مرة أخري يذهل الشعب المصري العالم بهذا الإقبال الهائل علي صنديق الاقتراع وبصورة حضارية تضارع اعتي المجتمعات الديمقراطية, صور ولقطات بدأت منذ الصباح الباكر وقبل ان تفتح اللجان الانتخابية أبوابها. واصطفت الجماهير بكل أطيافها وأعمارها لتشارك في صنع مستقبل الوطن, ويصعب ان تجد وصفا لما يحدث سوي ان مصر تكتب تاريخا جديدا بكل المقاييس. هذا الشيخ القادم في سيارة اسعاف والآخر علي مقعد متحرك والمرأة المريضة والشباب في مقتبل العمر, والجميع لا يتحدث عن اسماء معينة من المرشحين ولكن الحوار ينصب علي ضرورة المشاركة ووضع حجر الأساس للدولة المدنية الديمقراطية التي نتطلع اليها لتشق طريقها نحو النهضة الشاملة الكبري. الشوارع المحيطة باللجان تزينت بالآلاف من المواطنين الذين حرصوا علي الحضور مبكرا وواصلوا الانتظار لساعات طويلة في اجواء هادئة مستبشرة والعيون كلها ثقة بأن مصر تستحق المستقبل الأفضل بعد ثورتها الشعبية والثمن الفادح من دماء الشهداء, وحتي نطوي صفحات مظلمة استنزفت فيها ثروات البلاد علي مدي العقود الماضية. نسبة المشاركة سوف تسجل رقما قياسيا يفوق كل التوقعات, وهي المؤشر الأهم علي ادراك الجماهير العميق بضرورة التفاعل الايجابي والمشاركة الفعلية في تحديد علامات الطريق واختيار البرلمان القادر علي تنفيذ المهام التاريخية التي تنتظره وفي المقدمة منها الدستور الدائم والممارسة الحقة للدور التشريعي والرقابي علي اداء الحكومة وإعادة ترتيب الاولويات بما يتفق مع احتياجات الحياة اليومية والعمل علي تحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية. كل هذا وغيره كان في عقل وقلب الملايين أمام صناديق الاقتراع وبذل الجهد لاختيار الاسماء التي تنطبق عليها المعايير الصحيحة, ونستطيع التأكيد وقبل الإعلان عن النتائج ان الغالبية الساحقة من الفائزين في هذه الانتخابات سيعبرون وبحق عن احلام وطموحات الناخبين, ومهما تكن نسبة التسرب فإنها لن تكون كبيرة ولن تعوق الاداء المطلوب من برلمان الثورة. واليوم نستكمل مسيرة المرحلة اللأولي بنفس العزيمة والإرادة وهكذا تحسم مصر أمرها ويرتفع صوتها فوق الجميع لتشير إلي المستقبل المنشود البعيد كل البعد عن الانقسامات والخلافات والجدل. أصبح الطريق ممهدا وواضحا لاستكمال الانتخابات البرلمانية ومن بعدها الرئاسية وليبدأ الانطلاق الفعلي في بناء مصر الجديدة. أنه الشعب المصري القادر دائما علي أن يذهل العالم وإن ينال من بقية الشعوب كل الاحترام والتقدير. [email protected]