لاشك ان السودان شماله وجنوبه يعيش الآن مرحلة مهمة من تاريخه حيث بدأ الجنوب الوليد في ممارسة مهام الدولة والسعي لدي المجتمع الدولي لكسب ثقته ودعمه السياسي والمادي في جميع المحافل الدولية والإقليمية. خاصة ان هناك العديد من القضايا العالقة مازالت تلقي بظلالها علي استقرار العلاقات بين الدولتين. وعلي الرغم من الجهود التي يقوم بها العديد من الدول وفي مقدمتها مصر لدعم الاستقرار وتحقيق السلام بين الشمال والجنوب علي اساس ان السودان يمثل عمقا استراتيجيا لمصر الا أن هناك قوي دولية كبري تسعي لتثبيت اقدامها ولعب دور فعال في السودان سواء في الشمال أو الجنوب تأتي في مقدمتها الصين والولايات المتحدةالأمريكية رغم الاختلاف الكبير في السياسات التي تتبعها كل منهما تجاه السودان. وفي هذا السياق جاءت زيارة وزير خارجية الصين وانج جيه تشي الأسبوع الماضي الي دولتي شمال وجنوب السودان لتؤكد استمرار الصين في دورها المهم تجاه السودان من الناحية الاقتصادية حيث ذكرت وكالة أنباء( شينخوا) ان حجم التبادل التجاري بين الصين والسودان فاق ال10 مليارات دولار, كما توسعت الاستثمارات الصينية في مجالات النفط والزراعة والمعادن والكهرباء والطرق وغيرها فيما بلغ حجم العمالة الصينية بالسودان نحو15 ألف عامل. وعلي الرغم من عدم كشف الحكومة حتي الآن إلا من مصادر غير رسمية عن حجم الاستثمارات الصينية وعائداتها للبلاد, فإن متابعين وخبراء اقتصاديين يرون أنها اكبر مما يتوقعه كثير من المراقبين كون السودان فتح جميع مجالاته ونشاطاته تجاه العملاق الاسيوي, فقد كشفت الحكومة عبر مصدر رفض ذكر اسمه عن ان إجمالي الاستثمارات الصينية في البلاد بلغ نحو6.3 مليار دولار خلال الفترة الأولي من التعامل بين الدولتين مشيرا الي ان اجمالي الاستثمارات الصينية في مجال البترول لوحده بلغ اكثر من ستة مليارات دولار. واعرب الرئيس السوداني عمر البشير عقب لقائه مع وزير خارجية الصين عن تقديره العالي للمستوي الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية, وقال ان الصين صديق حقيقي وشريك حميم للسودان وان علاقات التعاون بين السودان والصين هي نموذج للتعاون بين دول الجنوب. بينما قال وزير الخارجية الصيني. ان الصين والسودان منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما اجريتا تعاونا مخلصا وحققتا نتائج مثمرة علي اساس الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة. وقال الوزير الصيني ان الصين تلتزم بالحفاظ علي التبادلات السياسية وتعميق التعاون العملي في مجالات النفظ والزراعة والتعدين وغيرها وعلي استعداد لتشجيع عدد اكبر من الشركات الصينية التي لها قدرة علي المنافسة والسمعة الطيبة للاستثمار في السودان, ونأمل في ان يوفر السودان المزيد من التسهيلات في هذه المجالات. واضاف: نحرص علي مواصلة تعميق التعاون النفطي وتشجيع ودعم مزيد من الشركات الصينية المؤهلة علي الاستثمار في السودان, وكذلك توسيع التعاون في مجالات الزراعة والتعدين والطاقة والري والكهرباء والطرق والجسور والاتصالات. ودعا وزير الخارجية الصين دولتي السودان وجنوب السودان الي البحث عن حلول للقضايا العالقة بينهما عبر الحوار والتشاور من أجل استدامة السلام. وقال يانج: مازالت بين الشمال والجنوب قضايا عالقة عديدة تتعلق بمصالحهما الأساسية, نأمل من الجانبين تغليب المصالح الأساسية لشعبيهما والحرص علي السلام والاستقرار في المنطقة والتمسك بخيار السلام بإرادة لا تتزعزع. وفي إطار توثيق التعاون بين الصين وجنوب السودان أجري وزير الخارجية الصيني يانج جيه تشي محادثات مع نظيره في جنوب السودان دنج ألور كول وقدم خلالها اقتراحات بتنمية العلاقات بين الصين والدولة الوليدة والمؤكد ان زيارة وزير خارجية الصين للسودان سيكون لها تأثير كبير علي المشهد السياسي والاقتصادي السوداني بالاضافة الي تداعيات ونتائج الجهود التي تبذل لحل القضايا العالقة بين الشمال والجنوب.