وسط مستنقعات الصرف الصحي والقمامة يعيش ما يزيد علي300 ألف نسمة جميعهم تحت خط الفقر في قرية يطلق عليها برك الخيام, وهي حقا برك من القاذورات يعيش فيها الأهالي الذين يعتبرون انفسهم خارج نطاق الزمن, فلم تنته مشاكلهم عند هذا الحد, حيث ان المياه تنقطع يوميا والتلوث الذي جعل معظم الأهالي مرضي بفشل الكلوي والوباء الكبدي بخلاف الأمراض الجلدية فهي قرية محرومة من كل الخدمات. في البداية تقول شادية سالم أم لأربعة أولاد وزوجها يعمل مزارعا إنهم منذ خمس سنوات يستمعون إلي وعود بحل مشكلة الصرف الصحي ولم يتم تنفيذها حتي صارت ردهات المنازل مستنقعات مجار ومأوي للحشرات الزاحفة وتصدعت جدرانها وكثرت بها التشققات وبلاط الأرضية يعوم علي مياه الصرف حتي اصبحت جميعها آيلة للسقوط ولأن غالبية اهالي القرية من محدودي الدخل والبقية تحت خط الفقر لايستطيعون تصليح ما افسدته مياه المجاري إلا بالسلف والدين ومنهم من انهار منزله واصبح مأواه الشارع. ويؤكد عماد محسن سائق انهم يعتمدون علي المجهود الذاتي في رفع مياه المجاري حيث تقوم كل منطقة بتدبير تكلفة استئجار سيارة الكسح لشفط المياه والتي لاتلبث ان تعاود مرة أخري وكل منزل يدفع25 جنيها مقابل الحمولة الواحدة, ويضيف أنهم يواجهون مشكلة أخري وهي صعوبة الحصول علي رغيف الخبز بعدما اصبح العاملون بالفرن البلدي يبيعون الدقيق المدعم في السوق السوداء وحرموهم من حقهم في الحصول علي لقمة العيش سوي باتاوة تقدر بضعف المبلغ الذي تشتري به الخبز, وأصبح ثمن رغيف الخبز المتوافر لديهم بالقرية25 قرشا رغم ضآلة حجمه وهو مايشكل كارثة داخل القرية. تشير زينب علي(45 سنة) وام لتسع أولاد إلي أنه لاتوجد سوي مدرسة واحدة ابتدائية تبعد عنهم بنحو أربعة كيلومترات وتعتبر اقرب مدرسة لهم بخلاف عدم وجود مدرسة اعدادية أو ثانوية مما دفعها إلي الاكتفاء بالشهادة الابتدائية لأولادها حتي لاتقوم بدفع خمس جنيهات يوميا كمصاريف مواصلات للذهاب إلي المدرسة وهو مايكلفها الكثير خاصة ان زوجها عامل باليومية ولايتعدي دخله ال200 جنيه شهريا, بالإضافة إلي ان المدارس في منطقة نائية لاتوجد عليها رقابة حسبما قالت وتنتشر بها جرائم التحرش وإدمان المخدرات. ويضيف سامر محمد كهربائي ان المياه تنقطع بالقرية لفترات طويلة كما ان مواسير المياه العمومية مكسورة وتختلط بمياه الصرف الصحي مما جعل المياه ملوثة واصيب معظم سكان المنطقة بأمراض الفشل الكلوي والوباء الكبدي بخلاف الأمراض الجلدية. ويضيف ان رائحة الصرف الصحي تسببت في اصابة طفله الذي لايتعدي عمره الست سنوات بفيروس نادر في فمه ويحتاج إلي فترة علاج طويلة ولايستطيع الشرب سوي بالبخاخ, مشيرا إلي انه يضطر لشراء العلاج من الصيدليات لان الوحدة الصحية الوحيدة بالقرية انحصرت مهمتها في اعطاء التطعيمات ولايوجد مستشفي واحد بالمكان مما يجعلهم يعانون الذهاب إلي مستشفي السيد جلال ببولاق لانها الاقرب إليهم. ويقول طارق محمد(29 عاما) صاحب محل فول وفلافل ان الكابلات الموجودة بالشارع العمومي احترقت أكثر من مرة وسقطت علي بعض الأهالي داخل مقهي وكادت ان تودي بحياتهم, بخلاف انه لاتوجد أعمدة للإنارة بالشوارع حتي اصبح السير بالشوارع بعد الساعة السادسة امرا مخيفا, لافتا إلي ان ظلمة الليل تعرضهم إلي كثير من حوادث السرقة والبلطجة. ويؤكد أحمد محمد عامل بوفيه ان منطقة اماكن تجمع البلطجية في قرية برك الخيام تنحصر أسفل كوبري أبو عميرة والكوبري الدائري ناحية منطقة صفط اللبن والطريق الأبيض الموازي للمحور, حيث تتم جرائم قتل وسرقة بالاكراه لسيارات المارة والتي يتم بيعها خردة بعد تفكيكها, كما ان مسلسل البلطجة طال سائقي الميكروباص الذين ضاعفوا الأجرة بموقف سرفيس الكفر عزبة العسيلي, ولكي يذهبوا إلي بولاق الدكرور والتي لاتبعد عنهم سوي أربعة كيلومترات يدفعون مايزيد علي ثلاثة جنيهات مصاريف وسائل المواصلات التي من الصعب وجودها. ومن جانبه, أكد الدكتور علي عبد الرحمن محافظ الجيزة ان المنوط به مشكلة الصرف الصحي داخل القرية الجهاز التنفيذي لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي التابع لوزارة الإسكان, وان المشروع بعد الانتهاء منه يتم تسليمه للهيئة وليس للمحافظة, كما ان المشكلة لم تنحصر فقط في برك الخيام بل هناك قري أخري تابعة لمركز كرداسة تعاني نفس المشكلة, موضحا ان المبلغ المدرج لحل المشكلة غير كاف لجميع المناطق. وأضاف أن مشكلة الكهرباء وعدم وجود اعمدة إنارة بالشوارع سببها قلة الطاقة المنتجة والتي لاتكفي لإنارة الشوارع وحتي الطرق الرئيسية, وانه يتم حاليا عمل محطة لتوليد الكهرباء أول الطريق الصحراوي بتكلفة ملياري جنيه لتغذية المحافظة بما فيها مركز كرداسة لتحل مشكلة القري الموجودة بها, أما فيما يخص مشكلة القمامة المتراكمة فيقول أنه يتم حاليا تزويد كل المراكز بالمعدات الخاصة برفع القمامة.