طالب عدد من السينمائيين بإلغاء الرقابة علي المصنفات الفنية لأنها تحجر علي حرية الفنان وتعوق الابداع, وطالب أخرون بإبقائها للاشراف علي تطبيق القواعد والأداب العامة في الأعمال الفنية ووسط هذه الأراء المتضاربة صدر قرار د. عماد ابو غازي بتجديد تعيين د. سيد خطاب رئيسا للرقابة علي المصنفات الفنية فكان هذا الحوار حول شكل الرقابة قبل وبعد الثورة والدور الذي يجب أن تقوم به للنهوض بالفن في المرحلة القادمة هل اختلفت الرقابة بعد الثورة عن قبلها؟ ** لا لم تختلف فالمعايير والقوانين كما هي, لكننا نعمل وفق العادات المجتمعية, وأتمني ان تكون الاعمال التي ستقدم لنا في الفترة القادمة أعمالا فكرية وإبداعية تراعي القواعد والعادات والاعراف السائدة في المجتمع. * ما رأيك في الاتجاهات التي تنادي بالغاء الرقابة؟ ** منذ عام تقريبا وأنا أطرح مشروعا لالغاء الرقابة علي السيناريو, وقابلت العديد من السينمائيين خلال اعتصامهم في النقابة وتناقشنا كثيرا في هذه المسألة, وكان مشروعي يقوم علي فكرة الغاء الرقابة في المرحلة الاولي وهي السيناريو, علي ان تعرض الأعمال علي الرقابة بعد تصويرها فموافقتنا لأننا نريد ان نرسخ مبدأ ان حرية المبدع تساوي مسئوليته, وبذلك سنتخلص من كلمة الاعمال المرفوضة, ولا اخفيك سرا فانا اتمني ان تتحول الرقابة لهيئة شبه مستقلة, وتكون عبارة عن لجنة تضم جميع طوائف الشعب تشاهد الأفلام وتحكم عليها وتعطيها تصاريح العرض العام حتي نبتعد عن القرارات الفردية, وانا شخصيا أعرض الفيلم الأن علي أكثر من لجنة حتي أحصل علي رؤي مختلفة بحيث لا نظلم المبدعين ولا العمل الفني نفسه وأعتقد ان هذا المطلب عادل في ظل الثورة لأن الحرية أساس من أسس الابداعات. * التابوهات في الرقابة هي الدين, والجنس والسياسة هل تغيرت هذه التابوهات أم كما هي؟ ** في أي مجتمع شرقي تظل هذه التابوهات موجودة, ولكن بأشكال, وصيغ مختلفة, ونحن في مصر معنيون بطريقة التناول, فلا توجد تابوهات ولكن توجد فكرة وطريقة التعبير عنها, وملاحظاتنا ما هي الا تطبيق لمواد قانونية مرتبطة بالأداب العامة, فجميع الأفكار قابلة للتطبيق ولكن برؤية خاصة, والمحاذير مرتبطة بالنظام العام للدولة, وليس بنظام الدولة, ومنذ توليت رئاسة الرقابة وأنا أؤمن ان الاصلاح يبدأ بتعدد اشكال الفن, وهناك اشياء في العالم كله يتم تناولها بشروط حتي لا تخل بنظام الدولة او بالاداب العامة, وأنا خلال عملي اطلعت علي جميع قوانين العالم التي تحكم الأعمال الفنية لأصل لقانون متوازن يتناسب مع مجتمعنا الشرقي وعاداتنا وتقاليدنا ويصنف الأفلام علي أسس. تصنيفا عمريا, ويراعي كل القواعد التي تحدثنا عنها من قبل وطبعا هذا القانون اذا طبق سيأخذ وقتا طويلا حتي يصبح ثقافة عامة. * لكنك رفضت قبل الثورة فيلم لامؤاخذة لعمرو سلامة لأنه تحدث عن الفتنة الطائفية؟ **طبعا رفضته, فهو يتحدث عن طفل يتصادف ان اسمه لايدل علي أنه مسيحي, ويعامله المدرس علي أنه مسلم لمدة عام, لأننا رأينا جميعا أن هذا الفيلم سيؤثر في نفسية الأطفال بشكل سلبي, ومن ناحية أخري رأينا أنه مستحيل أن تكون هذه الحادثة حقيقية, فلا يوجد في مجتمعنا هذا المستوي من القهر, والتمييز, كما أنه كان سيفجر قضية ليست موجودة في المجتمع. * ماذا ستفعل إذا قدم لك فيلم يتناول أحداث ماسبيرو خاصة وان هناك وجهات نظر مختلفة حول ما حدث سواء بالادانة للمجلس العسكري, أو المسيحيين, أولفلول النظام السابق؟ ** المسألة مثيرة للجدل, ومنطقة شائكة, ولا أستطيع الاجابة إلا أذا عرض علينا سيناريوهات لهذا الفيلم ويجب أن نعترف أن أحد أسباب أزمة الرقابة قلة الإنتاج وعدم تنوعه فمن غير المتصور مثلا أن تكون أفلامنا خالية من أفلام الخيال العلمي, والحضارة الفرعونية, وغيرها من الأفلام التي تشكل إنتاجا ضخما في معظم دول العالم. * هل ستظل الرقابة تتعامل مع الملف المسيحي بنفس نظرية الامن؟ ** إطلاقا, لكني لا أنكر أنه ملف حساس للغاية, وكما قلت القضية في كيفية تناول الفكرة, وأنا أتمني ان تكون هناك رؤي ومعالجات جادة بصيغة يرضاها الضمير, وليس مجرد معالجات تحول السينما إلي برامج توك شو, وهناك فيلم من اروع ما قرأت للمخرج داود عبد السيد حبيبتي مريم يعالج القضية برقة عن طريق كلمة مكتوبة علي سور أحد المدارس تقول بحبك يا مريم, ويبدأ الجميع في الحي بالبحث عن مريم فنجدها مسيحية ومسلمة, ويتعرض الفيلم للعلاقات المجتمعية بشكل متحضر بعيدا عن الاثارة, وأتمني أن يقدم داود هذا الفيلم. * كيف ستواجه الرقابة التكنولوجيا الرقمية الحديثة؟ ** فعلا الثورة الرقمية غيرت أشياء كثيرة, وآليات التوزيع نفسها اختلفت, فلن نحمل شرائط خام لنرسلها ونستقبلها عبر الطائرات, فالآن نتعامل مع الأثير بشراء زمن لبث الفيلم, وهناك شركات أنتاج مهمة قامت بتجهيز تسع دور عرض أستقبلوا فيها الأفلام عبر الأقمار الصناعية, ومشكلتنا الأن كيف سنراقب هل سنضع موظفا مقيما في دار العرض؟ لكن المرونة الرقابة, فنحن نشاهد الفيلم ونبعث ملاحظاتنا للشركة المنتجة وهي تقوم بمونتاج الفيلم وقص اللقطات. * هل ستخضع الأفلام المستقلة والتسجيلية للرقابة؟ ** جزء من الأفلام المستقلة يأتيني مثل أفلام المركز القومي للسينما, وبعض الأفلام إنتاج الشباب لتعرض في المهرجانات, وأنا شخصيا مقتنع بضرورة وجود هذه الأفلام فهي مساحة اضاءة جديدة, والمستقبل للديجيتال, وأتمني أن تتدخل البنوك لبناء دور عرض في كل قرية في مصر. * هل هناك أفلام رفضت قبل الثورة ثم قبلت بعدها؟ ** لا يوجد إلا فيلم المنصة, وهو يتناول اغتيال السادات, وبالفعل قدم بعد الثورة وهناك لجنة تقرأه الان. * شهدت الرقابة علي المصنفات إضرابا جزئيا من الموظفين لماذا؟ ** كان المطلب الأساسي للإضراب مطلبا ماديا تم حل جزء منه وأكرر ما قلته من قبل أن الموظفين كان لهم الحق فيما طالبوا به, ومطالبهم مشروعة ونحن نتعامل مع المشروع بشكل هاديء وفي نفس الوقت يعطي كل ذي حق حقه وقد وعدنا وزير الثقافة بحل هذه المطالب, ونأمل أن يتحقق ذلك سريعا.