أكد خبراء الاقتصاد أنه لا يوجد بديل آخر للاقتراض الخارجي أمام مصر في ظل انخفاض الموارد السيادية للدولة وارتفاع الفجوة بين الادخار والاستثمار الأمر الذي أدي لزيادة عجز الموازنة العامة المتوقع للعام الحالي, وذلك بعد اقتراح الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء علي المجلس العسكري العودة للاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي بقيمة3.2 مليار دولار لعلاج عجز الموازنة المتوقع وصوله إلي160 مليار جنيه. وطالب الخبراء بضرورة صرف المبالغ الممكن الحصول عليها عن طريق الاقتراض الخارجي علي المشروعات التنموية وعدم إنفاقها علي تلبية الاحتياجات الاستهلاكية, وذلك لدعم الاقتصاد المصري ولخفض نسبة الأعباء الخاصة بخدمة الدين من ديون وأقساط, خاصة أنه في حالة صرفها علي الاحتياجات الاستهلاكية والدعم فإن الدولة لن يكون لديها عائد يمكن صرفه علي خدمة الديون. وفيما يخص شروط صندوق النقد الدولي السابق الخاصة بإلغاء دعم الطاقة والكهرباء, طالب الخبراء بدراسة التأثيرات السلبية علي السوق المحلية والأفراد الخاصة بأي شروط يريدها الصندوق قبل اتخاذ قرار الموافقة عليها. وفقال الدكتور عاطف العوام نائب رئيس جامعة عين شمس السابق وأستاذ المحاسبة بكلية التجارة جامعة عين شمس إن هناك عدة طرق لسد عجز الموازنة لابد أن تتم بشكل متسلسل, ففي البداية لابد من النظر لكيفية تعظيم موارد الدولة ثم تخفيض النفقات وأخيرا اللجوء لعملية الاقتراضين الداخلي والخارجي. وأشار إلي أنه في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن لا يمكن زيادة الموارد من سياحة وتصدير وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وقناة السويس, فموارد الدولة ليست في معدلاتها الطبيعية ولكنها منخفضة بشكل ملحوظ نتيجة الاضطرابات التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن. وأوضح إمكان تخفيض نفقات الدولة عن طريق ضغط إنفاق الجهاز الحكومي وتخفيض إنفاق البعثات والسفر الخارجي وبعض البنود الأخري التي لا تمس المواطن العادي في النهاية, مشيرا إلي أنه بالرغم من إمكان تحقيق سيولة جراء هذه العملية فإنها لا يمكنها سد عجز الموازنة بمفردها. وأكد أنه لا يوجد مفر من الاقتراض الخارجي بالرغم من مخاطره علي الاقتصاد علي المدي الطويل المتمثل في زيادة أعباء خدمة الدين من فوائد وأقساط الدين, مطالبا بضرورة أن تكون القروض التي يمكن اقتراضها من صندوق النقد الدولي بفائدة بسيطة خاصة أن الصندوق يمنح الدول قروضه بفائدة بسيطة. وطالب بعدم إنفاق هذه الأموال علي الاحتياجات الاستهلاكية خاصة أن هذه القروض سيتم ردها مرة أخري في المستقبل وبالتالي فلابد من توجيهها إلي المجالات التجارية والصناعية المختلفة التي تسهم في زيادة موارد الدولة وتنعش الاقتصاد القومي. وفيما يتعلق بشروط صندوق النقد الدولي السابقة الخاصة بإلغاء دعم الطاقة والكهرباء للحصول علي قرض الصندوق, أشار إلي ضرورة دراسة النواحي الخاصة بشروط القرض وتأثيرها علي المواطن قبل اتخاذ قرار بشأن الاقتراض, خاصة أن الفترة الحالية لا يمكن إلغاء الدعم فيها عن صناعات معينة يستفيد منها السواد الأعظم من الشعب المصري. واتفق معه الدكتور صلاح الدين فهمي رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر مؤكدا أنه بالرغم من مساوئ الاقتراض الخارجي المتمثلة في زيادة أعباء الدين الخارجي وخدمته من دفع أقساط وفوائد, وتدني التصنيف الائتماني لمصر الذي أصبح(BB-) ويزيد من مخاطر إقراضها وبالتالي زيادة نسبة الفائدة علي القرض في حد ذاته فإنه لا يوجد بديل آخر يمكن الاعتماد عليه خلال الفترة الحالية لسد عجز الموازنة خاصة أن العجز الحالي جاء نتيجة الفجوة التمويلية بين الادخار والاستثمار. وأكد أن جميع الموارد السيادية للدولة تكاد تكون متوقفة في الوقت الحالي من سياحة وتصدير وتحويلات المصريين العاملين بالخارج, وهو الأمر الذي أدي للجوء الدولة للاقتراض الداخلي من المؤسسات والأفراد الذي وصل إلي180 مليار دولار, موضحا أن الدين الخارجي يصل إلي32 مليار دولار. وأشار إلي أن البنك المركزي قام برفع سعر الفائدة علي الادخار لتشجيع المواطنين علي وضع مدخراتهم بالبنوك, إلا أن هذه العملية لم تؤت ثمارها خاصة في ظل انخفاض حجم السيولة لدي الأفراد. وأوضح أن جميع هذه العوامل أدت إلي اللجوء للاقتراض الخارجي كضرورة حتمية لإنعاش الحالة الاقتصادية في الوقت الراهن, مشيرا إلي ضرورة عدم إنفاق هذه الأموال علي الدعم والنواحي الاستهلاكية فقط للحد من أعباء الديون التي تعتبر حملا علي كل فرد من الشعب المصري الذي يتحمل أعباء الدين وخدمته لسنوات عديدة. وأضاف أن الشعب الآن لا يتحمل إلغاء الدعم سواء في البنزين الذي يعني ارتفاع تكلفة النقل والمواصلات لجميع فئات المجتمع أو دعم الطاقة للمصانع الذي يؤدي بدوره لرفع أسعار المنتجات وبالتالي فلابد من تحري الدقة وأخذ جميع التداعيات السلبية التي يمكن أن تطرأ نتيجة الاقتراض الخارجي قبل الموافقة علي اتخاذ هذا القرار الصعب. الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة أكد أن القروض التي تحصل عليها شركات الكهرباء حتمية لإنتاج الكهرباء اللازمة لإقامة وتشغيل المشروعات الاستثمارية إلي جانب تأمين التغذية الكهربائية لأكثر من99.9% من المصريين, لافتا النظر إلي تنافس مؤسسات التمويل الدولية والإسلامية والعربية والإفريقية علي الإسهام في تمويل مشروعات الكهرباء. وأكد أن معظم التقارير الصادرة عن هذه المؤسسات تؤكد نجاح إدارة قروض الكهرباء والتزام شركاتنا بالسداد وفق ما تنص عليه الاتفاقية. أضاف يونس أن معظم القروض نحصل عليها بشروط ميسرة بل إن بعضها يمكن أن نطلق عليه منحا لا ترد خاصة فيما يتعلق بالطاقة المتجددة. وأوضح أن القطاع يحتاج سنويا18 مليار جنيه لتأمين استقرار الاحتياجات. أضاف يونس أن قروض الكهرباء لا علاقة لها بأسعار البيع سواء للمنازل أو المصانع أو أي نشاط ولم نطلب من أي جهة من جهات التمويل زيادة الأسعار لأن مجلس الوزراء هو الجهة الوحيدة التي لها صلاحية اتخاذ مثل هذه القرارات وأن وزارة الكهرباء نفسها ليس لها الحق في ذلك.