في شهر يوليو من العام الماضي, قدم بريد شيرمان وأل جرين, عضوا الكونجرس عن الحزب الديمقراطي مسألة عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للنقاش, لعرقلته سير العدالة خلال التحقيق فيما نسب إليه هو وأعضاء حملته الانتخابية من وجود علاقات تربطهم بروسيا. وقد عمم شيرمان, بيانا حينئذ قال فيه إنه وفقا لقانون المساءلة بموجب التشريع الأمريكي, تم طرح مسألة عزل ترامب, بسبب جريمة خطيرة, ألا وهي حنث اليمين الرئاسية, فيما يتعلق بحماية الدستور علي وجه الخصوص واستغلال وظيفته للضغط علي مجريات التحقيق في التدخل الروسي. يتضمن الدستور الأمريكي في المادة الثانية, إجراءات تسمي المنع والهدف منها إقالة موظفي الدولة الكبار( الرئيس, نائب الرئيس, الوزراء والقضاة الاتحاديين) في حال ارتكابهم جرائم الخيانة, والفساد والجرائم الكبري الأخري. واستخدمت إجراءات المنع ثلاث مرات في تاريخ الولاياتالمتحدة: الرئيس أندريو جونسون 1868: كان يحتل منصب نائب الرئيس في ولاية الديمقراطي أبراهام لينكولن, وتولي منصب الرئاسة بعد اغتيال لينكولن حيث خاض صراعا حادا مع الكونجرس الذي تسيطر عليه أغلبية جمهورية, نظرا لرغبته في تهدئة الأوضاع مع الولايات الجنوبية بعد نهاية الحرب الأهلية, بينما أراد الجمهوريون الإسراع في تطبيق الإصلاحات لصالح العبيد. صوتت أغلبية كبيرة في مجلس النواب لصالح إجراءات المنع, ولكن حكم الإدانة في مجلس الشيوخ كان ينقصه صوت واحد, ولم يقل أندريو جونسون من منصبه. ريتشارد نيكسون 1974: بسبب فضيحة ووترجيت, طرحت لجنة الشئون القانونية في مجلس النواب ثلاثة اتهامات ضده, تشمل عرقلة سير العدالة, التعسف في استخدام السلطة وإهانة الكونجرس, ولكن نيكسون سارع بالاستقالة من منصبه في8 أغسطس1974, وأصدر نائبه الذي خلفه في المنصب جيرالد فورد عفوا عن الرئيس السابق, وأوقف الكونجرس, بالتالي إجراءات المنع. بيل كلينتون 1998: أدت تبعات فضيحة مونيكا ليفنسكي, وتصرفات الرئيس الأسبق بيل كلينتون إلي أن يواجه تهمتي الحنث باليمين أمام هيئة المحلفين الكبري وعرقلة سير العدالة, ولكن55 من أصل100 عضو في مجلس الشيوخ, صوتوا في ختام المحاكمة لصالح براءة كلينتون. في كتاب نار وغضب في بيت ترامب الأبيض الذي يعد قنبلة زمنية من الممكن أن تعصف بمستقبله السياسي, يكشف مايكل وولف الكاتب الصحفي في صحيفة نيويورك تايمز تفاصيل الاجتماع الكارثة- الذي جري بين دونالد الابن بتشجيع من إيفانكا ترامب وزوجها كوشنر, قبل تولي ترامب الرئاسة بعام وتحديدا في التاسع من يونيو2016- بشخصيات روسية مرموقة, وعدته بإعطائه معلومات مضرة عن المنافسة في الانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون, مما أوقع الرئيس ترامب بعدها بسنة في فضيحة سياسية لم يستطع التخلص منها حتي اليوم, جعلت خصومه يتهمونه بالتواطؤ مع الروس للتأثير علي نتائج الانتخابات. ستيفن بانون, مساعد ترامب وكبير مستشاريه للشئون الإستراتيجية السابق, والذي عزله في أبريل2017, يؤكد للكاتب استحالة ألا يخبر ترامب الابن أباه باجتماع بهذه الخطورة والجدية, ولعله التصريح الذي سرع بخروجه من البيت الأبيض. صار ينظر فريق البيت الأبيض إلي ترامب علي أنه كاذب, بعد أن تأكد علمه بوقوع هذا الاجتماع رغم إنكاره في السابق, مما جعل الكثيرين من موظفي البيت الأبيض يبحثون عن مخرج من هذا القارب الذي يوشك علي الغرق, ويفكرون بجدية في الاستقالة. بالإضافة إلي ذلك, حدثت انشقاقات داخل العائلة المالكة, فالكثيرون رأوا أن كوشنر( صهر ترامب) هو من سرب تفاصيل هذا الاجتماع من أجل التخلص من ترامب الابن وتبرئة اسمه من التورط في هذه الكارثة. ولا زالت التحقيقات جارية حتي الآن بقيادة روبرت مولر.. فهل تثبت التهمة علي ترامب وتطبق عليه مادة المنع في الدستور ليصبح الرئيس الرابع في تاريخ أمريكا في العزل؟