تشير معطيات السياسة الخارجية المصرية خلال الأعوام الأربعة الأخيرة إلي تحولات فارقة علي الصعيدين الإقليمي والدولي, دفعت إليها قرارات استندت لتوجهات جديدة إزاء ديناميات علاقتها مع شركائها الاستراتيجيين في دوائر العلاقات المتعددة, التي كانت تعرضت لإرادات صعبة بفعل مجريات الأوضاع المحلية خلال مرحلة ما قبل30 يونيو2013, ويمكن القول بأن نظام يونيو أعاد هندسة تلك السياسات وهو ما أفصحت عنه التحركات الخارجية للرئيس عبد الفتاح السيسي.وما أفرزته علي الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية فضلا عن بعدي الطاقة ومكافحة الإرهاب. فدوليا, ومنذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم, سعي جاهدا إلي تطوير العلاقات المصرية الدولية, والتي حققت تقدما علي المستوي الاقتصادي والعسكري, من خلال تبادل الزيارات بينها وبين العديد من الدول ويعد أهم تلك التطورات, هو التطور غير الملحوظ من قبل في العلاقات المصرية الروسية, فكان موقف روسيا منذ30 يونيو مغايرا للمواقف الغربية الأخري, حيث دعمت الوضع المصري وقدمت عددا من العروض لدعم الجيش المصري بالسلاح, والاستفادة من خبراتها في مجال البناء وتشييد المشروعات, بالإضافة إلي التعاون المشترك في المجال النووي. كما أجري الرئيس السيسي زيارات لدول أوروبية رسمت ملامح تطورات السياسة الخارجية المصرية, التي شهدت فتورا منذ عقود, حيث قام بزيارة إلي اليابان في فبراير2016, وأخري إلي فيتنام تعد هي الأولي لرئيس مصري منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كما يعد من أهم التطورات علي المستوي الدولي حصول مصر علي مقعد غير دائم في مجلس الأمن, تستطيع من خلاله مناقشة وحل القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمة الليبية والسورية, كما استطاعت وضع قضية مكافحة الإرهاب علي أجندة المجتمع الدولي, وترأست اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب داخل مجلس الأمن, وفي الدائرة الخليجة استعادت العلاقات حيويتها وتنامت في سياق تشكل تحالف تجاه القضايا المختلفة. أما علي صعيد دول الأزمات: ففي الوقت الذي تشهد خلاله الساحة العربية اشتعالا للأزمات في العديد من الدول سوريا, ليبيا, اليمن, فلسطين, العراق, اتخذت مصر تجاهها موقفا مستقلا قائما علي الحفاظ علي الدولة الوطنية وأراضيها ووحدة شعبها, والتي تباينت إلي حد ما عن توجهات بعض الشركاء أحيانا, ففي سوريا بعد30 يونيو, أعلنت مصر دعمها لمسار التسوية السورية, والتأكيد علي وحدة سوريا من خطر التقسيم. وعلي صعيد الجبهة الغربية حيث الصراع في ليبيا شهدت الولاية الأولي لحكم الرئيس السيسي تحركات عسكرية في مواجهة العداء للدولة المصرية, كما عملت علي التعاون مع الجيش الوطني الليبي لتأمين الحدود المشتركة بين الدولتين, بالإضافة إلي دعم مسار التسوية في الصخيرات. وفي اليمن انضمت مصر إلي التحالف العربي لاستعادة الشرعية وارتكزت السياسة المصرية تجاه الأزمة علي دعم استقرار الدولة ووحدتها, وفي العراق دعمت مصر وحدة العراق ودعم جهوده في استعادة الأمن واستقراره, وتحظي القضية الفلسطينية بأهمية خاصة في سياسة مصر الخارجية, الداعمة لحل الدولتين, والمحافظة علي حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية. أفريقيا.. سعي الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه الحكم إلي إعادة العلاقات المصرية الأفريقية إلي وضعها الطبيعي, بدأت بنجاح الدبلوماسية المصرية في إنهاء حالة تعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي, كما تم تبادل الزيارات حيث استقبلت مصر العديد من الزعماء الأفارقة, وشهدت العديد من المحافل الأفريقية علي أرضها, ويعد من أهمها مؤتمر قادة الساحل والصحراء, ومنتدي أعمال أفريقيا, كما أن30% من زيارات الرئيس السيسي الخارجية كانت من نصيب دول أفريقيا. في النهاية يمكن القول إن السياسة الخارجية خلال الأعوام الأربعة الماضية, وضعت مصر علي مستوي متقارب من الدول الصانعة للقرار, وتمكنت من استعادة مكانتها القديمة بين الدول.