتاج منا تخريج طالب بمواصفات سوق العمل', وهو بتصريحه هذا يقترب من رؤية خبراء التعليم ودراساتهم التي طالما طالبت بربط التعليم بالتنمية وعدم النظر له باعتباره مطلوبا لذاته في فضاء اليوتوبيا, أو لنقل تسديد الخانات المنحازة للكم والتنميط علي حساب الكيف والنوعية. وأضاف, أنه سينتهج سياسة المتابعة الميدانية لجميع قطاعات التعليم, لكن دون الإخلال بتطبيق سياسة اللامركزية الإدارية في مديريات التعليم بالمحافظات وفق ضوابط عامة ترسمها الوزارة' عشان مش هنسيب كل واحد يعمل اللي هو عايزه, لكن برضه مش لازم نرجع في كل حاجة لشخص واحد في القاهرة'. وأوضح أنه سيعتمد الشفافية منهجا خلال عمله كوزير للتعليم, وقال' معنديش حاجة أخبيها وهكون حياديا وشفافا في كل إجراءاتي وأكيد مش كل حاجة هطبقها هتكون صحيحة بنسبة100%, لكن أنا هحاول أرفع من نسبة الصواب علي حساب نسبة الخطأ'. وربما نفهم الخيوط المترابطة في شبكة مقاومة الوزير عندما نرصد محاولة ربط اختياره بكون والده هو اللواء زكي بدر وزير الداخلية(1986 )1990 والذي اشتهر بحدته في التعامل مع المعارضة بجملتها ومع الإخوان وجماعتهم المحظورة قانونا بشكل خاص, وهو ربط لا محل له لكن' التار البايت' له تأثيره, وهو ما تبدي في اجتزاء تصريحاته عن عودة الضرب في المدارس وتضخيمها في العديد من آليات الإعلام, رغم نفيه القاطع لما نسب إليه مشوها, وقد نفهم تلك الروابط عندما نرصد الحملة التالية عندما قلص جيش المعارين الي ديوان الوزارة وبعض المستشارين الكبار, في سعيه لتخفيف الضغط الذي يشكله بعضهم لتقويض التطوير لصالح توجه بعينه, ولم تتوقف حملة الهجوم المنظمة ضده حتي عندما فاجأ مدرسة بحلوان ليكتشف صورة متكررة في ربوع البلاد من تسيب وانفلات, وكانت قراراته حازمة, وفورية, بنقل كل العاملين بالمدرسة الي اماكن اخري, فيسارع لوبي الفساد والإفساد بدفع التلاميذ الصغار لتنظيم مظاهرة معادية للوزير كحائط صد يقفون وراءه في ادارتهم لمعركتهم, ونكتشف الخيوط الممتدة في تلك الشبكة عندما نقرأ عن تصدي بعض من اعضاء المجالس المحلية التابع لها المدرسة لتلك القرارات ورفضهم لها, من اجل دغدغة مشاعر اولياء الامور وليذهب التعليم الي الجحيم طالما بقي الحال علي ما هو عليه, بل تخرج علينا واحدة من فضائيات السبوبة الدينية وتفتح نيران التكفير عليه, وهي دلائل تكشف أن قرون استشعارهم في قمة ادائها وهي تري بصيص النور المحمل بالتنوير الذي يهدد عروش الظلاميين قادما ويطرق ابواب التعليم بقوة ويكاد يدك حصون الإرتداد الحضاري المتصحرة. وليس من قبيل المصادفة ان يعرض الإعلامي في تزامن مع زيارة الوزير لقطات حية من مدرسة اعدادية بسيناء لا يعرف تلامذتها حروف كلمات بسيطة مرتبطة بحياتهم ومحال اقامتهم, ويعجزون عن معرفة حاصل ضرب230, فضلا عن فضيحة الناظر والكمبيوتر, والإسعافات الأولية بالمدرسة. وفي لقاء شعبي نقلته الصحف نقرأ' ونال الوزير تصفيقا حادا من جمهور الحاضرين عندما تحدث عن التعليم الفني فقال: هناك أنظمة واشكال متعددة' ايشي تعليم3 سنوات' و'ايشي تعليم5 سنوات' و'ايشي تعليم فني'' مقلم وكاروهات'.. ايه الفرق بينها.. أنا لا أعرف.. هناك سوء تخطيط.. المدارس الفنية فيها اجهزة متطورة جدا.. الطالب يدخل من ناحية ويخرج من الناحية الثانية ما يعرفش الفرق بين المفك والمفتاح!!!, وفي البداية أوضح الوزير ان مشاكل التربية والتعليم كثيرة وخصائصها صعبة جدا وتؤثر في كل شيء حيث ان خريج الثانوية العامة يحدد طريقه اما بالدخول في سوق العمل أو الالتحاق بالجامعة وهذا الخريج يؤثر في التعليم العالي وجودة المخرج التعليمي تؤثر عند المنافسة في سوق العمل. أكد ان التعليم الفني علي قمة الأولويات حتي يفرز فنيين يعملون في مجالات تخصصهم ويعملون بالفعل حسب مستواهم وقدراتهم وتعليمهم الذي يحدد مدي جودة عملهم والمنتج الذي يخرج من خلالهم. وهي تصريحات ستفتح ابواب جهنم عليه من مستثمري' بعبع' الثانوية العامة الفزاعة المنزلية المزمنة التي تنعش سوق الدروس الخصوصية, وإن كانت علي جانب آخر تصحح خلل التعليم الفني وتسد حاجة السوق للأيدي العاملة الفنية المدربة والمعدة علميا كخطوة جادة في اعادة الإعتبار للمنتج المصري واستعادة قدرته التنافسية في الداخل وربما الخارج ايضا, وهي اشارة جادة إلي ربط التعليم بحاجة المجتمع وبالتنمية فضلا عن ارتباطه الطبيعي بالتنوير. الأمر يتطلب أن تنتقل رموز ودعاة التنوير والتنمية والإصلاح من أماكنهم الأثيرة في مدرجات المتفرجين بدرجاتها المختلفة ونخبتهم في المقصورة, الي ملعب المواجهة دعما لأجندة الدكتور بدر, وكذلك مع الإخوة التنفيذيين في المحليات المطالبين بفهم دورهم السياسي الذي يتجاوز مغازلة مصالح ضيقة والانتباه من شباك القوي الظلامية, فمعركة الوزير معركة وطن يكافح للخروج من عنق الزجاجة. عندما نقرأ عن تصدي بعض من اعضاء المجالس المحلية التابع لها المدرسة لتلك القرارات ورفضهم لها, من اجل دغدغة مشاعر اولياء الامور وليذهب التعليم الي الجحيم طالما بقي الحال علي ما هو عليهلم تتوقف حملة الهجوم المنظمة ضده حتي عندما فاجأ مدرسة بحلوان ليكتشف صورة متكررة في ربوع البلاد من تسيب وانفلات