عقوق الوالدين من أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله, وكيف لايكون كذلك وقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالي: وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. وقال تعالي: قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا بل هي من المواثيق التي أخذت علي أهل الكتاب من قبلنا, وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربي واليتامي والمساكين وقولوا للناس حسنا. في أول يوم من السنة الجديدة طالعتنا أكثر من صحيفة بحادثة مفزعة ومقدمة رهيبة تجعل الجسد يقشعر والدمع ينهمر من العيون ألا وهي حادثة ذلك العجوز الذي وجد في بيته وقد أكلت الفئران أطرافه فلم تبق إلا قطيعات من اللحم فوق عظمه جاء في مقدمة التحقيق حول هذه الحادثة: أن يتخلي عنك فلذات أكبادك فهذا لم يعد بالأمر الغريب في زمن عقوق الأبناء.. وأن يتركك أحباؤك, في نهاية عمرك, تواجه الحياة وحدك. فهذا أيضا ليس بالأمر الغريب ولكن أن يسقطوك تماما من حساباتهم, فتواجه المرض المزمن, فتسقط صريعا له, فلاتجد جثتك من يمنحها آخر حق لك عليهم في الحياة, أن تغسل, تكفن, وتدفن في سلام, وبدلا من ذلك يتركونها للفئران تأكلها, فهذا هو الغريب بعينه! لاياسيدي ليس بالغريب بل هو الفزع بعينه والهول نفسه أن نصل إلي هذا المستوي من العقوق.. أين هذه الابنة من حديث الرسول صلي الله عليه وسلم : عندما جاءه رجل يستأذن النبي صلي الله عليه وسلم في الجهاد, فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد والرجل الذي أتي إلي النبي صلي الله عليه وسلم ليبايعه علي الهجرة وقد ترك أبويه يبكيان قال: فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما أهذا هو إضحاك والدها أن تتركه هذه الفترة دون مساعدة كما ذكر جيرانه والأدهي والأمر أنها تركته حتي دون اتصال لأنها لو اتصلت به لعلمت أنه يحتضر أو عرفت أنه قد مات ولكن حتي هذه بخلت بها عليه ماهذا الجحود والنكران ألا تذكر هذه الابنة يوما أضحكها فيه والدها وأسعدها ألا تذكر يوما حملها صغيرة لتلهو وتلعب وتسعد ألا تذكر كم كد وتعب من أجل أن تتعلم وتتزوج وتهنأ في عيشها. أين هذه الابنة من أبي هريرة فقد كان إذا أراد أن يخرج من دار أمه وقف علي بابها فقال: السلام عليك ياأماه ورحمة الله وبركاته, فتقول: وعليك السلام يابني ورحمة الله وبركاته, فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيرا, فتقول: ورحمك الله كما سررتني كبيرا, ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: مابر أباه من سدد إليه الطرف بالغضب حديث أخرجه الطبراني. إن رسول الله جعل حدة النظر من العقوق الذي برأ منه فقد قال: من أحد النظر لوالديه فأنا برئ منه يوم القيامة, ومن أحد النظر لوالديه هم فقد عقهما. سبحان الله عندما قال في سورة الإسراء: وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. فقد ذكر الله تعالي الأبناء بذكريات الطفولة بدأ الآيات بوصول الأباء إلي مرحلة الكبر والعجز وأهم ما يحتاجونه في هذه المرحلة الأخيرة من أعمارهم هم الأبناء الذين أفنوا أعمارهم من أجلهم( وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) نسي الأبناء ماذا فعل الأباء لهم في الصغر نسوا أن الأب كان الحامي لهم الذي يصل الليل بالنهار في عمله من أجل أن يوفر لهم متطلباتهم والأم التي فقدت الكثير من صحتها وعافيتها من أجلهم كم سهرت وكم بكت هلعا علي أولادها إذا أصابتهم علة خفيفة أو ثقيلة ثم يتركها الأبناء للفئران تأكل فيهم والله أعلم أكلتهم أحياء أم اشلاء ولكنهم تركوا أباءهم. أيها الأباء احترسوا.. وياأيها المجتمع: الحذر الحذر قبل أن تأكلنا الفئران ويا علماء النفس والاجتماع وياوزارة التربية والتعليم: الغوث الغوث قبل أن تأكلنا الفئران, نريد يقظة للأبناء نريد لهم عودة إلي بر الوالدين الذي يبارك لهم في حياتهم وأخراهم فقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: دخلت الجنة فسمعت قراءة, فقلت: من هذا؟ فقيل: حارثة بن النعمان, فقال: كذلك البر, وكان أبر الناس بأمه وقوله: من سره أن يمد له في عمره ويزاد له في رزقه فليبر والديه ياأيها الإعلاميون ركزوا جهودكم علي هذه القضية الخطيرة دقوا أجراس الخطر لشبابنا حذروهم من العقوق الذي جعله العلماء ثاني أكبر كبيرة في الإسلام بل هو من أكبر الكبائر وترتيبا هو بعد الشرك بالله مباشرة وقبل ترك الصلاة وشرب الخمر فقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا: بلي يارسول الله, قال: الإشراك بالله, وعقوق الوالدين وعنه أيضا أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: رضي الرب في رضا الوالد, وسخط الرب في سخط الوالد[ رواه الترمذي وصححه ابن حبان]. وعن معاوية بن جهامة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لرسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك, فقال: هل لك أم؟ قال: نعم, قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها[ رواه النسائي وابن ماجة] حذار أيها الأبناء فإن العقوق لهما عقوبات دنيوية وأخروية إن الأمر خطير والخطب جليل ويتطلب المزيد والمزيد من الجهد في تربية الأبناء علي البر وتحذيرهم من العقوق فلتتضافر الجهود ولنبذل الغالي والنفيس من أجل هذه القضية قبل أن تأكلنا الفئران. الباحث اللغوي