جاء الإسلام نورًا وهديً للناس، يهديهم سبيل الخير فى الدنيا والآخرة، ويدفع عنهم شرور هذه الحياة وعذاب الآخرة، وقد تضمنت تشريعات الإسلام كل شيء من العقائد التى تتمثل فى الإيمان والشرك والردة والكفر، ومن التشريعات الفقهية والمعاملات والفرائض التى تمثل هوية المسلم وشكلها. فرضت الصلاة فى السنة العاشرة من البعثة بعد أن رسخت عقيدة التوحيد والولاء فى قلوب المسلمين، بدأت قلوبهم تميلُ لأداء العبادة لخالقهم؛ لإعطاء الدليل الواضح على إسلامهم وامتثالهم لأمر الله عز وجل، وما إن رَسَخت الفريضة الأولى وعمود الدين فى حياة المسلمين وبعد خمس سنواتٍ من بعد فريضة الصلاة فرض الصيام، فقد كانت فريضة الصيام من التشريعات لا العقائد، بينما كانت الصلاة عقيدة، حيث فرض الصيام فى المدينةالمنورة، حين قامت دولة الإسلام وتأصل فى قلوب المسلمين، وأصبح الخطاب الربانى الموجّه إليهم يبدأ ب (يا أيّها الذين ءامنوا)، وكانت سنة فرض الصيام هى الثانية من الهجرة. حتّى فريضة الصيام كانت بتدرج ولم تفرض فريضة تامة وكاملة من أولها، بل فرضت كفريضة اختيارية فى بادئ الأمر على أن يكفّر من لم يستطع الصيام وفقًا للآية القرآنية «يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفرٍ فعدةٌ من أيامٍ أخر، و على الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين فمن تطوع خيرًا فهو خيرٌ له وأن تصوموا خيرًا لكم إن كنتم تعلمون» فكان الصيام بين التخيير فى المرحلة الأولى مع الفدية، ثم فى المرحلة الثانية الإلزام والوجوب فهو ركن من أركان الإسلام وفرض إلّا لمن كان مريضًا أو على سفر. نِعم الدين هو الإسلام، دين يسرٍ وحكمة. فجعل فرض الصلاة من خمسين فرضًا إلى خمسة، وجعل الحج لمن استطاع إليه سبيلا، وجعل الصيام لمن استطاعه صحيحًا سليمًا مقيمًا بالغًا.