من اقتحام السفارة الإسرائيلية إلي قضية التمويل الخارجي والتصادم مع الولاياتالمتحدة ثم تصريحات رئيس الأمن بالإمارات عن الإخوان المسلمين واستنكار مجلس التعاون وأخيرا الهجوم علي السفارة السعودية بالقاهرة. أربع مواجهات خارجية عاشتها مصر منذ الثورة كانت تمثل فرصة ذهبية لأي شخص في منصب وزير الخارجية كي يثبت ذاته وقدراته أن يكون نجم الحكومة المصرية ومحور قوتها وأن نتيح لوزارة ضخمة تمتلك آلاف العاملين أن تبرز الدبلوماسية المصرية عالية المستوي لكن هذا لم يحدث وأثبتت هذه المواقف عكس ذلك ومدي محدودية وهشاشة قدرات وزارة كانت يوما ما محط أنظار العالم وحلم الشباب المصري كشفت وجهها عن سنوات من الإهمال شأنها شأن كل وزارات الدولة تكاد تنحصر فيها سبل التوظيف والترقي والتنقل تبعا للواسطة وعلاقات القرابة بالتأكيد هناك كفاءات ولكن ألسنا نردد أن المية تكدب الغطاس! أين هؤلاء وسط بحر من شوف مصلحتك؟ هل يستطيع أحد في مصر أن يصف لي موقف مصر من ثورات تونس أو اليمن أو ليبيا أو حتي سوريا!! هل أتضحت أي خطة أو مقترح خطة لوجود مصر في أفريقيا أو لتطوير علاقتها المتدهورة؟ هل يعرف أحد ما هو موقف الخارجية من الوفود المصرية التي تزور إيران ومن التغلغل الايراني ومحاولة تشييع الشعب المصري عبر الزواج وشراء الأراضي والإستثمارات المشبوهة؟ كل المشاكل في العلاقات الخارجية في المواجهات الأربع الأخيرة تم حلها علي مستوي المجلس العسكري باتصال شخصي من المشير! فلا سمعنا متحدثا باسم الخارجية يعلق علي الأحداث ولا هب الوزير ليخرج للناس ويشرح الأمور ولا خرجت مصر منها بالصورة المشرفة التي يعرفها عنها العالم. نعم اقتحام السفارة الإسرائيلية والهجوم علي السفارة السعودية أخطاء يسأل عنها الأمن ولكن إدارة الملفات الخارجية وتجنيب مصر تبعات الأمور خطأ تسأل عنه الخارجية فقد توقعت مثل الكثيرين أن تخرج علينا وزارة الخارجية تستنكر الهجوم علي السفارات وتعبر عن أن هذا عمل بربري يخرب علاقات مصر الخارجية التي هي أصلا محور من محاور تنميتها ونهضتها والقبض علي المصري في دولة أجنبية بأي تهمة يستوجب أن تقوم السفارة مباشرة بالتواصل معه وتستطلع الأمور خاصة في هذه الفترة الحساسة التي يلعب فيها مصطلح ناشط حقوقي الكثير من الأدوار. كان يمكن أن يختلف موقف الأزمة الراهنة لو خرج السفير المصري في السعودية وأعلن أنه قابل المتهم وأنه اعترف وأن هناك فعلا جريمة لو خرج ورد بنفسه عن الشائعات بشكل شفاف ليس تأكيدا لكلام السلطات السعودية ولكنه مراعاة لحساسية الموقف والفترة التي تمر بها مصر من السيولة الخطابية والشعوبية لا يجب أن نكون دائما بين اختيارين اما الصمت واما التصريحات المحفوظة عن ظهر قلب من نوعية أن الوزارة تتابع بكل جدية وأن الوزير يتابع التطورت لحظة بلحظة نريد فعلا وتفاعلا إيجابيا يحافظ علي كرامة المواطن ويحفظ العلاقات بين مصر وهذه الدول, لا نريد دفن الرؤوس في الرمال ولا تصريحات عنجهية من نوع كرامة المواطن المصري فوق كل شيء فقط نريد أن تقوم الخارجية بدورها في تحسين وإدارة العلاقات مع العالم. العلاقات المصرية الاماراتية والسعودية علاقات عميقة لا يمكن أن يهدمها أو يعكر صفوها هذه الحوادث هذه العلاقات يجب أن تشتد وتقوي خاصة بعد انتشار أخبار عن دعوة مصر للدخول في مجلس التعاون الخليجي لذا فالإهمال وغياب المعلومة وترك الساحة للغوغائيين أنتج وسوف ينتج ردود أفعال قد لا تتناسب مع الحدث ويعرضنا جميعا لمختلف التحليلات التي تخرج الأمور عن سياقها. فقد يري البعض أن رد السعودية كحق من حقوق الدولة التي تحمي دبلوماسييها ويراه آخرون ترجمة لنظرة فوقية أو انتقاما من الثورة وكله تحليلات لا تخدم الظروف الراهنة لمصر والعالم العربي العرب يحتاجون إلي مصر قوية ومثالا للتسامح والعقل وليس مرتعا للغوغائية والتصادمات ووزارة الخارجية هي الحصن الذي يجب أن يقف دائما مع مصلحة الوطن والمواطن أيا كان الثمن. يجب أن ننظر في تطوير وزارة الخارجية بنفس الهمة التي ينظر بها البعض لتطوير وزارة الداخلية فكلاهما يمثلان أعمدة استقرار وازدهار أي دولة في عصر العولمة والتكتلات الاقتصادية والسياسية كفانا محاباه ومجاملة واستهتارا بمقدرات المجتمع وإمكاناته.