آفة العرب بصفة عامة هو افتقادهم لروح الفريق والعمل الجماعي, فتناسوا أن ديننا يدعو إلي الاتحاد وعدم التفرقة, كما تناسوا أيضا أن الحث علي استدعاء روح الجماعة والعمل كفريق واحد قد أخذ صيغا عديدة في الدين الإسلامي, بل امتد ليصل إلي مرتبة الأمر الإلهي للمسلمين فنجد قوله تعالي{ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}. فهل استجبنا لقوله تعالي؟ الإجابة تكمن في وضعنا الحالي. فإذا ما نظرنا إلي وضعنا كأمة عربية وإسلامية نجد أننا قد ابتعدنا كل البعد عن هذا الأمر الإلهي, فتركنا لأعدائنا فرصة التفرد بكل بلد عربي علي حدة, لم نسع إلي تكوين وحدة عربية مؤثرة عالميا, فنحن أمة قوامها أكثر من400 مليون عربي, ويجمعنا لغة واحدة, فكيف لا نكون قوة عظمي؟ الإجابة تكمن في أننا قد خالفنا الأمر الإلهي ولم نتحد. هل نظرنا إلي حسرة الاتحاد الأوروبي علي انسحاب بريطانيا من هذا التكتل الإقليمي؟, ووصل الامر إلي معارضة بعض الدول لهذا الانسحاب, هل استشعرنا إيمانهم بأهمية روح الاتحاد, وأن قوة الاتحاد الأوروبي تكمن في اتحاد دوله. هل أدركنا الأهداف المستترة لتدعيم الدول غير العربية لتقسيم دولنا العربية, فنري اليوم العراق ممزقا, واليمن لا غاية له, والسودان قد تشتت بالفعل, وليبيا قد استشري فيها الإرهاب, وسوريا تستبسل في المقاومة, والأكثر من ذلك في جعبة من يخططون لتمزيقنا. هل تيقنا من أننا قد أصبحنا فريسة أعدائنا, يوجهون دولنا العربية بحسب أهوائهم؟ الإجابة بالقطع نعم لمن يعي, ولكن السبب الرئيسي لما نحن عليه الآن هو أننا لم نتمسك بروح الفريق, ولم نعمل بروح الجماعة, فكل دولة اعتقدت أنها بمفردها يمكنها أن تصل إلي القوة المنشودة. فكانت النتيجة الطبيعية هي الوصول إلي التمزق والتشتت. لكن قد يرجع السبب الرئيسي لما وصلنا له هو عنصر الثقافة العربية والنظم التعليمية المتبعة, والذي بدوره ينعكس علي كل أوجه حياتنا, فينعكس ذلك علي تعامل طلابنا بينهم وبين بعضهم, وقدرتهم علي العمل بروح الفريق للوصول إلي أفضل النتائج التعليمية, فمن الممكن أن يتعاونوا علي ابتكار شيء جديد لا يمكن لفرد بمفرده القيام به.إذا ما نظرنا إلي التجربة اليابانية, فنجد أنه من أهم العناصر المميزة لنظام التعليم في اليابان هو اهتمامها بغرس روح الجماعة والعمل الجماعي والنظام والمسئولية, كما تعطي اليابان كلا من الجد والاجتهاد أهمية أكبر من مجرد الموهبة والذكاء. وبالطبع ينعكس ذلك علي كل من النظم الوظيفية المتبعة أولا, ثم الأداء الوظيفي للعمال أنفسهم في المرتبة الثانية, فما يميز الدول المتقدمة هو وجود منظومة عمل واضحة, وهو ما نطلق عليه نظامSystem, فنقول تلك الدول عندها نظام. أما بالنسبة للأداء الوظيفي في تلك الدول, فكل فرد يمكن تشبيهه بالترس الذي يعمل في ماكينة ما, له دوره ويؤديه علي أكمل وجه بل ويسعي إلي التجويد في أدائه بصفة مستمرة, لذا تنجح تلك الدول في الوصول إلي أهدافها التنموية. أما نحن فعلي النقيض تماما, بدءا من نظمنا التعليمية فنجد أن الفهلوة سمة مشتركة, والاجتهاد والجد قد يرقي إلي مرتبة الغباء, وبالتالي ننشأ علي حب التفرد والاقتناص والهبوط علي نجاحات الآخرين وأفكارهم, لذا لا يكتمل لدينا طريق نسير فيه إلا القليل, لذا علينا البدء من تعليمنا بالحث علي حب العمل الجماعي, وضرورة السعي نحو تحقيق التنمية والارتقاء بصفة مستمرة, علي أن نطبق تلك المبادئ في كل مناحي الحياة العملية.