تجسدت مبادئ ثورة23 يوليو والتي يمر علي ذكراها65 عاما, في السينمابشكلواضح من خلال عدد من الأفلام رغم قلتها إلا أنها رصدتها عن قرب, فتناولت السينما الثورة بشكل مباشر وغير مباشر حيث إنها أثرت في كل نواحي الحياة في مصر اجتماعيا وثقافيا وفنيا واقتصاديا. عبرت السينما عن التحول الذي حدث للمجتمع المصري راصدة ارهاصات الثورة في أعمال مثل الله معنا وغروب وشروق, الباب المفتوح, في بيتنا رجل, الأرض, وأيضا عبرت عن الثورة بشكل واضح في أعمال مثل رد قلبي عندما استطاع علي أن يعبر عن حبهلإنجيابنة الأثرياء, وفي أعمال أخري عبرت عن نتاج هذه الثورة ومبادئها مثل ناصر56, الأيدي الناعمة, الحقيقة العارية, لكن هل كان هذا كافيا لثورة بحجم23 يوليو شارك فيها الشعب مع جيشه لتحقيق العدالة والمساواة. قالالسيناريستبشير الديك إن ثورة23 يوليو فتحت بابا لتغيير الواقع, فكانت ثورة بمعني الكلمة وشملت كل نواحي الحياة من ثقافة واقتصاد ومهدت الطريق للفن وعبر عنها المطربون, مثل عبد الحليم حافظ, وأم كلثوم, وعبد الوهاب. أما السينما فكان تأثرها بالثورة واضحا نتيجة التغيير الجذري الذي حدث في النظام الاجتماعي بعد أن كانت نسبة الفقراء99% من الشعب تحولوا لأصحاب أملاك, والانتقال من الملكية إلي الجمهورية, وظهور شعرات جديدة كانت واضحة بالسينما مثل ارفع رأسك يا أخي قد مضي عهد الاستعباد, الكلمة للشعب وغيرها, كل هذا كان تغييرا هائلا عبرت عنه السينما بشكل جيد. وأوضح بشير أن السينما تأثرت بالثورة وعبرت عنها بشكل مباشر فقدمت أعمالا تناولت قصتها ومبادئها, وبشكل أيضا غير مباشر حيث تغيرت الأفكار التي تناقشها وحملت الفكر الاشتراكي الذي كان موجودا هذه الفترة والاستقلال الاقتصادي, وهذا أحدث نقلة في مشاعر الجماهير, وأصبحت هناك أحلام تتحقق, ففي الثقافة كان العظيم ثروت عكاشة الذي حلم بوجود أوبرا ومسرح في كل محافظة وبدأ في تحقيق ذلك بالفعل, وانتشرت قصور الثقافة في كل مكان واصبحت الناس تتناقش حول أفكار وكتب واستمر هذا التغيير حتي حدث الانفتاح. وأشار بشير الديك إلي أن العقل المصري في هذه الفترة بدأ نشيطا وحيويا وكان الأدب المعبر الأول عن الثورة وشهدت هذه الفترة انطلاقة كثير من الكتاب, لأن الكاتب يتعامل مع الموقف باحساسه فكان من الطبيعي أن يسبق السينما وتأخذ هي عنه بعد ذلك خاصة أن معهد السينما نشأ عام.1964 وقالت الفنانة لبني عبد العزيز اعتقد أن ثورة23 يوليو رغم ان مرور65 عاما عليها إلا أن السينما لم تعبر عنها كما يجب لأن الإنتاج محدود ولا أحد يأخذ خطوة تجاه هذا التفكير الانتاجي, رغم أن في أوروبا وأمريكا عبروا عن الحرب العالمية في أكثر من عمل, لكن السينما الآن لدينا تميل أكثرللفرفشةأو الدراما, ومن حين لآخر نعمل حاجات رمزية عن رموزنا وتاريخنا لكنها ليست في الخطة الأساسية للإنتاج السينمائي المصري, فالثورات والأحداث الوطنية لا يوجد لها نصيب جيد بالسينما. وناشدت لبني عبدالعزيز المسئولين عن عملية الانتاج السينمائي تقديم أفلام تكون عنوانا في الخارج تسافر المهرجانات, و تعرف الناس بنا وبتاريخنا, الأدب سباقا والسينما المستفيد المتتبع للأعمال التي تناولت ثورة يوليو سينمائيا سيجد أن معظم الأعمال مأخوذة عن روايات وقصص لأدباء كبار, عبروا عن الحدث فور وقوعه, فكان الأدباءالمستشعرالأول لأهمية الثورة ثم جاءت السينما لتستغل هذه الأعمال وتقدمها في صيغة جديدة تعيش أيضا لسنوات, فكان فيلم الله معنا1955 قصة لإحسان عبد القدوس, كتبها للسينما أحمدبدرخانالذي أخرج الفيلم أيضا, بطولة فاتن حمامة وعماد حمدي, ويتناول فترة ما قبلالثورة أثناء حرب فلسطين عندما ذهب الضابط عماد للمشاركة في الحرب بعد أن يودع خطيبته ابنة عمه التاجر الثري, يصاب ويتم بتر ذراعه, وتحدث حركة تذمر بين رجال الجيش وأن هناك رجالا وراء توريد الأسلحة الفاسدة للجيش منهم عمه, ليتكون مجموعة من الضابط الأحرار الذين أخذوا علي عاتقهم أن ينتقموا لوطنهم. أما فيلم رد قلبي مأخوذ عن رواية ليوسف السباعي1957, بطولة شكري سرحان ومريم فخر الدين, وحسين رياض, وأصبح الفيلم أيقونة تعبر عن الثورة بتفاصيلها من خلال قصة حب شاب فقير ابنجنايني لأميرة ثرية, لكن حبهما لا يري النور في ضوء التفرقة الطبقية, وتأتي الثورة التي أزالت الحواجز الطبقية لتستطيع قصة الحب أن تستمر وتخرج للنور, والعمل إخراج عز الدين ذو الفقار الذي كتب السيناريو للسينما. أما فيلم الباب المفتوح1963 فهو مأخوذ عن رواية للطيفة الزيات كتب السيناريو مخرج الفيلم هنري بركات, بطولة فاتن حمامة, وصالح سليم, محمود مرسي, والتي تدور أحداثه حول ليلي التي تعيش في أسرة متوسطة, وتحاول أن تثور وتشارك في المظاهرات لكن يكبحها والدها بعنف ويعاقبها بشدة. وبعد أن تفقد ثقتها في المجتمع, وتقابل فيما بعد صديق أخيها الثوري والمنفتح فتعجب به, لكن تتعقد الأحداث بسبب الأحداث السياسية والاجتماعية. فتبدأ رحلتها من أجل إيجاد ذاتهابعيداعن أفكار المجتمع المناقضة لما تؤمن به. وكان فيلم القاهرة196630 معبرا قويا عن ارهاصات الثورة ومحاولات الشباب الخروج بالوطن من أياديالفسدةالمستغلين للطبقات الأقل, والعمل قصة لنجيب محفوظ أعدها سينمائيا المخرج صلاح أبو سيف, بطولة سعاد حسني, أحمد مظهر, حمدي أحمد, عبد العزيزمكيوي. و فيلم غروب وشروق1970 والذي كانت بطلته أيضا سعاد حسني بمشاركة رشديأباظة, محمودالمليجي, وبدأت أحداثه بعد أن تم إخماد حريق القاهرة في يناير1952, يطمئنعزمي باشا رئيس البوليسالسياسيبأن الموقف تم السيطرة عليه وتتعرف ابنته المطلقة علي طيارمدني ويتزوجان, ويقيمان بداخل القصر, وتتسبب في فضيحة لزوجه, وبعد أن يقتله والدها وتتزوج صديقه عصام الذي يتفق مع عناصر وطنية لكشف رئيس البوليس السياسي, والعمل تأليف اللواء جمال حماد وكتب السيناريو رأفتالميهي, وأخرجه كمال الشيخ. أما فيلم الأيدي الناعمة1963 والذي عبر عن قيم الثورة وخاصة قيمة العمل بلمحة كوميدية رومانسية, من تأليف توفيق الحكيم عام1958, وكتبه لسينما يوسف جوهر, وأخرجه محمود ذو الفقار, بطولة أحمد مظهر, وصباح, مريم فخر الدين, صلاح ذو الفقار. وكتب أيضا إحسان عبد القدوس رواية في بيتنا رجل التي تحولت لفيلم1964 بطولة زبيدة ثروت, ورشديأباظة, وعمر الشريف, وكتب السيناريو يوسف عيسي, إخراج هنري بركات. والذي تبدأ أحداثه بعد نجاح إبراهيمحمديفي اغتيال رئيس الوزراء المتعاون مع الاستعمار ويتمكن من الهروب بعد إلقاء القبض عليه ويلجأ إلي منزل زميلهالجامعيوترفض أسرته إيواءه في أول الأمر لكنها تقبله في النهاية. 23 يوليو بوابة لسينما جديدة لثورة23 يوليو علاقة وطيدة بالسينما, فرغم قلة الأعمال التي تناولتها إلا أنها فتحت الباب أمام النشاط السينمائي والفني والثقافي فساهمت الدولة في حينها في عملية الإنتاج وأتاحت الفرصة لظهور أجيال جديدة دارسة لكل التقنيات الحديثة في الصورة والديكور وغيرها, بعد أن أقيمت أكاديمية الفنون بمعاهدها الفنية المختلفة خاصة السينما والمسرح. قال المخرج محمد فاضل إن ثورة يوليو جعلت للقوي الناعمة دورا كبيرا في الوطن, من سينما ومسرح وشعر وجميع الفنون جميعها كان لها دور كبير في تقديم الثورة إلي الناس, وثبتت أهدافها في عقولهم وحثتهم علي العمل, واحتضنت الثورة القوي الناعمة واكتشفت مبدعين شبابا وشجعت علي إنشاء أكاديمية الفنون ومعهد السينما, فرغم أن مصر لديها نشاط سينمائي من الثلاثينيات إلا أنه كان اجتهادا, ليتحول إلي عمل مبني علي دراسة أكاديمية علمية, وتخرجت دفعات موجودة في كل فروع العمل السينمائي من إخراج وديكور وتصوير وانتاج, بجانب ارسال البعثات للخارج, وجلب خبراء أجانب لتعليم علوم السينما ومعهد الفنون المسرحية والباليةوالكنسورفتوار, فاصبح لدينا موسيقيون للموسيقي التصويرية بشكل علمي, وتم تدعيم معهد الموسيقي العربية الذي أسس في العصر الملكي,وأنشيءمعهد النقد الفني. وأضاف أن تأثير الثورة طال الإذاعة أيضا فعندما قامت الثورة وأذيع بيانها الأول لم يكن موجود الا اذاعة الشريفين الاذاعة المملوكة للحكومة, لكن بعد ذلك ظهرت صوت العرب, والشرق الأوسط, والقرآن الكريم وإذاعات أخري موجهة لإفريقيا, كما تم التفكير في إنشاء التليفزيون بعد أربع سنوات من الثورة وافتتح عام1960, وكانلماسبيرودور كبير في تطوير الإعلام في مصر وكانت هناك برامج وقنوات ثقافية, ثمأنشيء مسرح التليفزيونواستعانكل خريجي معاهد الفنون والفنانين وكثير منهم نراهم في مقدمتهم الزعيم عادل إمام الذي أخذ فرصته علي مسرح التليفزيون, ثم انشئت12 فرقة مسرحية, وفرق الفنون الشعبية ومسرح العرائس, وكان لفرقة رضا وهي فرقة خاصة نصيب أيضا من دعم الدولة التي احتضنتها, كل هذا كان في رعاية الدولة ولم يتوقف القطاع الخاص أيضا عن العمل, كانا يعملان بالتوازي, ثم نقلة الدراما التليفزيونية وتقديم كتاب وممثلين مثل نور الشريف, ومحمود ياسين وغيرهم انتقلوا للسينما بعد ذلك ومخرجين أمثال عاطف الطيب وخيري بشارة. وأوضح فاضل أن الوثائق موجودة تشهد علي هذه الفترة وما قدمته للفن والثقافة بعد إنشاءالثقافةالجماهيرية وهيئة الكتاب فكان هناك كتاب كل6 ساعات وكان سعره قرشين, وحفلات أضواء المدينة التي قدمت كبار المطربين منهم عبد الحليم حافظ. وأشار إلي أن السينما عبرت عن الثورة من كل النواحي بأفلام مهمة مثل الأرض, والمواطن مصري, القاهرة30, القضية68 فكلها أعمال عبرت عنها بجانب الأعمال المباشرة وبدأت تظهر شخصيات ومهن لم تكن موجودة في السينما مثل الفلاحين والعمال, وأيضا رمت الثورة بظلالها علي رحلات كفاح مثل فيلم بورسعيد, وأفلام أخري عبرت بطريقة غير مباشرة مثل شيء من الخوف,البوسطجي, في بيتنا رجل كل هذا عبر عن التغيير الذي حدث في المجتمع كما كان هناك أفلام عن السد العالي, لكنها لم تكن بالمستوي الذي يليق به, لكن انشغال الدولة بالأحداث السياسية بعد1967 والصراعمع المستعمر أثر علي العمل السينمائي ودعمه. وقالت الناقدة ماجدة موريس إن ثورة يوليو فتحت المجال العام وأقامت مؤسسات لم تكن موجودة عرفوا المصريين حب السينما والبالية, فهي أكثر منطقة في تاريخ الحكم السياسي المصري حيث اهتمت بالثقافة والفنون حتي الآن, وأسست المؤسسة العامة للسينما التي دعمت من خلالها الدولة صناعة السينما, حتي إن في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي والاستفتاء الذي قام به سعد الدين وهبة عن أفضل الأفلام في تاريخنا السينمائي كان معظم الأفلام التي اختيرت من ضمن100 فيلم في الفترة من1962 حتي1972 وهي الفترة التي دعمت مؤسسة العمل السينمائي, الفن السابع فأعطت الثورة الكثير للعمل السينمائي, لكن لا أعتقد أن الافلام أعطتها حقها في تناولها سينمائيا, لأنالإنتاجأقل من أن يعبر عن حدث بهذا الحجم.