ليس منطقيا أن تظل معظم مدن محافظة البحر الأحمر التي تمتد علي مسافة1080 كم متقوقعة اقتصاديا حول النشاط السياحي فقط بإستثناء مدينة رأس غارب. ذات النشاط البترولي المعروف منذ سنوات عديدة مضت فلا أحد ينكر أن النشاط السياحي مهم لأبعد الحدود وله الفضل في التنمية التي شهدتها مدن الغردقة وسفاجا والقصير ومرسي علم, لكن الذي لا يمكن إنكاره أيضا أن النشاط السياحي يشبه المولود الصغير الدائم الشكوي والبكاء بمعني أن أمراض السياحة كثيرة وأي حادث صغير أو كبير يؤثر مباشرة علي هذا القطاع ويؤدي إلي تراجع الحركة السياحية, وفور حدوث ذلك نجد النشاطين الاقتصادي والاجتماعي بالمدن السياحية المشار اليها يصابان بالسكتة القلبية والشلل التام لأن كل كبيرة وصغيرة بهذه المدن خاصة الغردقة تعتمد علي السياحة. ولذلك نطرح سؤالا مهما يقول هل محافظة البحر الأحمر خلقت لتكون سياحية وبترولية فقط أم هناك بدائل وثروات طبيعية أخري يمكن استغلالها في إقامة أنشطة تنموية جديدة يمكن أن تعضد النشاط السياحي وتضيف جديد للاقتصاد القومي بصفة عامة وللنشاطين الاقتصادي والاجتماعي بمحافظة البحر الأحمر بصفة خاصة؟ محمد عبده حمدان أحد أبناء المنطقة يقول: بالعكس البحر الأحمر مليئة بالخيرات والامكانات السياحية و البترولية ليست سوي جزء من ثروات طبيعية هائلة لكن المشكلة أن الاهتمام تركز خلال السنوات الماضية حول السهل الممتنع وهو قطاع السياحة سواء علي مستوي المستثمرين أو المحافظين الذين تولوا مقاليد الأمور بهذه المحافظة طيلة السنوات الماضية ولم يكن هناك طموح حكومي يذكر لاستغلال بقية الثروات وفتح مجالات جديدة من شأنها جعل هذه المحافظة من المحافظات المستقرة اقتصاديا واجتماعيا لأن الصحراء الشرقية غنية بخيرات وفيرة, والدليل علي ذلك تلك الخريطة التي عثر عليها اخيرا بمتحف ترينو الايطالي وهي خريطة مصنوعة من ورق البردي والتي تؤكد وجود125 موقعا للذهب بباطن الصحراء الشرقية ولكن هذه المواقع لم يستغل منها حتي الآن سوي منجم واحد وهو منجم السكري بمدينة مرسي علم لكن تبقي بقية المواقع دون استغلال وأهمها مناجم سكيب والفواخير والبرامية وحوضين والحنجلية وأم عود وعتود والصباحية وأبومروات والعلاقي وغيرها من المواقع التي وصل إليها الفراغنة القدماء واستغلوا بعضها وهي مليئة بخامات الذهب ولكن نتيجة لسياسات حكومية عقيمة وقوانين بائدة وتشريعات كئيبة لم يتم اقتحام هذا القطاع بالشكل المطلوب ولم يتم الترويج له عالميا وداخليا. ويقول إن المنطقة تعج بثروات طبيعية أخري مثل الثروات التعدينية ومنها خامات الحديد والفلزات الحديدية, كما تحتوي جبال المنطقة علي خامات هائلة للصناعات الكيماوية ومواد البناء والطاقة والأحجار الكريمة وكميات كبيرة من المنجنيز والكروم والتنجستين والقصدير والنيكل والتيتانيوم والفانديويم والنحاس والرصاص والزنك والألومنيوم والفليسبار والفوسفات والكبريت وجميع هذه الخامات أماكنها محددة ومعروفة. كما أن هناك مساحات هائلة تصل لمئات الكيلو مترات المربعة تعج بأجود أنواع الرخام والجرانيت خاصة في الجزء الشمالي للمحافظة فهناك معلومات مؤكدة تفيد بوجود3300 كم2 في31 منطقة مليئة بالرخام العالي الجودة والمتعدد الأنواع والألوان وإن كان هناك إستغلال ولكن علي استحياء شديد لهذه الخامات وللأسف الشديد إلي يومنا هذا يتم نقله كتلا صخرية ليتم تصنيعه في منطقة شق الثعبان بالقاهرة, حيث لم يتم بعد انشاء منطقة صناعية رغم أن هذا القطاع وحده كفيل بتأسيس تجمع صناعي كبير وتوفير آلاف من فرص العمل. وهناك بمنطقة شمال المحافظة كما يقول الدكتور محمود حنفي مسشار محافظة البحر الأحمر لقطاع البيئة والمحميات جبال من الرمال البيضاء التي تصنع منها كل نوعيات الزجاج وخامات هائلة من ملح الطعام وكثيرا ما سمعنا تصريحات من المسئولين بأن هناك ثلاثة آلاف فدان بصحراء رأس غارب خصصت لإقامة منطقة صناعية تستوعب عدة مصانع لاستغلال الخامات المشار اليها ولكن كعادة الحكومة السابقة يقتصر الأمر علي تصريحات هدفها الاستهلاك فقط. وتوجد بالمنطقة عدة وديان تحتوي علي آلاف الأفدنة المنبسطة منها علي سبيل المثال لا الحصر وادي النخيل بالقصير ووادي الحواشية ودارة برأس غارب وإن كان الأخير هو الوحيد الذي دخل دائرة الاستغلال الفعلي ناهيك عن الوديان الأخري بجنوب المحافظة, وهذه الوديان بها مخزون جوفي هائل من المياه وكل الذي نسمعه منذ أكثر من15 سنة أن لجانا متخصصة تقوم بتحليل المياه الجوفية والتربة للتأكد من صلاحيتهما للزراعة ثم تختفي الحقيقة ويبقي الأمر محلك سر. ولكون محافظة البحر الأحمر تمتد علي سواحل البحر بطول1080 كم فهذا يعني انها محافظة ذات ثروة سمكية كبيرة وقادرة علي القيام بنشاط سمكي يمكن أن يسد احتياجات الاستهلاك المحلي علي الأقل فالمنطقة بها نحو50 مصيدا وهناك آلاف الأفدنة الصالحة لإقامة مزارع سمكية منها منطقة جنوب الحمراوين بها نحو ألف فدان تصلح لهذا الغرض ومنطقة أخري جنوب القصير تمتد حتي حدودنا مع السودان وأشهرها منطقة فاول باي جنوب مرسي علم ومنطقة أخري بنطاق رأس غارب والاستثمار السمكي يضيف للسياحة ولا يتعارض معها ولكن للأسف الهيئة العامة للثروة السمكية بسياساتها الغريبة طوال السنوات الماضية دمرت الثروة السمكية بنطاق المحافظة والدليل علي ذلك أنها تصر علي أن تظل تبعية قطاع الثروة السمكية بالمحافظة ضمن اختصاصات الإدارة الموجودة بمحافظة السويس بمنطق غريب ومريب. ومع إزاحة الحكومة البائدة التي أفسدت قطاعات كثيرة في مصر ومع تولي حكومة جديدة بل مع تولي قيادة جديدة لهذا البلد في القريب العاجل يمكن ان توضع سياسات جديدة وفكر جديد من شأنه استغلال الثروات الطبيعية الهائلة المشار اليها وهل يمكن ان نشهد في الفترات المقبلة مولدا حقيقيا للمناطق الصناعية الأربع التي سبق تحديدها بنطاق صحراء المحافظة ونقصد تحديدها علي الورق فقط بما يوفر أنشطة جديدة بالمحافظة تؤازر النشاطين السياحي والبترولي بالمنطقة بدلا من تقوقع معظم مدن المحافظة حول النشاط السياحي.