أخشي أن تستغل الدول الغربية حالة السيولة التي تمر بها المجتمعات العربية الثورية حاليا لإعادة استعمارها مرة أخري ولكن بأسلوب جديد يتفق مع روح العصر. الولاياتالمتحدة لم ترسل مئات الألوف من جنودها للعراق وقبله أفغانستان وتنفق مئات المليارات من الدولارات لكي تنهي حكم طاغية هو صدام حسين أو جماعة متشددة هي طالبان ولكن لاحتواء الصين وروسيا وهما أكبر مصادر تهديد لاستراتيجيتها الجديدة لقيادة العالم, وللسيطرة علي مخزون العراق من البترول. وفرنسا وبريطانيا لم يرسلا طائراتهما تحت مظلة الناتو إلي ليبيا للقضاء علي نظام متسلط وتمكين الثوار من الحكم ولكن لفرض سيطرتهما علي دولة لديها أكبر احتياطي للبترول في إفريقيا, بخلاف احتياطيات مالية تزيد علي170 مليار دولار. والتاريخ يؤكد أن منطقة الشرق الأوسط كانت هدفا رئيسيا تسعي وراءه كل القوي الدولية الراغبة في بناء إمبراطوريات, ولا أعتقد أن الامبراطورية الأمريكيةالجديدة تختلف عن ذلك. وتحركات القوي الدولية في المنطقة حاليا تجعلنا نشك في وجود اتفاق سايكس بيكو جديد بين الولاياتالمتحدة وأوروبا تفرض بمقتضاه الولاياتالمتحدة سيطرتها علي منطقة الخليج بينما يشاركها حلفاؤها الأوروبيون النفوذ في منطقة جنوب المتوسط. ما يقلقنا في هذا الإطار هو ما تخطط له تلك القوي بشأن مستقبل مصر والسعودية وهل هناك مخططات لإثارة مزيد من القلاقل مستقبلا وما هي أهدافها ووسائل تنفيذها؟ أعتقد أن الغرب لا يمكن أن ينفذ إلي مصر إلا عبر بوابتين اثنتين: الأولي علاقة المسلمين والأقباط والثانية وجود تهديدات للملاحة في قناة السويس. وإذا كانت حماية قناة السويس مسئولية الدولة فإن علاقة المسلمين بالأقباط مسئولية القوي السياسية خاصة السلفيين والإخوان المسلمين. أذكر تلك القوي بقاعدة شرعية مهمة وهي أن( درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح) وأن الفاروق عمر أوقف تطبيق حد جاء في القرآن بسبب ظروف المجاعة. وبالتالي فالحفاظ علي وحدة الشعب له الأولوية لدرء المخاطر ولو كان بقرارات تخالف رؤاكم السياسية. الوقت ليس مناسبا لمواقف عنترية وشرع الله يتحقق حين تتحقق مصلحة البلاد والعباد العليا. آلا قد بلغت... اللهم فأشهد. [email protected]