لا يجادل إلا مغرض في ما للقدوة من فعل السحر في قيادة الأمم والجماعات وكم لغيابها من تأثير مدمر لبنية المجتمع, ولأن للحظة الحالية سمتا خاصا بعدما صبرنا قرابة عام ونصف العام لنسمي أول رئيس حقيقي منتخب لجمهورية مصر, تذكرت ما يحيط بالمنصب من هالات, سرعان ما تحجب عنه العديد من الدوائر الفاعلة في المجتمع تحت دعاوي عديدة تصب في النهاية في فرعنته, فتلك أمور أكاد أشاهدها نصب عيني في كل ركن! وتذكرت أفعال عظماء حفروا أسماءهم بسجل التاريخ من خلال قدوات كانت رائدة فاستطاعوا قيادة سفن بلادهم بمعدل متسارع لم تبلغه جل المجتمعات. في تاريخنا العربي لابد من تذكر ترك الحاكم العربي عمر بن عبد العزيز فور تنصيبه حياة الترف كي يقترب من الشعب ليرتفع بأمته للعلا. تذكرت هذا وأنا أتصفح أخبار الحكام لأجد أن رئيس أوروجواي يتقاضي فقط10% من المرتب الرسمي ليصل صافي دخله الشهري إلي أقل من ستة أضعاف الحد الأدني للراتب في أوروجواي, وتذكرت الرئيس الفرنسي الجديد حيث خفض راتبه ورواتب جميع الوزراء بنسبة30% في أول اجتماع وزاري ليصل راتبه إلي حوالي أحد عشر ضعفا للحد الأدني لمرتب الفرنسي. والأهم أن تلك الرواتب لا يضاف عليها أي إضافات إلا المصاريف الفعلية التي يستوجبها العمل فلا علاوات ولا بدلات ولا أظرف يتقاضونها كما يحدث عندنا في تقنين للفساد لم تشهده أي أمه متقدمة! تلك الأمثلة جعلتني أتساءل: هل يقبل رئيس مصر أن يتقاضي مرتبا يوازي عشرة أضعاف الحد الأدني لدخل المصري أم أن القدوة تتعارض مع المال؟ وإن لم يقبل بهذا فهل يقبل بمرتب مماثل لزميله في الجامعة الذي هو في مثل درجته وسنة ومؤهلاته كونه بالأساس أستاذا جامعيا؟! وليكن إعلان مرتب ومخصصات رئيس الجمهورية خطوة رائدة في طريق الشفافية! وفي غمار ما حدث وحتي لا تتكرر أحداث فبراير2011 فلا ننسي أن هناك قضايا لا يمكن التغافل عنها وأهمها عودة مجلس الشعب( لتتشكل ملامح السيادة للشعب في مواجهة ما صدر من إعلانات) والذي شكل حله انقضاضا علي أول وثاني مسيرة للديمقراطية. محطتنا التالية هي الجمعية التاسيسية حيث شاب قرار تشكيلها التسرع فبات حلها قاب قوسين أو أدني لتعارض نص التشكيل مع اجراءاته لعدم إمكانية فتح باب الترشح مساء ليتقرر التشكيل صبيحة اليوم التالي! إن بناء المؤسسات لا يجب أن تشوبه شائبة مهما تكن الدوافع والنوايا الطيبة فعلينا أن نستوعب درس حل مجلس الشعب! بقي أهم واجب وهو تأسيس منظومة رقابة شعبية من كل من يرغب في الانخراط في العمل الوطني التطوعي, لأعضائها امكانية التسجيل القانوني لأي انحرافات في مسلك المؤسسات وسلوك الأفراد من خلال رصد أي تجاوزات لضمان انخراط الجميع في فضاء عادل وطني تنموي, وبربط تلك المنظومة بأجهزة الرقابة الرسمية من خلال آلية قانونية فاعلة تؤدي دورها باحتراف بهدف الإصلاح وليس بهدف تجميع الأخطاء لتوجيه الأفراد طبقا لنزواتهم وذلاتهم ولنتذكر أن التصدي لانحرافات العمل التطوعي أمر ضروري, رغم كونه عماد تنمية المجتمعات من خلال خطة تنافسية وهدف قومي يضيف للوطن! إن تجميع أنفسنا لإنزال سفينة الوطن بحر العدل لتبحرفي محيط التنمية, يواكبه حق لا يأتي إلا بعد دفع الثمن واجبا!