علي ناصية شارعنا كشك صغير صاحبه يدعي عم مناع. راجل صعيدي.. مصري أصيل.. لونه بسمار طينة الجنوب.. خفيف الظل شأنه شأن العديد من شعبنا( ابن نكتة) بجد, من النجمة يفتح كشكه وهاتك تعليقات علي كل حاجة مع زبائنه. الغريب رغم أنه مابتفوتهوش صغيرة ولا كبيرة إلا لما ينكت عليها, لكن عمره ما اتكلم في السياسة ولا نكت عليها مع أنها أكتر حاجة ممكن يتنكت عليها. من ساعة ما بدأت ثورة25 يناير والكل ملاحظ أن عم مناع بطل يهرج.. يوم بعد يوم الناس زباينه بدأوا يسألوا نفسهم يا تري عم مناع ماله مش عوايده؟ اترسمت علامات الاستغراب علي وجوهنا دون استثناء عندما فاجأنا, بعد ماسألناه عن سبب حزنه, وقال قلقان علي البلد فباغتناه بعبارة اتفقنا علي كلماتها دون أن نشعر وأنت من إمتي بتشغلك أمور السياسة يا عم مناع وبدون أن نشعر تلقي عم مناع منا سيلا من العبارات الساخرة أنت ماتعرفشي حاجة عن ميدان التحرير إلا من التليفزيون, أو لما كنت بتمر عليه عشان تنزل باب اللوق تتبضع لكشكك.. وهانروح بعيد ليه أنت حتي مانزلتش جمعة تصحيح المسار. رد عم مناع علينا بسخرية قصدك جمعة تصحيح المسمار علي الأقل تبقي لايقة أكتر علي جمعة الشواكيش, ودون أن نعي انتقدناه بشدة عيب يا مناع تهرج في مستقبل مصر لأنه مش مجال للسخرية.. أنت مش مصري؟ رد عم مناع بغضب أنا مصري أكتر منكم, ومش لازم أحرق أو أكسر عشان اثبتلكم اني مصري بجد.. اللي مزعلني أني من يومين قعدت علي القهوة, وكان في مجموعة من الشباب تربطهم صداقة جامدة بحكم أنهم جيران, كانوا بيتناقشوا في مستقبل البلد, منهم اللي مع المظاهرات السلمية, والتانيين معاها بس مانهملشي شغلنا, والباقيين رافضين المظاهرات ومع منح الحكومة فرصة للعمل.. اللي ضايقني أن كل مجموعة اتهمت الأخري لمجرد الاختلاف في الرأي معاها بأنها مش مصرية وأنها من الفلول وباين إنها كلمة قبيحة شوية, وانتهت المناقشة بخناقة كبيرة تطورت إلي ضرب وشتموا بعض وغادروا القهوة مودعين صداقة دامت سنين عمرهم. أنا شايف إن الثورة لما قامت كانت عشان محدش فينا كان قادر يعبر عن رأيه بحرية, وللأسف لما نجحت الثورة وقعنا في نفس المشكلة وكررناها تاني, ونسيوا المصريين أن الديمقراطية هي احترام رأي الآخرين حتي لو اختلفوا معانا وأنه مش من حقنا إننا نصنف الناس ونقول إن دا مصري ودا مش مصري.. لاننا كلنا بنحب البلد.. بس كل واحد بيحبها بطريقته. وتابع عم مناع انتوا يمكن فاكريني مش وطني عشام مش بتكلم في السياسة ومنزلتش معاكم التحرير يوم الثورة لكني كنت من أوائل اللي اتبرعوا لصندوق شهداء الثورة, وواثق أن في ناس بيدعوا انهم ثوريين بس عمرهم مافكروا انهم يساعدوا أسر الشهداء ولو بجنيه واحد. عم مناع من غير( فزلكة) شايف بالبلدي إن حرق مديرية أمن الجيزة واقتحام السفارة الإسرائيلية كان سببه اخطاء وقع فيها الشعب والحكومة, وقال الحكومة كانت لازم تسحب السفير المصري من إسرائيل عشان تجبر اللي( ماتتسماش) علي تقديم اعتذار رسمي علي دماء شهداء خير أجناد الله في الأرض؟ الحاجة التانية ازاي تبني جدار علي أرض مصرية واحنا أصلا عندنا( ارتكاريا) من الجدران.. دا طبعا استفز الولاد بجد نيجي بقي للشعب لما قرروا انها تكون سلمية من البداية لحد النهاية.. كان لازم عليهم يأمنوا المظاهرة زي ما حصل قبل كدا وانتهت بشكل حضاري.. لكنهم للأسف نسيوا أن الحرية من غير مسئولية تهدم, وان الحرية الحقيقية لازم تكون بمسئولية.. تركوها للشرطة تحميها ودا صحي جوانا الجرح اللي لسة ما( طابشي) ما بين الشعب والشرطة وفي النهاية اتحرقت حاجات كثيرة, هانبنيها ونصلحها تاني من فلوسنا بتاعة الضرايب. المشكلة الأخيرة إن القنوات الفضائية جريت كلها وعملت من الراجل اللي طلع فوق عمارة السفارة الإسرائيلية وحرق العلم بطلا عظيما, واللي مانعرفشي مين هو لحد دلوقتي.. دا خلي الشباب الصغير يحلم الأيام الجاية إزاي يعمل عملا يشهره ويخلي الناس كلها تشاور وتقول عليه بطل حتي لو كان العمل دا فيه خطورة عليه وعلي شعب بلده مع احترامي لوطنية اللي حرق العلم الإسرائيلي, ليه محرقشي علم الدنمارك لما رفضت الاعتذار للمسلمين عن الرسومات التي نشرتها للإساءة إلي سيدنا محمد رسول الله( صلي الله عليه وسلم) يتهيألي إنه حتي مافكرشي يقاطع الجبنة الدنماركية لو صادفت واتقدمت له. وختم عم مناع كلامه, منتقدا مش عيب والنبي إن مصر كلها تعرف مين اللي حرق علم إسرائيل, وكتير مننا مايعرفشي اسم أول جندي رفع علم مصر علي أرض سيناء الحبيبة.