أنا رجل كتبت عليه الأقدار أن يموت علي قيد الحياة انتظر الساعة التي أغادر فيها الدنيا بعد أن أصابني المرض الذي لا شفاء منه. كنت رجلا موفور الصحة مفتول العضلات أشق الحيطان بكف يدي كما يقولون ولكنها الأيام كتبت علي أن أعيش مصيرا مجهولا وأنا لم أتجاوز بعد عقدي الرابع من العمر ولي أربعة أولاد هم الحلم والأمل كنت أعيش من أجلهم وأرسم في خيالي ذلك اليوم في المستقبل الذي سوف يكبرون فيه وأراهم وقد تخرجوا في الجامعة وتزوجوا وأحمل أحفادي بين يدي ولكنها مجرد خيالات بلا حياة كتب عليها أن تدفن معي وأتركهم للدنيا بلا عائل صغارا في نعومة أظفارهم. أدرك أن لكل داء دواء وأخضع صاغرا مستسلما لعلاجات الإشعاع والكيماوي ولكن بلا أمل حقيقي في الشفاء غير عذاب بائس أتجرعه ألما مفزعا مع كل جلسة إشعاع, كما أعرف أنها النهاية لا محالة ما جعلني أتصرف في كل ما أملك بالبيع وأضعهم في وديعة لصالح الأولاد وأمهم ينفقون من عائدها من بعدي.. ولكنه الانتظار الممل المقيت لساعة أوقن أنها آتية لا محالة وكلما امتدت الأيام بي وطالت الليالي أشعر بالموت يتسرب لجسدي النحيل بطيئا معذبا فأموت ألف مرة في كل يوم. أكتب لك و لعلها تكون الرسالة الأخيرة ليس أملا في مساعدة مالية ولا بحثا عن علاج باهظ التكاليف ولكنه الأمل والرجاء في رب العزة أن تشرق بداخلي نورانية الحلم من جديد في الشفاء ولو أن هناك طبيبا أو استشاريا يبحث حالتي ويجد فيها ثغرة من رجاء فلربما يوم أعيشه في الحياة جديد هو الدعم الحقيقي لأولادي. ب. م. القاهرة يا أخي لا تستسلم لليأس يملأ صدرك حزنا و مرضا.. أين إيمانك بالله وقضائه وقدره.. هل غادرك اليقين في حكمة الله فيما يكتب لعباده من مصائر وعجزت حتي عن الأمل والرجاء في رحمته. وسبحان الله الذي قال في محكم آياته مخاطبا عباده ممن أكلهم اليأس قل ياعبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. ومن قال لك إن الشفاء في مثل حالتك مستحيل أو أن الموت يترصدك يوما بعد يوم, هل يعلم الغيب إلا الله الذي بيده كل شيء وهو العزيز القدير. أدع الله يا أخي بقلب صادق مفعم بالإيمان أن يمن عليك بالشفاء الذي لا يغادر سقما فلا يرد القدر إلا الدعاء فاعشم في ربك واطمع فيه ستجده أقرب إليك من حبل الوريد, أما أولادك فلهم رب هو أرحم بهم منك فلا تخش عليهم في معيته وأدع ربك أن يخرجوا للدنيا وهم أولاد صالحين يدعون لك ويترحمون عليك ولا تبتئس فكلنا رهن أقدار الله وعلي يقين أن لكل منا ساعة لابد آتية و ليست المشكلة في الموت بقدر الرجاء في رحمة المولي عز وجل أن نموت وهو سبحانه راض عنا.