ونعترف ان براءة شباب الثورة وضعف كوادره وحداثة ونقص مؤسساته أثرت بالسلب علي قوة الإندفاع لإتمام المسيرة حتي نزيح رموز هذا النظام ومقوماته الفاسدة!! هي مهمة تحتاج إلي مشقة بالغة خاصة أنني لا أذكر لأي من الثورات أن واجهت تيارها المضاد بكامل عنفوانه ومقاومته الشرسة مثلما تواجه ثورتنا, وهذا من شأنه إصابة الشباب بالإحباط ومفكريهم بالجمود بل الساسة في الخارج بالحيرة.. عموما ليس هذا موضوعنا اليوم أما قضيتنا التي أخشي أن يلمح البعض فيها مخاوف تنذر بما لا يسر بينما يري البعض الآخر ما قد يرضيهم فهي تجربة جزائرية!! لا أرويها لتبرئة المجلس العسكري المصري مما ارتكبه من أخطاء إدارية وخطايا ميدانية..كما لا أجنح إلي تحميله تبعات ما حدث وما قد يتسبب فيه.. وإنما أروي ملخصا متجردا ولكم التنبؤ بما قد يحدث.. وقد قررت الا أغامر وأتكهن بما هو مرتقب حتي اتفادي عواقب الإخفاق فقلمي أقرب إلي كمينه لأنني صاحب اختيار الرواية وعرضها وإذا حاولت التنبؤ ونجحت فستكون مصادفة ليس اكثر فقد اكتفيت ان انهي عرضي بسطور ممهورة بعلامات استفهام ليس اكثر.. فعذرا. والآن.. وإذا لم تخذلني الذاكرة فقد فاجأنا الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد في مطلع عام1991 بعزمه إجراء انتخابات برلمانية حرة في أكثر من مرحلة أظنها مرحلتين ( وهذه أول أحداث ديمقراطيتنا) وتصادف ان تزامن شهر تفعيل وعده مع زيارتي للولايات المتحدةالأمريكية بدعوة من وكالتها للإعلام وبصحبة عشرة من رجال الإعلام العرب.. وطبيعي فقد نمت وتوثقت علاقتي وخاصة مع الصديق الجزائري إسماعيل دبيش مدير معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر وهو ايضا مستشار الدراسات الاستراتيجية العالمية وأحد أقطاب حزب التحرير. وفي يوم من الاسبوع الأخير لشهر نوفمبر استضافنا مركز كارتر بأطلانطا.. وفي حلقة نقاشية حول سياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط.. طرح الجانب الأمريكي قضية الانتخابات الجزائرية المرتقبة وانبري الصديق الجزائري يؤكد الإكتساح المتوقع لمرشحي حزبه الحاكم ويقصد جبهة التحرير الوطني وكان واحدا منهم.. وبذكاء لمح مدير برنامج الشرق الأوسط مستر.. جرليفيث إيماءة رأسي بالتحفظ وبعث لي بنظرة استفسار فاضطررت للتوضيح بادئا بالإعراب عن أملي في فوز صديقي اسماعيل لكن مبديا شكوكي في فوز حزبه الحاكم! وفازت جبهة الإنقاذ بأكثر من ثلثي المقاعد في الجولة الأولي لكن الجبهة لم تهنأ بإنتصارها المذهل( وهو مساو تقريبا لما حققه حزب الحرية والعدالة المصري) فقد انتفض العسكر وألغوا النتيجة وما بعدها من مراحل انتخابية وعادت المواجهات العنيفة والتوترات حتي تولي بوتفليقة الحكم عام1999 وهكذا. وبعد وأد الديمقراطية الجزائرية في مهدها لم اهتم بالتنقيب عن الأسرار غير المعلنة لما حدث وهل كان للضغوط الخارجية دور أم حقيقة استشعر العسكريون مخاوف علي الأمن القومي لبلدهم.. وهذا ما أعلنوه, أو.. ربما اشتموا خسائر ضياع السلطة أو.. ربما لأسباب اخري!! والسؤال الأهم الأن ولا نفر من الإفصاح عنه هو:ماذا عن مصير ديمقراطيتنا التي لم تكتمل؟ أرجوكم.. أرصدوا معنا فيما عرضت حقائق مهمة. أولا: ان مسيرة ديمقراطيتنا قطعت اشواطا أطول.. فالانتخابات البرلمانية إكتملت بعكس نظيرتها في الجزائر.. وحان موعد اختيار الرئيس بينما تولي العسكر في الجزائر فرضه.. ومع تقويض الحركة الإسلامية الجزائرية ظفرت مثيلتها المصرية بحريتها! ثانيا: ان الخلافات مع العسكر والتيار الإسلامي البرلماني هنا قائمة وتلوح احتمالات تصاعدها وربما تصادمها! ثالثا: أن اسباب انقضاض العسكر الجزائريين علي ديمقراطيتهم هي نفسها المتربصة لكن بالغضب في نفوس الثوار في مصر خاصة شبابهم وعلنا يتأهبون لدور مناهض!! رابعا: المجلس العسكري ماض إلي الوفاء بوعده وعذرا.. فإقدامه علي تفعيل وعوده تغفرله اخطاءه.. وهو ما يلقي ترحيبا من البعض.. وتحفظا من البعض الآخر والله أعلم بالخاتمة!!