خلال أواخر أيام عام2011 م مرت علينا ذكري حدثين لم نتوقف أمامهما تقريبا رغم ارتباطهما بمسيرة كفاح شعبنا العربي الذي لا يعلمه العديد من أبنائنا حيث حاول النظام السابق تسطيح مفاهيم القومية والوطنية لصالح الآخر! أول الحدثين عيد النصر تخليدا لذكري انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد في23 ديسمبر1956 م بعد مغامرة العدوان الثلاثي والذي بدأ بعمليات عسكرية إسرائيلية مفاجئة بسيناء مساء29 أكتوبر1956 م لتتطور صبيحة اليوم التالي لقتال باسل لكتيبة حدود مصرية ولقواتنا الجوية مع لواء مظلات إسرائيلي مكبدة العدو خسائر جسيمة. وفي نفس اليوم قامت قواتنا الجوية بضرب مطارات رامات دافيد وعكير وكاستينا واستطاعت قواتنا البحرية فجر اليوم التالي ضرب ميناء حيفا. ثم وجهت إنجلترا وفرنسا في30 أكتوبر إنذارهما إلي مصر وإسرائيل, ليسحبا قواتهما إلي مسافة عشرة أميال من قناة السويس رغم عدم وجود قوات لإسرائيل في تلك المنطقة! وبالطبع رفضت مصر الإنذار فنزلت القوات البريطانية والفرنسية في بورسعيد ومنطقة قناة السويس كما أغارت طائراتهما علي القاهرة. وقاتل الشعب متحدا مع الجيش دفاعا عن أرضه ببسالة منقطعة النظير. وحين وجه الرئيس جمال عبد الناصر نداءه الشهير للشعب من الجامع الأزهر في9 نوفمبر كرر تصميمنا علي الكرامة الوطنية قائلا: لقد فرض علينا القتال وباسمكم أعلن للعالم أجمع لن يوجد من يفرض علينا الاستسلام.. سنقاتل لأخر قطرة في دمائنا. واستمر نشاطنا العسكري والشعبي طيلة قرابة شهرين ببسالة فحطمنا ثلث سلاح الجو الإسرائيلي. وحين اتضحت أبعاد المؤامرة سحبنا قواتنا البرية الي غرب القناة كي لايتم حصارها تاركين مهمة الدفاع لقوات المقاومة الشعبية. واستمر كفاحنا السياسي فاصدر الاتحاد السوفيتي إنذارا بضرب لندن وباريس بالصواريخ الذرية وأمرت أمريكا بريطانيا وفرنسا بالانسحاب الفوري من الأراضي المصرية. وهكذا انسحبت انجلترا وفرنسا في23 ديسمبر وهربت إسرائيل من سيناء أوائل عام1957 م. وهكذا انتهت الحرب بخروجنا منتصرين نصرا سياسيا كبيرا وبعزيمة شعبية جارفة لنبني بلدنا. * والذكري الثانية في30 ديسمبر2006 م عندما تم إعدام الرئيس العراقي صدام حسين شنقا مع فجر أول أيام عيد الأضحي بناء علي حكم محكمة شكلتها قوات الاحتلال لتستمر كلماته: يعيش الشعب, تعيش الأمة, يسقط العملاء, يسقط الغزاة, فور النطق بإعدامه من قاض فر من العراق بعدها, ديدنا لكل عمل وطني. لقد تعمد الإعلام طمس ذلك اليوم من الذاكرة طيلة تلك السنوات كما طمسنا عيد النصر وعديد من محطات سلم نضالنا فلم يعد أحد يذكر ذلك اليوم الذي يشعرنا بذل احتلال العراق البوابة الشرقية لأمتنا العربية فالشعوب تعيش بتاريخها المضيء والمظلم, عبرة وعبرة! أذكر أنني عام2007 م أتيت بسؤال لكتابة تقرير موجز عن إعدام صدام حسين في مادة إعداد التقارير التي كنت أدرسها لطلبتي في الجامعة, فاستجوبني علي أثره عميد الكليةباعتبار ذكر اسم صدام حسين في ذلك الوقت من المحرمات لوقوفه ضد احتلال بلاده من الأمريكيين علي ما أظن! لقد ولي نظام أفسد العديدين وها نحن نحاول بناء نظام أفضل فلنتعهده بالرعاية ولنحفظ للتاريخ مكانه فلا مستقبل لمن لا تاريخ له. يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي: لا يحيا الشعب إلا بتراثه. أستاذ هندسة الحاسبات كلية الهندسة, جامعة الأزهر