شهد تاريخ الولاياتالمتحدة ثلاثة إجراءات لمحاكمة الرؤساء أمام الكونجرس، إلا أن أيا من تلك المحاكمات لم يسفر عن عزل الرئيس، حيث تمت تبرئة اثنين واستقال الثالث قبل أن تجري المحاكمة، فهل ينضم دونالد ترامب إلي قائمة هؤلاء الرؤساء المتهمين؟. ويعد الرئيس الأمريكي أندرو جونسون أول رئيس في تاريخ الولاياتالمتحدة يخضع للمحاكمة من قبل الكونجرس عام 1868، فقد وجه مجلس النواب لجونسون الرئيس السابع عشر لأمريكا تهمة ارتكاب «جرائم شنيعة وسوء تصرف» تمثلت أغلبها في انتهاكه لقانون يمنع رئيس الدولة من عزل أو تعيين أي مسئول في الحكومة إلا بإذن وموافقة الكونجرس، وهو ما خرقه جونسون عند إقالته وزير الدفاع، ولكن الرئيس جونسون المنتمي للحزب الديمقراطي أفلت من الإدانة والعزل بفرق صوت واحد فقط عندما فشل مجلس الشيوخ في الحصول علي عدد الأصوات المطلوبة للموافقة علي الإطاحة به. وتتعلق محاكمة جونسون في الأساس بالصراع الكبير بينه وبين الحزب الجمهوري الذي كان مسيطرا علي الكونجرس في هذا الوقت، إذ كان الرئيس يعارض خطط الكونجرس لإعادة الاعمار بعد الحرب الأهلية، فضلا عن معارضته منح الحقوق السياسية للعبيد المحررين. وجاء ثاني إجراء لمحاكمة الرئيس في تاريخ أمريكا بعد ذلك ب 106 أعوام خلال فضيحة ووترجيت الشهيرة التي أطاحت بالرئيس ريتشارد نيكسون عام 1974، واستقال نيكسون -وهو الرئيس ال37 للولايات المتحدة- قبل أي تصويت علي محاكمته في الكونجرس بعد أن بات مؤكدا أن أغلبية النواب سيصوتون لمصلحة عزله. وبدأت فضيحة ووترجيت في الظهور عام 1972 عندما كشفت تحقيقات تورط نيكسون، المنتمي للحزب الجمهوري، في التجسس علي مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبني ووترجيت، وتولي جيرالد فورد رئاسة البلاد خلفا لنيكسون وأصدر عفوا رئاسياً عن الرئيس الأسبق صاحب أكبر فضيحة سياسية في تاريخ الولاياتالمتحدة. ولعل أبرز المحاكمات وآخرها هي محاكمة الرئيس الأسبق بيل كلينتون بعد تفجر فضيحة مونيكا أو ما يطلق عليها إعلاميا «مونيكاجيت»، وبدأت إجراءات المحاكمة ضد كلينتون عام 1998 في مجلس النواب الأمريكي حيث وجهت له تهمتا حنث اليمين وعرقلة سير العدالة في إطار تحقيقات مستقلة لها حول اتهام كلينتون بإقامة علاقة غير شرعية مع متدربة بالبيت الأبيض هي مونيكا لوينسكي. وأقسم كلينتون في بداية الأمر أنه لم يقم أي علاقة جنسية مع مونيكا، ولكنه عاد بعد بضعة أشهر ليعترف بأن علاقته مع لوينسكي كانت خاطئة وغير مناسبة، خاصة بعد اعتراف مونيكا نفسها بتلك العلاقة، وبكل تفاصيلها المشينة. وبعد ذلك انتقلت المحاكمة لمجلس الشيوخ حيث تتم إجراءات الإدانة والعزل عادة، وتمت تبرئة كلينتون من التهمتين الموجهتين له عام 1999 بسبب عدم الحصول علي عدد الأصوات المطلوبة لإقرار الإدانة وهي ثلثا أعضاء المجلس أي 67 صوتا واستكمل كلينتون مدته الرئاسية حتي انتهائها عام 2001، وعند مغادرته الرئاسة كان كلينتون يحظي بشعبية جارفة بين الأمريكيين لم يحظ بها أي رئيس أمريكي منذ الحرب العالمية الثانية. فعلي الرغم من الفضائح الجنسية التي طالته، فإنه كان ولا يزال محبوبا لدي الشعب الأمريكي، لما حققه من نهضة اقتصادية كبيرة خلال فترة رئاسته حتي بلغ الفائض في الميزانية الأمريكية 559 مليار دولار عند تركه الرئاسة، وكاد الأمريكيون ينتخبون زوجته هيلاري رئيسة في انتخابات العام الماضي تقديرا لعائلة كلينتون، ولكن إعصار دونالد ترامب جرفهما معا!.