عيني رأت مولود علي كتف أمه يصرخ تهنن فيه يصرخ تضمه يصرخ تقوله ياابني ماتنطق كلام داللي مايتكلمش ياكتر همه وعجبي هكذا كان المشهد في ركن من اركان الاطلال التي تعج بها الجبخانة.. هي لم تصرخ, ولكن انطبقت عليها رباعية العظيم عمنا جاهين في سكوتها وهمها الذي بدا واضحا وهي منزوية في صومعتها بقلب الجبخانة. اسماء.. بتحلم بلعبة جديدة تذهب بها الي المدرسة زي كل البنات مجموعة من الطوب الأحمر الناتج عن الجبخانة المهدمة جمعتها اسماء لتصنع منها منزلا صغيرا تلهو فيه.. بعض شرائط الكاسيت التالفة واوراق قديمة وجدتها في أحد مقالب القمامة هي العابها التي تستمتع بالنظر اليها طوال نهارها الذي لاتقضيه ككل الأطفال في مدرسة. نفسي اجيب لعبة من محل زي كل البنات وأروح بيها الصبح المدرسة والعب مع أصحابي في الفسحة, هاشتغل في بيع المناديل علشان اشتري مريلة جديدة وشرائط حمرا وتوكة. هكذا كانت تحدثنا عن أحلامها مبتسمة وهي لاتزال مستقرة في مربع الحجارة الذي بنته لنفسها, وحين سألتها عن سر هذه الوضعية قالت.. ده البيت بتاعي لما اكبرها عمل بيت زيه بس مش زي بيتنا هاحط سقف علشان المطر بيقطع الكتب, وهاشتري كتب كتير لاني هاكون اتعلمت الكتابة والقراءة من المدرسة. لم تنقطع ابتسامتها وكأنما كان صمتها هو سبب تجهمها واستكملت حديثها لنا.. أنا ذهبت الي المدرسة من قبل لكن المصاريف كانت كتير وابويا قاللي مافييش مدرسة, لان البنات كانوا بيقولوا لي إنتي مريلتك قديمة والمدرسين كان بيعاقبوني لاني معييش كتاب المدرسة.. لكن انا هاروح تاني لما نروح بيتنا الجديد زي ما أبويا قاللي. تركناها ولسان حالها البسيط الفقير يتغني بما قاله شاعرنا الكبير سيد حجاب باحلم وافتح عنيا علي جنة للانسانية.. الناس سوا بيعيشوها بطيبة وبصفو نية.