سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رمضان كريم .. وأقبل موسم الطاعات
د. محمد أبو حامد: رمضان فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله
د. رشدي شحاتة: ثورة علي العادات السيئة وإيقاظ للجهاز الرقابي داخل الإنسان
تدور الأيام دورتها وتتوالي الشهور ويهل علينا شهر رمضان أفضل الشهور علي الاطلاق فيستقبله المسلمون بالفرح والسرور ويرجون فيه رحمة العزيز الغفور, فهو منحة ربانية تضاعف فيه الحسنات ويعظم الثواب ويغدق الله علي عباده النفحات ويفتح لهم أبوابا من الخير والمغفرة, وتفتح فيه أبواب الجنة فلا يغلق منها باب وتغلق فيه أبواب النار فلا يفتح منها باب, وتغل فيه الشياطين, وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر فلا مكان لك في هذه الأيام الطيبة فيقبل أهل الإيمان علي ربهم. وهو شهر نزول القرآن الكريم هدية الله لخلقه قال تعالي: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه, البقرة:185]. ولقد أعطي الله عز وجل للصائمين من أمة النبي محمد صلي الله عليه وسلم في هذا الشهر خيرا كثيرا وثوابا عظيما لا يستطيع القلم أن يحصره ولا اللسان أن يذكره حول كيفية الاستفادة من شهر رمضان. يوضح الدكتور محمد إبراهيم حامد, المساعد العلمي لمدير عام المراكز الثقافية بوزارة الاوقاف ان من جملة العطاء الإلهي في رمضان ما أخبر عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال: أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي, أما واحدة: فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إليهم, ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا, وأما الثانية: فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك, وأما الثالثة: فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة, وأما الرابعة: فإن الله عز وجل يأمر جنته فيقول لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلي داري وكرامتي, وأما الخامسة: فإنه إذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا فقال رجل من القوم: أهي ليلة القدر؟ فقال: لا, ألم تر إلي العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم. ويضيف حامد أن الصوم لكي يحصل منه علي الثمرة المرجوة لابد أن نتلمس فيه هدي النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ونسير علي خطاه, فقد كانت له صلي الله عليه وسلم جملة من السلوكيات النهارية والليلية في هذا الشهر حتي لا يضيع منه الثواب ولا الأجر, وحتي لا يفوت لحظة من لحظات هذا الشهر المبارك دون أن يستثمرها في طاعة الله عز وجل, وعلي كل مسلم أن يبذل وسعه وطاقته في الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم, قال تعالي: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا, الأحزاب:21] اما عن جملة السلوكيات المرفوضة في غير رمضان ويتأكد رفضها في شهر رمضان منها: قول الزور وشهادته أو العمل به, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به, فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه, رواه البخاري] فمن صام ولم يترك الكذب والعمل به فلا قيمة لصيامه, قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: إذا صمت فليصم سمعك, وبصرك, ولسانك عن الكذب والمحارم, ودع أذي الخادم, وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك, رواه ابن المبارك في الزهد]. ومنها أيضا: السهر من غير فائدة, فالوقت أمانة واستثماره في الطاعة واجب وتضييعه والتفريط فيه منهي عنه شرعا, والاسراف والتبذير في المأكل والمشرب والملبس, والله عز وجل نهي عن ذلك علي العموم فقال: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين, الأعراف:1] وآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا* إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا, الإسراء:26-27]. ويختتم حامد كلامه بقوله إن شهر رمضان يعد فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله عز وجل, ونتخذ منه سببا للعمل والانتاج, فهو شهر اجتهاد وجد وعمل, لا كسل وخمول, فما أكثر ما حققه المسلمون علي مر تاريخهم الطويل في هذا الشهر الكريم ليتعلم المؤمنون في كل زمان أنه شهر بذل وعطاء ودفع لمسيرة الأمة نحو التقدم والإنتاج. وإن الصائم الذي أرغم نفسه وحملها علي أن تجتنب ما هو مباح, وسيطر علي شهوات جسده, لقادر بإذن الله علي أن يجتنب ما حرم عليه من باب أولي في جميع أوقات العمر وهذه هي ثمرة الصيام, فرمضان فرصة لنتزود فيه من اكتساب الإرادة القوية ونتربي فيه علي الإخلاص والصبر والطاعات والأخلاق الفاضلة والتوبة النصوح واتقاء المعاصي, وهذه من أهم مقاصد الصوم الأساسية. ويشير الدكتور رشدي شحاتة رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة حلوان إلي أن الشريعة الإسلامية ذات منهج متكامل وضعه الخالق سبحانه وتعالي فيه الراحة النفسية والصحية والبدنية والعقلية وكل ما يتصل بحياة الإنسان ولذلك العبادات منها ما هو رياضي كالصلاة ومنها ما هو تكافلي مثل الزكاة ومنها ما هو تجديد لحياة الإنسان كالحج وفلسفة العبادات في الإسلام توجب علي المسلم ان يلتزم انطلاقا من الثقة في الله واليقين به متوكلا عليه لا يرتاب لقوله تعالي في, سورة الحجرات الاية15]: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا.. فلا يجوز ان يكون عند المسلم شك أو ريبة في كل مناحي المنهج الإسلامي ومن ثم يأتي رمضان بفوائده العقائدية التي تندرج تحتها الإلهيات والسمعيات والنبوات فيؤمن المسلم بها كلها ويزداد في رمضان يقينا وصدقا وايمانا لأنه سيحيي الجهاز الرقابي داخله فتكون الرقابة داخلية وخارجية وفي رمضان ايضا الصحة من خلال الامتناع عن الطعام والشراب فترة من اليوم حيث يعمل الجهاز الهضمي في اثناء هذه الفترة علي تنظيف نفسه بنفسه كما اثبت ذلك الطب الحديث فعندما يصوم الانسان تأكل المعدة بعضها وتقضي علي البكتيريا الضارة في جسد الإنسان مصدقا لقوله صلي الله عليه وسلم: صوموا تصحوا واذا أكلت فيجب ان تنهض وأنت تشتهيه, حيث قال: ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث للهواء وكلها من الفوائد الصحية للصوم ولذلك قال صلي الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في رمضان من الخير لتمنوا أن يكون العام كله رمضان, بالإضافة لكونه فرصة لتقوية إرادة الانسان وثورة علي العادات والتقاليد, حيث يقع الانسان في خطأ شنيع عندما تتحول العبادات إلي عادات فلا بد من اليقظة لهذا الخطأ عندما يأتي رمضان فإنه يحدث في حياة الانسان ثورة علي عاداته السيئة, فضلا عن التكافل الاجتماعي من صلة الأرحام وإخراج زكاة الفطر كل هذه الأمور تجعل من صام رمضان إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. ويقول شحاتة إن المسلم يجب عليه انطلاقا من قوله صلي الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته, أن يكون مسئولا عن نفسه أولا ثم من يعول من زوجة وأولاده بأن يعلمهم مكانة ومنزلة الشهر الكريم وكيفية استقباله وأهمية أداء العبادات فيه ولا يكتفي بذلك بل يتابع التنفيذ عن قرب مطبقا سياسة الثواب والعقاب. وطالب شحاتة بضرورة إحياء فريضة حب الوطن بالدعاء مع الأسرة وقت الإفطار بأن يحفظه من كل شر.