يبدو أن المصالحة بين حركتي التحرير الوطني فتح والمقاومة الإسلامية حماس لا تزال بعيدة كما أن النوايا الطيبة وحدها لحكومة د0عصام شرف لاتكفي لإنجاز مصالحة حقيقية تعيد اللحمة بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وحتي الآن وبعد نحو ثلاثة أشهر من توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة مازال انجاز الاستحقاق الفلسطيني متعثرا علي عقبة تشكيل حكومة الوحدة التي تتولي الإعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية ولا سيما أن شرعية الرئيس أبومازن وحكومة غزة مفتقدة ووجودهما أقرب إلي الأمر الواقع منه إلي التعبير عن إرادة الفلسطينيين المهم أن الرهان علي إعادة توحيد الصف الفلسطيني مهدد بالسقوط مثلما سقط رهان أبو مازن منذ خلافته لأبو عمار في تحقيق سلام عادل مع إسرائيل يعيد الحد الأدني من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة في عدوان5 يونيو1967وهو ما يشكل كابوسا لرهان جماعة أبومازن علي الذهاب إلي الأممالمتحدة في سبتمبر المقبل للمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة بعدما لحقت مساعي الرئيس الأمريكي باراك أوباما بسلفه بوش الإبن ولم يتمكن من ممارسة أي ضغوط علي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف بناء المستوطنات في الضفة والقدس المحتلة مما يتعذر معه قيام دولة فلسطينية متواصلة الأجزاء وقابلة للحياة إن فشل المصالحة بين فتح وحماس أكبر خدمة يقدمها الأخوة الأعداء للدولة العبرية التي تخطط من الآن لإجهاض المسعي الفلسطيني في الأممالمتحدة كما يضعف موقف أبومازن ويجعله يعجز عن حشد الأصوات اللازمة لمشروعه لتلافي الاصطدام بالفيتوالأمريكي الذي لن يتردد أوباما لحظة في إشهاره ليتأكد للجميع أنه مرشح إسرائيل للبيت الأبيض وليس مرشح حماس مثلما صورته الميديا الإسرائيلية إن التاريخ لن يرحم فتح وحماس اللتين أضاعتا القضية الفلسطينية بأيديهما وتفرغتا للصراع علي كعكة السلطة المسمومة حتي قبل تحرير أراضيهما من نير الاحتلال متناسين أن كل يوم يمر دون المصالحة يخدم إسرائيل ويساعدها علي التهرب من استحقاقات عملية السلام العبثية التي لم يعد لها أي معني أو جمهور مما يحتم علي الفلسطينيين أن يبتكروا وسيلة أخري لإسترداد أرضهم فطوال20 عاما من المفاوضات لم تعد الحقوق لأصحابها واستغلت تل أبيب الصور التذكارية مع قادة فلسطين لتحسين صورتها حول العالم مما يعني أن خيار أوسلو يحتاج إلي مراجعة بما في ذلك حل السلطة الفلسطينية والعودة لأوضاع ماقبل توقيع الاتفاق الذي مات باغتيال اسحق رابين حيث لا يوجد قادة في إسرائيل قادرون علي انجاز السلام مثلما حدث مع مصر ولولا الانقسام الفلسطيني ماتيسر لإسرائيل إحكام الحصار علي قطاع غزة من الجو والبحر ولما أقنعت اليونان بمنع اسطول الحرية2 من التوجه إلي غزة لكسر الحصار الظالم المفروض علي القطاع منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام2006 وهو ماتكرر الثلاثاء الماضي مع سفينة الكرامة الفرنسية التي كانت تقل نشطاء أوروبيين بهدف كسر الحصار وتذكير الضمير العالمي بمأساة مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في سجن مفتوح ومحرومون من الغذاء والدواء إن المصالحة الفلسطينية لم تعد ترفا لفتح التي سقط رهانها علي السلام أو لحماس التي فشلت في الجمع بين المقاومة والسلطة فقد كان فوز حماس في الانتخابات التشريعية خصما من رصيدها في العمل المقاوم علي غرار ما حدث في الانتفاضة الأولي عام1987 والتي توجها اتفاق أوسلو لكن بعد الانتخابات لم تقدم الحركة تجربة ناجحة في العمل السياسي تحقق تطلعات الفلسطينيين ولم تنجح في مواصلة العمل المقاوم ضد إسرائيل وبالتالي فإن الانقسام الحالي هو أفضل ماتتمناه تل أبيب وتعمل بكل طاقتها للإبقاء عليه ولاننكر أن أحد أسباب تعثر المصالحة الفلسطينية حالة الغموض التي تلف المنطقة فالوسيط المصري لديه من المشاكل مايكفي وليس عنده فائض لإهداره مع طرفين لم تصف نواياهما وما يزال كل منهما ملتحقا بمعسكر إقليمي ودولي مناويء للآخر أضف إلي ذلك الفتور الذي استقبلت به واشنطن اتفاق المصالحة وفتح معبر رفح أما إسرائيل فقد هاجمت الاتفاق منذ لحظة ميلاده واعتبرته رسالة غير مطمئنة من مصر الجديدة كما ذهبت إلي أن أبومازن اختار حماس علي حساب السلام مع نتنياهو وهو السلام الذي لن يتحقق مطلقا طالما استمرت قواعد اللعبة الحالية فعملية السلام بين طرفين أحدهما يفاوض من أجل استرجاع حقوقه دون أن يملك أي أدوات ضغط والآخر يفاوض بنية إضاعة الوقت وتكريس الواقع علي الأرض انتبهوا أيها الفلسطينون قبل أن تقضم إسرائيل ما تبقي من حلم الدولة المستقلة الذي بات كابوسا لكل مناصر للحق الفلسطيني