أنتعجب لما يطال حي مصر الجديدة من تدمير لبنيته التحتية بسماح بعض الجهابذة بهدم فيلاته لإقامة أبراج سكنية محلها ليتحول الحي الذي حافظ علي سماته لأكثر من مئة عام إلي عشوائيات مقننة وليلحق بأحياء كانت راقية كالعباسية بعدما طالها السماح بتجاوز طابعها المعماري؟! أيزداد عجبنا لتجرؤ البعض بتعلية وهدم بعض مبانيه بلا تراخيص؟! هذا الطريق ليس بسر فمخالفات البناء تحكمها لوائح وغرامات قانونية هزيلة( طبقا لمنظومة الإفساد السارية) ولا تتعارض مع قانون إفساد الحياة العامة الذي لن يصدر! هذا الأمر يصدر مشكلة للمجتمع فمسطحات وارتفاعات المباني يحددها القانون لتكفل بيئة صحية لقاطنيها تتوفر فيها بنية أساسية من كهرباء ومياه وصرف صحي طبقا لعدد وحداتها ولعدد ساكنيها وهو أمر يتم إهماله في العشوائيات المقننة!في ظروفنا الحالية كيف نسمح بهذا؟ وما هو موقف المجتمع؟ وهل سنبقي علي وضع خطأ لنكافئ المخطئ, مما يعني معاقبة الملتزم الذي لم يقم بهذا التخريب المتعمد لبنية المجتمع المادية؟ الأمر يدعونا لنضع الحصان أمام العربة من خلال مطالبة نقابة المهندسين ووزارة الإسكان وغيرهما لمحاكمة كل من أجرم أيا كانت جهة عمله. الأمر جد وليس هزلا فهذا المشهد يتكرر بمعطيات مختلفة في قطاعات عديدة: في الرقعة الزراعية وفي الشارع وفي الجهات الحكومية, فالتصالح أدي إلي التجرؤ علي القانون ليتقهقر الملتزم ويتقدم المفسد, وليثري المرتشي ويقبع الشريف بجوار حائط مسكنه الذي يقيه بالكاد برد الشتاء! لقد شاب كثير من قوانيننا الفساد ولا يصلح لعلاج الأمر سوي محكمة ثورة تعلي راية العدل ليعود النظام للمجتمع. شد انتباهي وأنا أجتاز ذلك الحي الذي ينهار بسرعة أمام أعيننا رجل حمل ورقة ليلقيها في صندوق قمامة بلا قاع فسقطت علي الأرض فالتقطها ليحملها ويسير بها عله يجد صندوقا آخر. هذا المشهد النادر الحدوث دفعني للحوار مع حكم رياضي سعدت بعمق نظرته لمجريات الأمور. وفي لقطة أخري في الحي ذاته رأيت آخر يلتقط من صندوق للقمامة بعض ما يسد رمقه. وهنا أيضا توقفت لأتحاور معه ولأري التعفف علي وجهه. وتعجبت عمن يتسابقون لجني ثمار أعمال غيرهم بالقفز فوقها متجاهلين مشاهد مماثلة كثيرة; فبجانب ذلك الرقي في السلوك نجد التمادي في الفساد بل الإفساد وبالقانون!حينما نجتث منظومة الإفساد سنجد لزميلنا الحكم الرياضي وضعا أرقي يمكنه أن يعطي فيه وسنعف شيخنا الذي يقتات القمامة بشمم! وللإصلاح جوانب منها قضية المرتبات وعلاقتها( وأقصد لا علاقتها) بالدخول بهدف إعادة هيكلة المنظومة بصورة فاعلة تضيف لجموع الوطن وبشفافية وهو أمر أتي مبتورا فيما تتناقله الأنباء عن قانون الحد الأقصي والأدني, حيث قطع المجتمع أوصالا بربط الحد الأقصي بأقل دخل في جهة الموظف ذاتها, وحسنا فعل بربط الأمر بالدخل وليس بالراتب ولكنه تناسي هدف إيجاد نسيج متقارب لمختلف العاملين بالدولة فلم يراع تباين دخول موظفي الوزارات والهيئات المختلفة! ولهذا فالقانون جانب الهدف المجتمعي الصادر من أجله ولم يحل المشكلة مشيرا إلي أننا مازلنا أسري الفكر القديم وليس لدينا رؤية شاملة للوطن! يقول حافظ إبراهيم وكأنه يشخص حالنا: نحن نجتاز موقفا تتعثر الآراء فيه:: وعثرة الرأي ترد. فقفوا فيه وقفة حزم:: وارسوا جانبيه بعزمة المستعد.