بصرف النظر عمن سيفوز في انتخابات الرئاسة إلا أنها تمت بصورة جيدة رغم التجييش الفئوي والديني والعرقي ومن أصحاب المصالح الذي واكبها حيث لم يغير النتيجة التي توقعتها أغلب الاستطلاعات . العجيب في المشهد أن البعض حتي قبل إعلان مؤشرات النتيجة يحاول استباق الأمر بإصدار بعض البيانات التي يظن معها أنه يكبل سلطات الرئيس القادم وهو ما توقعته أغلب التحليلات, ولكن هل الأمر سيسير بسلاسة بهذا الأسلوب؟ وهل يمكن أن يتم حل المجلس النيابي السلطة الوحيدة المنتخبة بلا تزوير بهذه السهولة ومن جهة لا تملك حله طبقا لرأي أساطين رجال القانون؟! ومما يدعم ذلك التجاوز صدور بيانات تقلص سلطات الرئيس القادم وتقتنص لمصدريها سلطات واسعة لا تتفق وطبيعة عملهم وهو أمر لا يمكن فهمه طبقا لأضعف التحليلات إلا باعتباره انقضاضا ناعما علي السلطة سهله التنعم بالسلطة لفترة ليست بالقصيرة! ولنتذكر أن سيناريو الجزائر مازال يلوح في الأفق فلقد كانت فترة العام والثلث الماضية كافية لتأجيج الشعور بالحق والعدل والحرية في المجتمع رغم عدم فاعليتها بدرجة كافية ولكن لنتذكر أن هناك كتلة بشرية لا يمكن تجاهلها في أي مغامرة شبه جزائرية! وبصرف النظر عمن سيأتي رئيسا لمصر إلا أن احترام إرادة الناخبين واجب وطني يجب قبوله من الجميع فالوطن في حاجة لأن يصطف الجميع لشد سدته ولحمته في منظومة تكاملية من خلال رقابة شعبية ترابط في الميدان بجانب عملها الأصلي) لتضمن كينونة الدولة بشكل موجب ولتتصدي لأي محاولة لقنص إرادة الشعب. أعتقد أن علينا جميعا واجبا وعلي مجلس الشعب والرئيس القادم إصدار منظومة من القوانين لدعم المشاركة الشعبية التطوعية دفعا لمسيرة الوطن الأعلي. ولا يفوتنا أن نشير إلي أن الدول تضطر أحيانا إلي إصدار قوانين تجبر مواطنيها علي مراقبة أداء جانب معين من جوانب المجتمع حين تستشعر خطورته كما في قانون باتريوت الأمريكي, والذي لا يلغي المراقبة الشعبية للمواطن الأمريكي بل يشدد علي جانب معين منها. لقد سارت المجتمعات المتقدمة في مسيرة الرقابة الشعبية لعقود حتي صارت تلك الرقابة جزءا لا يتجزأ من منظومتهم الثقافية, فهل لنا أن نتأسي بهم؟ إن معركة اختيار الرئيس رغم حساسيتها وأهميتها ليست الأخيرة ولنتذكر أن جولات الصراع بين الحق والباطل التي ينتصر فيها الباطل ليست إلا نتيجة أنه أدخل في روع خصمه أن المعركة محسومة ولا فائدة من المقاومة أو العناد أو أدخل في روع الخصم الاستسلام لما يحيكه له, ولقد بدأت تلك المرحلة! كم هي عديدة قضايا الحق السديدة التي يكسبها الباطل لا لشيء إلا لأن أصحابها تخاذلوا في الدفاع عنها بأنفسهم أو أوكلوا الدفاع عنها لمحام فاشل أو متقاعس! معركة الوطن لم تنته بل أكاد أجزم أنها في خطواتها الأولي فلنتكاتف معا ولنتذكر أن من فاز في جولة الإعادة فاز بفارق بسيط مما يتطلب معه طمأنة شركاء الوطن علي النهج الذي ستسير عليه الدولة وتبديد ما لصق به من مخاوف سواء أكانت حقيقية أم زائفة. وعليه ليس فقط أن يتقبل النقد بل يقدره ويضعه نصب عينيه فما خاب من استشار, ولنتذكر أننا في منظومة الهندسة عادة ما يفيدنا الرأي الذي يأتي من خارج المنظومة!