والله العظيم أنا بريء والله بريء) جملة ظل يرددها الحدث السجين شعبان محمود شعبان نزيل دار التربية الاجتماعية للبنين بدمنهور وعلي مدار ثلاث سنوات هي مدة عقوبته والمحكوم بها عليه في القضية رقم1877 لسنة2009 جنايات. (بتهمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد ويوميا ينزوي شعبان في احدي زوايا مؤسسة الأحداث خلف دموعه تتداعي أمامه مشاهد من حياته والتي أوصلته لما هو فيه الآن من سلب لحريته وتتداعي المشاهد, فالمشهد الأول للطفل المحروم الذي حرم من كل مايتمتع به أقرانه فوالده الذي يعمل صيادا مريض بالالتهاب الكبدي الفيروسي والتهاب المفاصل الذي أقعده عن العمل, وأمه مريضة بالسكر ومعرضة لبتر بعض أطرافها, وكذا شقيقه الأكبر مريض بالسرطان الذي استشري في جسده إلي أن وافته المنية وهو نائم بجانب شعبان علي السرير مما أصابه بصدمة شديدة فقد علي أثرها النطق جزئيا وأصيب بالتلعثم الذي لازمه بعد ذلك. هكذا ينتهي المشهد الأول لصورة الطفل المحروم المتلعثم والذي تم طرده من المدرسة وأصبح دون تعليم أو نطق أو أمل في المستقبل, أما المشهد الثاني فهو تغيير للمسار وفيه يري شعبان نفسه بعد أن طرد من التعليم يذهب ليرافق عمه وأولاده في رحلات الصيد والبحث عن الرزق. وفي واحدة من جولات الصيد والتي تستمر أكثر من يوم كان يرافق ابن عمه يوسف(20 سنة) حيث لجأ معه لإحدي العشش علي الشاطئ لتناول طعام الغداء ونيل قسط من الراحة فأخذته غفوة نام علي أثرها في العشة ليفتح عينيه بعد مدة علي صرخات صادرة من فتاة يحاول ابن عمه يوسف اغتصابها ثم يقوم بعد ذلك بقتلها فتملكه الخوف والفزع فتصنع النوم, وشاهد ابن عمه يأخذ الفتاة القتيلة إلي القارب ويلقي بها في مياه البحر ويعود للعشة وليجد شعبان في حالة انهيار فيتأكد أنه رآه وهو يقتل الفتاة فيقوم بشل حركته وربطه بالحبال وحبسه في العشة لمدة ثلاثة أيام حتي عثر عليه والده واصطحبه للمنزل ومن خلال كلماته المتلعثمة عرف والده القصة ونقلها لشقيقه والد يوسف واجتمعت الأسرة وقررت إبقاء الأمر سرا, فازدادت حالة شعبان سوءا وظل يبكي ليل نهار دون أن يستطيع عمل شيء لينتهي المشهد الثاني بصورة الطفل المصدوم المحطم العاجز, وبمرور الأيام ظهرت جثة القتيلة ونشطت أجهزة المباحث الجنائية بالبحيرة وأكدت الأدلة شخصية القاتل وتم القبض علي يوسف ابن عم شعبان ووجهت إليه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار, وكانت في انتظاره أقصي العقوبة. وكعادات العائلات في مثل تلك الظروف اجتمعت العائلة ومع بعض المحامين استقر الرأي علي أن إفلات يوسف من أقصي العقوبة المحتملة رهن بإدخال آخرين في عملية القتل فكان الضحية( الطفل شعبان) وحيث أنه كان في العشة وقت ارتكاب الجريمة فشهد عليه ابن عمه واعترف عليه واتهمه بمساعدته في عملية القتل, ولوجود أكثر من شريك في تلك الجريمة صدر الحكم المخفف علي يوسف بالسجن10 سنوات بينما صدر الحكم علي الحدث شعبان بثلاث سنوات ايداع بمؤسسة الأحداث بدمنهور لينتهي المشهد الثالث بصورة الطفل نزيل مؤسسة الأحداث الشاعر بالظلم والضحية والباكي والصارخ في ظلمات الليل( بريء.. والله بريء)!) أما المشهد الرابع والأخير فتبدأ حياة شعبان الجديدة في المؤسسة التي وجد الأمن والأمان من خلال معاملة الأخصائية النفسية( أمل العليمي) التي ساعدته بجلسات نفسية واجتماعية مستمرة حتي استقرت حالته وعاد إليه النطق من جديد, كما وجد التشجيع علي تعلم مهنة النجارة والتكيف مع المجتمع من مدير الدار( علي فهمي) الذي تابع حالته باهتمام منذ دخوله المؤسسة في2009 وحتي الآن لينتهي المشهد الختامي لتلك الدراما الحياتية بسؤال كبير جدا يوجهه شعبان لنفسه ونحن معه هل شعبان مجرم أم ضحية؟!.