اتجهت أنظار العالم نحو مدينة جوبا حيث تم الإعلان الرسمي لجمهورية جنوب السودان في التاسع من يوليو الجاري لتصبح الدولة الأحدث في أفريقيا والعالم ومع هذا الإعلان أصبحت جنوب السودان الدولة رقم 54 في قارتنا السمراء وأصبح »سلفا كير« أول رئيس لهذه الجمهورية الوليدة من رحم السودان الأم... وقد حرصت مصر علي المشاركة في الاحتفالات الرسمية والتي حضرها ثلاثون من زعماء أفريقيا وكبار المسئولين من دول العالم بوفد رفيع المستوي رأسه الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء وقد توالت الاعترافات الدولية بجنوب السودان منذ اللحظة الأولي من ميلادها وكانت مصر هي ثاني دولة تعترف رسميا بهذه الدولة الجديدة والفتية. ومن هذا المنطلق أكد وزير الخارجية محمد العرابي وعضو الوفد المصري في الاحتفالات الرسمية بقيام دولة جنوب السودان علي أن قيام هذه الدولة ما كان ليتحقق إلا بالإرادة المخلصة للأشقاء في شمال وجنوب السودان وحرصهما علي تنفيذ استحقاقات اتفاق السلام الشامل ودعم المجتمع الدولي لذلك.. وأعرب وزير الخارجية العرابي عن أمله في أن تطوي هذه الخطوة التاريخية صفحة التوتر والحرب الأهلية وتبدأ صفحة جديدة من السلام والاستقرار والتعاون بين شمال وجنوب السودان وبينهما مصر ودول الجوار والمجتمع الدولي. كما جدد العرابي تأكيد مصر مواصلة دعمها لدولة جنوب السودان الجديدة وكذلك استعدادها لبذل المزيد من الجهد لمساندة شمال وجنوب السودان في جهودهما لتسوية باقي القضايا العالقة بينها وبما يدعم السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة بأسرها.. وقد التقي محمد العرابي وزير الخارجية مع بان كي مون أمين عام الأممالمتحدة علي هامش الاحتفالات حيث أكد علي اعتراف مصر بجمهورية جنوب السودان وبحث معه سبل دعم العلاقات بين شمال وجنوب السودان واستعرض معه أوجه التعاون القائم بين مصر وجنوب السودان والتي تأتي في إطار تدعيم التواجد المصري في القارة الأفريقية. تقدير للدور المصري في حقيقة الأمر فإن المسئولين في جمهورية جنوب السودان حرصوا علي التأكيد علي استمرار التعاون مع السودان ومصر في جميع الملفات وأكد وزير الطاقة لدولة جنوب السودان »دينيق جارنج« أن بلاده تعمل علي المزيد من دعم علاقاتها مع مصر، مشيرا إلي أنه لا يوجد أي سبب يدعو القاهرة للقلق بسبب قضية المياه.. وأعرب جارنج عن تقديره للدور الذي لعبته مصر في إنهاء الحرب بين الشمال والجنوب وإقرار حالة السلم التي ينعم بها السودانيون حاليا. وقد جاءت هذه التصريحات عقب استقبال وزير الطاقة بجنوب السودان بالوفد المصري المشارك في الاحتفالات برئاسة الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء وعضوية وزيري الكهرباء حسن يونس والخارجية محمد العرابي. ومن الجدير بالذكر فإن المسئولين بجمهورية جنوب السودان يقدرون بصفة كبيرة العديد من المساعدات التي قدمتها مصر للجنوبيين في مجالات الكهرباء وفي التعليم ولاسيما أن هناك فرعا لجامعة الإسكندرية في الجنوب.. ويري المسئولون في الجنوب أن التطورات الإيجابية التي يشهدها الجنوب باستقلاله ومصر بتغيير النظام السياسي تؤشر لبداية مرحلة جديدة أفضل للبلدين وفي علاقاتهما سويا.. وقد أكد الدكتور يحيي الجمل أن مصر حكومة وشعبا ومجلسا عسكريا تؤيد الجنوبيين وتسعي لمساندتهم في هذه المرحلة المهمة من تاريخهم وأوضح وزير الخارجية العرابي بأن مستوي الوفد الذي أرسله مصر يعكس مدي تقديرها للجنوب.. وأكد وزير الكهرباء حسن يونس استمرار الدعم المصري للجنوب في مشروعات الطاقة المختلفة. مخاوف متعددة وبمجرد إعلان جمهورية جنوب السودان بدأ العديد من الخبراء والمحققين في الشئون السودانية في الإفصاح عن مخاوفهم من أن يكون انفصال الجنوب بداية لسلسلة من المشكلات بما ينعكس بالسلب علي السودان وعلي دول القارة الأفريقية وأكدوا أهمية سعي دول السودان في الشمال للعمل علي نزع فتيل الأزمة في إقليم دارفور لتهدئة التوتر والحد من أي دعاوي انفعالية جديدة تضعف من كيان السودان. وهناك من يتخوف من استمرار النزاع حول »أبيي« وجنوب كردفان بما قد يؤدي إلي اشتعال حرب جديدة بين الشمال والجنوب. ويري المتخصصون بأهمية سعي الشماليين لتغيير الدستور لمراعاة حقوق الأقلية والتقسيم العادل للسلطة والثروة تجنبا لأي انفعالات جديدة.. وعلي كافة الأحوال فقد حرص رئيس جنوب السودان سلفا كير في كلمته التي ألقاها عبر حلفه اليمين بالتأكيد علي أن جنوب السودان منذ اللحظة الأولي من الاستقلال قرر تجاوز كافة العقبات بروح جديدة من الأمل والتسامح والتصالح مؤكدا أن جمهورية الجنوب ستكون دولة متعددة الأعراق والثقافات واللغات في ضوء مجتمع علماني يحترم مصالح كافة المواطنين وحرياتهم.. وأكد كير أن جمهورية جنوب السودان ستلتزم بتعزيز العلاقات الأخوية والتعاون مع كافة الدول بما فيها جمهورية السودان مشيرا إلي الروابط الكبيرة معها. وقد ناشد الرئيس الكيني، الرئيس عمر البشير بأن تعمل حكومة الشمال علي دعم دولة الجنوب الوليدة.. وقد أشاد نائب رئيس جمهورية جنوب السودان بالدور البارز الذي لعبه الرئيس السوداني عمر البشير في تحقيق السلام في السودان ووصفه بأنه رجل عظيم أشرف علي توقيع اتفاقية السلام وتنفيذ بروتوكولاتها بشجاعة وأثبت بذلك بأنه من خير قادة السودان ودخل التاريخ من أوسع أبوابه كقائد شجاع وحكيم. وعلي كافة الأحوال فالآمال تنعقد علي أن تتبدد المخاوف التي يشير إليها البعض من احتمال اندلاع النزاع والتوتر من جديد إذا لم يتم حل المشاكل العالقة بين الشمال والجنوب السوداني بحكمة وفي أسرع وقت.. وعلي الشماليين والجنوبيين البدء ومن هذه اللحظة في السعي لحل كافة الخلافات بصفة سلمية والتوجه نحو دعم واستمرار سياسة التعاون والاتجاه نحو مشروعات التنمية المشتركة فيما بينهما من أجل صالح الشعب السوداني في الشمال والجنوب فدولتا السودان وبالرغم من الانفصال سوف تظل الروابط القوية بينهما وتصب في اتجاه التعاون والمشاركة ووحدة المصير وعليهما اختيار هذا التوجه ونبذ توجه الفرقة والصراع لكي يظل السودان بشماله وجنوبه واحة الأمن والاستقرار والتنمية.