سلطات الاحتلال تخلي مستشفى الساحل بالضاحية الجنوبية لبيروت    استطلاع: غالبية الألمان يرفضون إرسال المزيد من الأسلحة إلى إسرائيل    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات اليوم على خطوط السكك الحديد    أسوان تتزين لاستقبال ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني| صور    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تصل ل 20 ألف جنيه.. أسعار تذاكر حفل عمرو دياب نوفمبر المقبل    جالانت يتخذ قرارا بشأن جمعية «القرض الحسن» التابعة لحزب الله    مجدي عبد الغني ل كهربا: أنت ليك ماضي معروف.. والناس مش نسياه    حقيقة صرف مكرمة ملكية بقيمة 1000 ريال لمستحقي الضمان الاجتماعي في السعودية    تحذير شديد اللهجة من الأرصاد بشأن طقس اليوم، وهذا ما يحدث من من 6 صباحا إلى 11 ليلا    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته بسوهاج    قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    رئيس جامعة بنها: ندعم أفكار الطلاب وابتكاراتهم    استشهاد وإصابة فلسطينيين بتفجير في بيت لاهيا    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    الكلاب في الحضارة الفرعونية.. حراس الروح والرفاق في عالم الآلهة    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    الفنانة نورهان: اشتغلت مدرسة إنجليزي بعد الاعتزال.. التمثيل كان يسرقني من الحياة    عاجل- كيفية الاستعلام عن موظف وافد برقم الإقامة وخطوات معرفة رقم الحدود عبر أبشر    كسر بالجمجمة ونزيف.. ننشر التقرير الطبي لسائق تعدى عليه 4 أشخاص في حلوان    عاجل - تمديد فترة تخفيض مخالفات المرور وإعفاء 50% من الغرامات لهذه المدة    مصرع شاب وإصابة 2 آخرين في حادث انقلاب سيارة بأسيوط    محمد عبدالجليل معلقًا على غرامة كهربا: حذرت لاعبي الأهلي من محمد رمضان    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    الصحة اللبنانية تدين تعرض إسرائيل لأكبر مرفقين طبيين في البلاد وتطالب بموقف دولي إنساني    3 مشروبات يتناولها الكثير باستمرار وتسبب مرض السكري.. احذر منها    قصف مدفعي مكثف في عيتا الشعب جنوب لبنان    حل سحري للإرهاق المزمن    نشرة التوك شو| حقيقة زيادة المرتبات الفترة المقبلة ومستجدات خطة التحول إلى الدعم النقدي    مدحت شلبي يوجه رسائل نارية ل حسين لبيب بعد أزمة السوبر    بعد منعه من السفر… «هشام قاسم»: السيسي أسوأ من حكم مصر    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ما حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    قائد القوات البحرية يكشف سبب طُول الحرب في أوكرانيا وغزة    إسرائيل تتوعد: الهجوم على إيران سيكون كبيرًا وسيجبرها على الرد    «القابضة للمطارات»: مؤتمر المراقبين الجويين منصة للتعاون ومواجهة تحديات الملاحة    كيفية تفادي النوبات القلبية في 8 خطوات..لايف ستايل    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    التجميد أو البيع.. اجتماع في الأهلي لحسم مصير كهربا    متحدث الصحة: نعمل بجدية ومؤسسية على بناء الإنسان المصري    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    رئيس انبي: «حصلنا على 21 مليون جنيه في صفقة حمدي فتحي.. واللي عند الأهلي ميروحش»    شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية (تفاصيل)    شريف سلامة: أتخوف من الأجزاء ولكن مسلسل كامل العدد الجزء الثالث مفاجأة    فى منتصف الأسبوع..سعر الطماطم والبصل والخضار بالاسواق اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    أبو هميلة: توجيهات الرئيس للحكومة بمراجعة شروط صندوق النقد الدولي لتخفيف الأعباء    الصفحة الرسمية للحوار الوطنى ترصد نقاط القوة والضعف للدعم النقدى    عاجل - طبيب تشريح جثة يحيى السنوار يكشف عن الرصاصة القاتلة والإصابات المدمرة (تفاصيل)    أبرز موافقات اجتماع مجلس مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأقصر    القصة الكاملة لتدمير القوات المصرية للمدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967    50 جنيهًا تُشعل خلافًا ينتهي بجريمة قتل في كفر الشيخ    ابتعدوا عن 3.. تحذير مهم من محافظة الإسماعيلية بسبب حالة الطقس    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فجوة جيلية‏:‏أبعاد الأزمة بين شباب الإخوان وقيادات الجماعة بعد الثورة

منذ أكثر من ثمانية عقود وجماعة الإخوان المسلمين تتعامل مع واقع سياسي محتدم بمتغيرات معقدة فرضت عليها أن تعلي
من أهمية التنظيم الداخلي‏.‏ فمع ظهور الجماعة علي يد حسن البنا عام‏1928‏ وتقديمها لرؤية يتداخل فيها الديني والسياسي‏,‏ وجد الرعيل الأول من الجماعة أن القيادات الحاكمة وقتها ترفض وجودها ومنازعتها علي الشارع السياسي‏,‏ وبالتالي أعطيت الأولوية للحفاظ علي تماسك التنظيم بالصورة التي تمكن الجماعة من تلقي ضربات القيادات الحاكمة التي توالت علي حكم مصر‏.‏ وأثناء مراحل الشد والجذب بين الجماعة وحكام مصر‏,‏ كانت الضغوط الخارجية تمثل الهاجس الحقيقي أمام الجماعة فهي تتعامل بمنطق رد الفعل حيث تكيف أوضاعها مع النظام القائم وتتحرك وفقا للمساحات المسموح بها‏,‏ وبمرور الزمن‏,‏ بدا أن الخارج ليس هو العامل الوحيد في المعادلة‏,‏ إذ أن الداخل مثل عبئا آخر علي الجماعة‏,‏ حيث طفت علي السطح بعض المشكلات الداخلية‏,‏ كان أبرزها تمرد عدد من قادة النظام الخاص علي المرشد الثاني حسن الهضيبي‏.‏
وخلال فترة التسعينيات‏,‏ خرج أعضاء من الجماعة لتشكيل حزب الوسط‏.‏
وهكذا‏,‏ كانت الجماعة تشهد بين الحين والآخر أزمات داخلية قد لا تكون مؤثرة في تماسك التنظيم‏,‏ ولكنها علي أقل تقدير أسقطت فرضية أن الجماعة عصية علي الانشقاقات‏.‏
ومع اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير‏2011‏ والإطاحة بنظام مبارك‏,‏ بدأت الانشقاقات داخل الجماعة تلوح في الأفق مجددا‏,‏ بحيث لم تعد قادرة علي إخفاء انقساماتها الداخلية‏,‏ بعد بزوغ عدة خلافات بين جيل الشباب والجيل القديم‏.‏ كان أخرها أزمة ترشيح الجماعة لخيرت الشاطر في انتخابات الرئاسة‏,‏ الأمر الذي اتضح أنه يواجه موجة اعتراضات من جانب قطاع من الشباب‏,‏ مما أثار عدة تساؤلات حول مستقبل الإخوان المسلمين وعلاقة الأجيال داخلها‏.‏
شباب الإخوان‏..‏ سلسلة من الأزمات
ظهرت داخل جماعة الإخوان خلال السنوات الأخيرة حالة أشبه ما تكون بالاصطفاف بين تيارات متباينة يمكن تصنيفها لثلاثة تيارات رئيسية‏.‏ يمثل التيار الأول التوجه المحافظ‏,‏ الذي يسيطر بصورة كبيرة علي مكتب الإرشاد والمكاتب المحلية‏,‏ ويستمد نفوذه من السيطرة علي العمليات الإدارية والبيروقراطية داخل الجماعة‏,‏ ويولي أهمية للحفاظ علي التنظيم وتأكيد مبدأ السمع والطاعة‏.‏
بينما يشكل التيار الثاني الاتجاه المحافظ البراجماتي‏,‏ الذي يجمع بين الالتزام الديني والطابع المحافظ مع الإيمان بقيمة المشاركة‏,‏ فيما يوصف التيار الثالث بالإصلاحي‏,‏ وهو يدعم فكرة التجديد الديني والبحث عن تفسيرات غير تقليدية للدين والانفتاح السياسي‏.‏
وبمرور الوقت‏,‏ تداخلت مع فكرة التيارات الفكرية المتباينة فكرة التمايز الجيلي داخل صفوف الجماعة لتضفي المزيد من التشابك‏.‏ فعشية ثورة يناير‏2011,‏ بدا ان المجتمع المصري يشهد حالة من الجائز وصفها بصدمة الأجيال‏,‏ حيث اكتشف المجتمع أن هناك جيلا من الشباب له فكره الخاص ورؤيته المتميزة‏,‏ ويرغب في تغيير الأوضاع بخلاف رؤية جيل الآباء الأكبر سنا والأكثر حظا في السيطرة علي المناصب القيادية داخل الدولة‏.‏ وسرعان ما انتقلت هذه الفكرة إلي جميع جنبات المجتمع‏,‏ بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين‏,‏ حيث بدا أن ثمة هوة تفصل بين جيل الشباب والجيل القديم أفرزتها سلسلة الأزمات التي نشبت بين الطرفين‏.‏ وتتلخص في ثلاث قضايا رئيسية‏:‏
الاشتراك في الثورة‏:‏ فقد قوبلت الدعوة إلي التظاهرات في‏25‏ يناير‏2011‏ بالرفض الرسمي من جانب الجماعة وهو ما اعترض عليه قطاع واسع من شباب الجماعة وقرروا المشاركة بمنأي عن الموقف الرسمي‏.‏ وبالرغم من التحاق الجماعة رسميا بعد ذلك بالثورة‏,‏ فإن هذا الموقف كشف عن خلاف واضح بين الطرفين‏.‏
مليونيات التحرير‏:‏ مع رحيل مبارك‏,‏ لم تكن الثورة قد حققت جميع مطالبها‏,‏ ومن ثم أصبحت المليونيات بميدان التحرير وسيلة للتعبير عن تلك المطالب‏.‏ وقد شكلت
المشاركة في هذه المليونيات عبئا داخليا علي الجماعة إذ أن قراراتها كانت في بعض الأحيان تأتي مخالفة لهوي غالبية شباب الإخوان الذين شاركوا في الثورة منذ ميلادها‏,‏ وأرادوا إكمال مسيرتها‏.‏
وهكذا‏,‏بدت الصورة مفعمة بالتناقض‏,‏ فالجماعة رسميا تتغيب عن بعض الميلونيات‏,‏ في حين يحضر الشباب‏,‏ وتزايد هذا التناقض مع أحداث محمد محمود إبان شهر نوفمبر الماضي‏,‏ فالجماعة تغيبت رسميا عن المعتصمين في الميدان وحضر شبابها الذي وجد نفسه أمام معضلة حقيقية‏,‏ وخصوصا أنه أصبح مطالبا باستحقاقات عدة ومتباينة في آن واحد‏,‏ فعليه التزام بالاستماع للقيادات تطبيقا لمبدأ الطاعة والتراتبية القيادية‏,‏ وعطفا علي هذاو فإن المخالفة تعني التعرض لقرارات قاسية وصلت للفصل‏,‏ كما أنه مطالب باستكمال مسيرة الثورة بل والدفاع عن قرارات التنظيم بعدم المشاركة أمام أتباع التيارات الأخري في الميدان الترشح للرئاسة‏:‏جاءت قضية الترشح لانتخابات الرئاسة لتمثل نقطة تفجر حقيقية داخل الجماعة‏,‏ فبعد أن قررت الجماعة عدم ترشيح أي من أعضائها للانتخابات الرئاسية‏,‏ خرج عبد المنعم أبو الفتوح ليعلن ترشيحه للانتخابات متحديا بذلك قرار الجماعة وكان رد فعل القيادات عزل أبوالفتوح من الجماعة‏,‏ وتوعد أي شخص يدعمه بالتحقيق والفصل من الجماعة‏,‏ وبالتالي اتسعت مساحة الاختلاف بين جيل الشباب والجيل القديم‏,‏ ولاسيما مع مايحظي به أبو الفتوح من قبول لدي قطاع واسع من جيل الشباب وهكذا استمر التوتر داخل الجماعة لتخرج بعض الأصوات من داخل مجلس شوري الجماعة تطالبه بترشيح خيرت الشاطر مما أدي إلي المزيد من التأزم ونظمت مجموعة من الشباب أطلقت علي نفسها صيحة إخوانية وقفة احتجاجية أمام المركز العام للجماعة‏,‏ اعتراضا علي هذا الأمر ومع الإعلان الرسمي عن ترشيح المهندس خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة دخلت العلاقة بين الطرفين سياقا جديدا‏,‏ أهم معالمه غياب الثقة من جانب الشباب في قيادات الإخوان لأمرين رئيسيين‏,‏ أولهما الأزمة الأخلاقية التي وقعت فيها الجماعة‏,‏ فهي اتخذت القرار باديء الأمر بعدم ترشيح أي من أعضائها لانتخابات الرئاسة‏,‏ ثم تراجعت عن هذا القرار‏,‏ بما يعني أنها تخلت عن أحد مبادئها التي ترفعها دوما مشاركة لامغالبة والأمر الثاني أن قرار فصل أبو الفتوح وفريق ممن أيدوه لم يكن له مايبرره‏,‏ إذ يبدو هذا الموقف المتشدد غير مستند لاعتبارات موضوعية‏.‏
الإصلاح من الداخل أم من الخارج؟
يمثل جيل الشباب الذين التحقوا بالجماعة خلال حقبة التسعينيات‏,‏ وتتراوح أعمارهم بين العشرينيات والثلاثينيات‏,‏ ويتصف بعدد من السمات فهو من ناحية‏,‏ يخضع لمناهج التربية المطبقة في الجماعة‏,‏ ولكنه في الوقت ذاته أكثر انفتاحا علي ثقافات متعددة تبدأ من الليبرالية وتنتهي عند السلفية فهو تيار أكثر قدرة علي التعامل مع الفضاء الإلكتروني وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في التعامل مع الواقع بشتي معطياته‏.‏
وعقب الثورة‏,‏ اتضح أن هناك خلافات داخل جيل الشباب ذاته فهناك من لايزال يسير في ركاب الجيل القديم‏,‏ ولكن في الوقت ذاته هناك قطاع واسع من الجيل وهو موضع التحليل اختلت مفاهيمه ومدركاته تجاه الجماعة ورأي أن شرطي السن والخبرة كمتطلبين للعضوية في مكتب الإرشاد ومجلس الشوري من القيود غير المستساغة‏,‏ لاسيما أنهم توقعوا إعطاءهم دورا أكبر في مراكز صنع القرار بعد الثورة‏,‏ يضاف الي ذلك أن مبدأ السمع والطاعة لم يعد مقبولا في كثير من القضايا الخلافية‏.‏ هذه الاختلافات أوجدت أثرا عميقا في العلاقة بين هذا القطاع من الجيل والأجيال القديمة‏,‏ لاسيما الموصوفة منها بالمحافظة ومع سلسلة الأزمات التي أمست طابع العلاقة بين الطرفين‏,‏أصبح من الواضح أننا أمام توجهين‏.‏
أولهما يري أن الإصلاح يتم عبر الخروج من عباءة الإخوان‏,‏ حيث لجأ هذا التيار الي الانضمام لأحزاب سياسية أخري وتشكيل احزاب جديدة‏,‏ يأتي في مقدمتها حزب التيار المصري وفي هذا السياق‏,‏ قال معاذ عبد الكريم أحد شباب الجماعة المؤسسين للحزب مشاركتنا في التيار المصري اضطرارية بعدما يئسنا من تحقيق الإصلاح من داخل الجماعة‏,‏ فللمرحلة الحالية متطلبات لايفي بها الحزب الجديد للجماعة واقتراحنا في البداية تأسيس أكثر من حزب يعبر عن الجماعة‏,‏ لكن اقترحنا قوبل بالرفض‏.‏
فقد وجد هذا التيار أن الخلافات السياسية مع الجماعة وصلت لدرجة لم يعد من الممكن معها الاستمرار‏,‏ خاصة مع تأسيس حزب الحرية والعدالة‏,‏ والذي نظر إليه من جانبهم علي أنه وسيلة من قبل مكتب الإرشاد لفرض توجهاته‏.‏
ثانيهما‏:‏ تبني نهج الإصلاح من الداخل والتناصح الداخلي كوسيلة للتقويم‏,‏ وقد ظهرت إرهاصاته عقب الثورة عبر إطلاق عدد من المبادرات‏,‏ منها مبادرة فقوموني للتعبير عن الرفض لممارسات الجماعة الإعلامية والمطالبة بالإصلاح ومع تأزم الأوضاع علي خلفية قضية الرئاسة‏,‏ نظمت مجموعة من الشباب عرفت إعلاميا ب صيحة اخوانية وقفة احتجاجية امام المركز العام للجماعة اعتراضا علي تراجع التنظيم عن قراره السابق بعدم الترشح للرئاسة وأخيرا أصدرت المجموعة بيانات بعنوان وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم للتعبير عن رفضها لتوجهات الجماعة‏.‏
مستقبل العلاقة بين الجماعة وجيل الشباب
أفضت ثورة يناير إلي العديد من التغيرات علي الساحة السياسية المصرية‏,‏ كان الجانب الأبرز منها علي صعيد جماعة الإخوان المسلمين‏,‏ فقد باتت القوة الأكثر نفوذا‏,‏ ولكن هذا الأمر كانت له ضريبته فخوض غمار السياسة أدي لخلافات داخلية واضحة‏,‏ كان الطرف الأهم فيها جيل الشباب‏,‏ وهو ما جعل مستقبل العلاقة بين الجيل القديم وجيل الشباب مرهونا بسيناريوهين‏:‏
الأول‏:‏ البحث عن مساحة مشتركة للتعايش بين اجيال الجماعة‏,‏ بحيث يكون هناك توافق حول القضايا الرئيسية‏,‏ مع وجود خلافات محدودة تحول دون حدوث انشقاقات كبري في الجماعة‏,‏ ويصبح الكيان الأكبر متماسكا‏,‏ وخصوصا ان جيل الشباب ليس جله علي خلاف مع القيادات إذ أن هناك البعض لا يزال ضمن منظومة السمع والطاعة أما السيناريو الثاني‏,‏ فهو استمرار الخلافات بين الأعضاء‏,‏ وبالتالي تسارع وتيرة الانشقاقات داخل صفوف التنظيم بصورة تفقده تماسكه‏.‏ ويعد السيناريو الأول الأكثر ترجيحا مع الأخذ في الحسبان عدد من الاعتبارات سيكون تعامل الجماعة معها مؤشرا لما ستئول اليه الأوضاع‏,‏
أولا‏)‏ حدوث الخلافات داخل الجماعة يرجع بالأساس إلي الجانب السياسي وليس الدعوي وعطفا علي هذا‏,‏ فإن تأسيس حزب الحرية والعدالة اعتبر‏,‏ ولو نظريا‏,‏ بمثابة محاولة من الجماعة لإحداث استقلالية لنشاطها السياسي ولكن واقع ما بعد الثورة اثبت العكس‏,‏ فالجماعة تتخذ قراراتها السياسية بنفسها وليس من خلال الحزب‏,‏ وهو الأمر الذي أفسح المجال نحو المزيد من الانشقاقات داخل الجماعة ذاتها إذ ان التقديرات السياسية تحتمل التعدد في وجهات النظر‏,‏ وبالتالي فقد أوجد هذا السياق حالة ملتبسة فبدلا من ان تصدر الجماعة الخلافات السياسية إلي الحزب‏,‏ احتفظت لنفسها بالدور السياسي ليكون بمثابة عبء داخلي يدفع نحو الاختلافات‏.‏
ثانيا‏)‏ بدأت قيمة تماسك التنظيم الداخلي والتراتبية داخل التنظيم المستندة لفكرة الطاعة تتعرض لبعض الإشكاليات فخلال العقود الماضية ومع التعرض لضغوط شديدة من النظم الحاكمة‏,‏ كان لزاما علي الأعضاء إعلاء قيمة التنظيم والتغاضي عن القرارات التي قد لا ترضي البعض ولكن بعد الثورة وبزوغ الجماعة كقوة اساسية‏,‏ سقطت معظم التبريرات التي كانت تساق في معرض الدفاع عن بعض القرارات‏.‏
ثالثا‏)‏ بمرور الوقت وفي حال استمرت مواقف القيادات‏(‏ الجيل القديم‏)‏ تجاه الشباب‏,‏ فقد تجد الجماعة نفسها معرضة للمزيد من الانشقاقات وفقدان نسبة كبيرة من القواعد الشبابية التي تعتمد عليها بصورة رئيسية في مواقع عدة‏,‏ أهمها الجامعات وبالتالي يمكن ان تتعرض بعض المواقع لانتكاسات‏,‏ نظرا لفقدانها كوادرها‏.‏
وستكون هناك إشكالية في استقطاب عناصر جديدة وحتي لو تم التغلب علي هذه الاشكالية‏,‏ فستكون الأجيال الجديدة ليست علي نفس الدرجة من الولاء لمشروع الإخوان‏,‏ وسيكون انضمامها‏,‏ سواء للجماعة أو الحزب‏,‏ من منظور منفعي براجماتي‏.‏
رابعا‏)‏ ترشيح الجماعة رسميا للمهندس خيرت الشاطر في الانتخابات الرئاسية ستكون له انعكاسات علي مستقبل الجماعة فالقرار قوبل برفض قطاع من الأعضاء‏,‏ عبرت عنه طريقة اتخاذ القرار‏,‏ الذي حظي بتأييد‏56‏ من أعضاء مجلس شوري الجماعة مقابل‏52‏ عضوا‏,‏ وهو ما يجعلنا إزاء ثلاثة احتمالات‏,‏ أولها‏:‏ فوز خيرت الشاطر في الانتخابات‏,‏ وهنا يبدو التنظيم اكثر تماسكا ويخفت الأصوات المعارضة داخليا‏,‏ بما في ذلك المعبرة عن جيل الشباب‏.‏
أما الاحتمال الثاني‏,‏ فهو فوز عبدالمنعم أبو الفتوح‏,‏ مما يجعل الصورة اكثر تعقيدا في الداخل فحينها سيبدو التنظيم قد فقد الكثير من تماسكه بالتزامن مع تزايد حدة الأصوات المعارضة وتنامي الانشقاقات‏,‏ لا سيما مع ما يحظي به أبو الفتوح من دعم قطاع واسع من جيل الشباب‏,‏ فضلا عن قيادات من الجيل القديم فيما يشير الاحتمال الثالث إلي فوز احد المرشحين الآخرين بما يدفع نحو إضعاف التنظيم بصورة أكبر‏,‏ إذ أن الجماعة ستخسر أحد مقوماتها التي كانت تعول عليها‏,‏ وهي انها قادرة علي انجاح أي مرشح عبر تنظيم متماسك يستطيع الحشد والتعبئة‏.‏
خامسا‏:‏ نجاح الشباب الذين تركوا الجماعة واشتركوا في أحزاب أخري‏,‏ ولاسيما حزب التيار المصري في اكتساب شعبية سيمثل عنصرا داعما لمزيد من الانشقاقات الداخلية‏,‏ خاصة في حال عدم تمكن الشباب داخل التنظيم من تحقيق ما يصبون إليه من الإصلاح الداخلي‏.‏
خلاصة القول إن الخلافات بين جيل الشباب والجيل القديم لا تعني القطيعة التامة بين الطرفين‏,‏ فهناك بعض القوي المحسوبة علي الجيل القديم أعلنت رفضها لسياسة الاخوان بعد الثورة‏,‏ ومنهم ابراهيم الزعفراني الذي استقال من الجماعة‏,‏ وأسس حزب النهضة‏,‏ وتلك الحقيقة تفرض علي الجماعة تحديات تجعلها تبحث عن حلول توافقية‏,‏ حفاظا علي تماسك التنظيم‏,‏ وتقلل من حدة الانقسامات‏,‏ إذ أن الاستمرار علي النهج نفسه سيخلف علي المدي البعيد جراحا عميقة في جسد الجماعة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.